Skip to main content
User Image

د. ياسر هاشم عماد الهياجي

Associate Professor

عضو هيئة تدريس | أستاذ مشارك | قسم إدارة موارد التراث والإرشاد السياحي

كلية السياحة والآثار
مكتب رقم 164 | الدور 2 | مبنى 11 | كلية السياحة والآثار
blog

السياحة التراثية وأصالة الماضي

https://rs.ksu.edu.sa/issue-1467/25363

السياحة ظاهرة اجتماعية واقتصادية تستلزم انتقال الأشخاص إلى أماكن خارج بيئتهم المعتادة لعديد أغراض؛ فهي نشاط يرتبط بالوقت والمال، ويحكمها عنصران أساسيان، هما: السفر إلى المقاصد السياحية، والإقامة فيها.
وكما هو معروف، أن التراث يرتبط بالأشياء والأعمال الفنية والمباني والمناظر الطبيعية والتقاليد والأفكار التي أنتجها الناس أو استخدموها في الماضي، فهو يتألف من موارد ثقافية ملموسة وغير ملموسة فضلًا عن الموارد الطبيعية والتي يتم الاعتناء بها والحفاظ عليها بمرور الوقت؛ لضمان أنها ستشكل تراث الأجيال المتعاقبة.
ومن الأهمية بمكان إدراك أن التراث منتج اجتماعي لا يرتبط بوراثة الأشياء والأفكار والأماكن ومظاهر الماضي عبر الأجيال فحسب، ولكن أيضًا في الأشخاص الذين يبدعونه ويستهلكونه اليوم من مؤسسات وأسر ومجتمعات وزوار.
يُعدّ التراث - الذي يتجلى في أشكال وتفسيرات لا حصر لها - أحد عوامل التمايز الرئيسة للوجهات السياحية على المستوى العالمي؛ فالعلاقة بين التراث والسياحة توازي الجدل الذي يحدث داخل ثقافة المجتمع بين التقاليد والحداثة. يؤدي هذا المزيج من السياحة والتراث إلى ما بات يُعرف اليوم بالسياحة التراثية التي تعني السفر إلى مناطق الجذب التاريخية والثقافية للتعرف على الماضي بطريقة ممتعة، والانغماس في التاريخ الطبيعي والتراث البشري والفنون والفلسفة في منطقة أو بلد آخر.
والسياحة التراثية مجال واسع من السفر المتخصص المعتمد على الحنين إلى الماضي والرغبة في تجربة المناظر الطبيعية والأشكال الثقافية المتنوعة. أو الجزء من صناعة السياحة الذي يركز بشكل خاص على التراث والمعالم الثقافية حيث تستخدم السياحة التراثية الأصول - التاريخية والثقافية والطبيعية - الموجودة بالفعل بدلاً من إنشاء أو بناء عوامل جذب جديدة، تتطلع الوجهات إلى الماضي من أجل مستقبل مستدام. في الواقع، تحتاج هذه الأصول إلى الحفاظ والاستعادة أو التفسير في كثير من الأحيان، ولكن الأساس لإنشاء تجربة سفر ديناميكية لا يزال قائماً في قصص وهياكل الماضي.
ليس من قبيل الصدفة أن يتزايد عدد الزوار الذين يهدفون التعرف على الثقافة والمعالم التاريخية ومعطيات الهوية والأصالة في عصر يتسم بتزايد عولمة الأسواق والابتكار التقني. فقد نمت صناعة السياحة لتصبح أكبر صناعة فردية في العالم وبحسب منظمة السياحة العالمية، فأن التراث والثقافة أصبحا مكونًا مهمًا في حوالي 40٪ من جميع الرحلات الدولية، إذ تشير التقديرات إلى أن صناعة السياحة التراثية من أسرع القطاعات نموًا في صناعة السفر والسياحة، والتي يمكن أن تجلب العديد من الفوائد للسائحين والمجتمعات المحلية حيث ساهمت بشكل كبير في زيادة الإيرادات السياحية وحجم الوظائف ومساهمتها في التنمية الاقتصادية.
تأسيسًا على ما سبق، يُعدّ تطوير الوجهات التراثية والترويج لها أمرًا مهمًا للغاية؛ نظرًا لدورها في تحسين نوعية الحياة في المناطق والمدن من خلال تحقيق قدرة تنافسية عالية، وضمان تعزيز التنمية المستدامة وتعزيز التماسك الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي تقليل التفاوتات المجتمعية. ومن أجل أن تصبح الوجهات التراثية منتجات سياحية حقيقية ينبغي دمج هذه المواقع في حزم سياحية متكاملة، ويتم ربط مكوناتها قدر الإمكان بالدوافع السياحية للطلب الحالي والمحتمل. بحيث تحتوي على المعالم التراثية والمنتجات الثقافية فضلًا عن المشاركة النشطة للسكان المحليين واستخدام أنسب أدوات الاتصال والمرشدين والمواد الترويجية المدعمة بالصوت والصورة، والملصقات والخرائط والبرامج والعروض وغيرها من المعلومات السياحية المصممة للتأكيد على القيمة الثقافية للمقصد السياحي وتعزيزه.