Skip to main content
User Image

د. ياسر هاشم عماد الهياجي

Associate Professor

عضو هيئة تدريس | أستاذ مشارك | قسم إدارة موارد التراث والإرشاد السياحي

كلية السياحة والآثار
مكتب رقم 164 | الدور 2 | مبنى 11 | كلية السياحة والآثار
blog

قوة التنوع الثقافي في عصر العولمة

https://rs.ksu.edu.sa/taxonomy/term/22

في عصر العولمة الذي نعيشه اليوم، أصبحت الثقافات تتداخل وتتقاطع على نطاقٍ واسع، حيث يتم تقليل المسافات وتبادل المعلومات بسرعة كبيرة، مما يؤدي إلى طغيان ثقافي هائل. وبالتالي، فإن التنوع الثقافي قوة حقيقية في هذا العصر، حيث يسهم في تعزيز التفاهم والتواصل العابر للثقافات، ويشكل أساسًا للتطور والتغيير الإيجابي في المجتمعات المتعددة.
يشير التنوع الثقافي -كجانب حيوي من جوانب ثراء المجتمع البشري- إلى اختلاف الثقافات والتقاليد والعادات والقيم الموجودة والتي تظهر في الممارسات التي يتمتع بها أفراد المجتمع وفي سلوكياتهم ومواقفهم، وكل ما له علاقة بالثقافة والتراث والتصورات والممارسات الفنية والمعتقدات.
أحد الجوانب الأساسية لقوة التنوع الثقافي هو إثراء الثقافات المختلفة، حيث تأتي كل ثقافة بإرثها الفريد من العادات والتقاليد واللغة والفنون والمعرفة. وعندما يتقاسم الناس هذه الجوانب المختلفة من ثقافاتهم، يتم توسيع آفاقهم وتعميق فهمهم للعالم. وبالتالي، يمكن للأفراد الاستفادة من الأفكار والمنظورات المختلفة والاستمتاع بالتنوع الثقافي الذي يحيط بهم.
علاوة على ذلك، يعزز التنوع الثقافي التفاعل الإيجابي والتعاون بين الأفراد والمجتمعات المختلفة، وتحويل الصدامات الثقافية المتوقعة إلى فرص للتعلم المتبادل وتبادل الأفكار والابتكار، فضلًا عن دوره في تعزيز التسامح والتفاهم بين الثقافات المختلفة وقبول الاختلافات والتعايش معها بشكل سلمي ومثمر، مما يسهم في تكوين جيل جديد من الأفراد الذين يتسمون بالتسامح والاحترام للاختلافات الثقافية والتعاون في بناء مجتمع عالمي متسامح ومترابط.
في عالم اليوم الذي تسوده العولمة والتجانس الثقافي، الذي يمكن أن يؤدي إلى التمييز والتعصب والهيمنة الثقافية وإلى تهميش ثقافات ومجتمعات معينة، فإن التنوع الثقافي أصبح أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى؛ من أجل بناء جسور التفاهم والاحترام بين المجتمعات والثقافات المختلفة؛ ولأهميته أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الحادي والعشرين من مايو هو اليوم الدولي للتنوع الثقافي في عام 2002 استجابةً لإعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي، ومنذ ذلك الحين، يتم الاحتفاء به سنويًا؛ للتعريف بالصفات الفريدة التي تجعلنا مختلفين والإنسانية المشتركة التي توحدنا، ولزيادة الوعي بقيمة التنوع الثقافي وضرورة احترامه والحفاظ عليه وتعزيزه كأداة لتعزيز السلام والتفاهم والتسامح والقبول والتماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة.
من الناحية الاقتصادية، يمكن أن يسهم التنوع الثقافي في تعزيز النمو الاقتصادي، إذا تم احتضانه واستثماره بشكل صحيح، فهو من العوامل المهمة التي تعزز السياحة الثقافية وخلق فرص عمل وتوسيع قاعدة التبادل التجاري بين الثقافات المختلفة لاسيما تلك البلدان التي تتمتع بتراث ثقافي غني وتوفر تجارب فريدة للتعرف على الثقافات المختلفة وتجربة الأطعمة الفريدة والاستماع إلى الموسيقى والتواصل مع الآخرين من خلفيات متنوعة مما يشكل أساسًا للتنمية الاقتصادية المستدامة وخلق مجتمعات مزدهرة.
إن التنوع الثقافي ليس تهديدًا، بل مصدر قوة، وحق أساسي من حقوق الإنسان يجب على الأفراد والمجموعات احتضانه والعمل من أجل عالم أكثر شمولاً وتناغمًا وانصافًا، وبما يشجع الناس على الانخراط في حوار بين الثقافات ومعرفة المزيد عن الثقافات الأخرى، ويساعد على تحطيم الصور النمطية والأحكام المسبقة ويعزز التفاهم والاحترام المتبادلين.
أختم القول بأن التنوع الثقافي هو حجر الزاوية في المجتمع البشري، يثري حياتنا بوجهات نظر وعادات ومعتقدات فريدة. كما أنه عنصر أساسي للتنمية المستدامة، ويساهم في التماسك الاجتماعي، والنمو الاقتصادي، والاستدامة البيئية.

https://rs.ksu.edu.sa/taxonomy/term/22