لا أهمية للشهادة الجامعية!!
أطالع بين الحين والآخر آراء متعددة حول أهمية اكتساب الطالب للخبرات والمعارف التي تخوله للدخول لسوق العمل بنجاح. وهو امر لا خلاف فيه فالمهارة والتجربة تعزز من قدرة الطالب على التحليل المنطقي للمشاكل والتعامل مع متطلبات المهنة بكفاءة عالية. ولكن الخلاف في مبدأ المبالغة في الترويج للمهارات باعتبارها أحد أدوات المرحلة القادمة والتي تعتمد على الخبرة، والتجربة، والممارسة أكثر من الشهادة الجامعية. العجيب أن بعض أصحاب هذا الرأي هم من الفئات التي تبوأت نجاحات عملية في الإدارة، والتجارة، والأعمال. فهذا أحدهم يتغنى قائلاً: عينت شخص ليس لديه شهادة جامعية في وظيفة تحتاج إلى تأهيل علمي. والآخر يؤكد انه لا يحتاج إلى معماري؛ بل يحتاج إلى رسام يجيد استخدام برامج التصميم. هم ببساطة يحاولون الترويج لمبدأ المهارة على حساب العلم والمعرفة؛ إذ ليس من الضروري أن تفهم الأسس المنطقية للبناء، أو التصميم، أو الهندسة، أو حتى الطب؛ بل المهم أن تعرف كيف تمارسها. ليس المهم أن تدرس؛ بل المهم الثقة بالنفس، والحوار، والجرأة مع قليل من الثقافة. بعبارة أخرى، تعلم كيف تكون فهلوياً؟ تعلم كيف تكون قادر على الإقناع؟ حاول اجترار عناوين بعض الكتب، استخدام بعض المصطلحات الأجنبية أثناء الحديث لتبدو مثقف وهكذا تتسابق عليك كبرى الشركات بعروض التوظيف! هم بذلك يروجون -بطريقة غير مباشرة- لإشاعة الجهل فالجميع قادر على ممارسة أي مهنة في عصر المهارة أو عصر الفهلوة إن جاز التعبير. وفقاً لهذا المنطق، تستطيع ممارسة مهنة العمارة والطب والهندسة بالمهارة ودون الحصول على شهادة. المشكلة أن أصحاب هذا الرأي عندما يصابون بالمرض يبحثون عن أفضل الأطباء الاستشاريين علماً وممن حصلوا على أرقى شهادات الزمالة، وبالتأكيد لن يذهبوا إلى طبيب بلا شهادة! باختصار، الجمع بين العلم والمهارة هو الغاية؛ ولكن المهارة وحدها لن تكون كافية، فالمهندس الكهربائي قد لا يملك المهارة والرشاقة لتغيير مصباح كهربائي، ولكنه قادر بعلمه على أحداث ثورة علمية في مجال الطاقة الكهربائية.