Skip to main content
User Image

د. ياسر هاشم عماد الهياجي

Associate Professor

عضو هيئة تدريس | أستاذ مشارك | قسم إدارة موارد التراث والإرشاد السياحي

كلية السياحة والآثار
مكتب رقم 164 | الدور 2 | مبنى 11 | كلية السياحة والآثار
blog

"قوة المتاحف" في اليوم العالمي للمتاحف

"قوة المتاحف" في اليوم العالمي للمتاحف

منذ قرابة نصف قرن، وتحديدًا في عام 1977، تبلورت فكرة إتاحة الفرصة للعاملين في المتاحف للتواصل مع المجتمع، باعتماد اليوم العالمي للمتاحف من قِبل الجمعية العمومية للمجلس الدولي للمتاحف (آيكوم) الذي يُحتفل به في 18 مايو من كل عام، اعترافًا بأن للتاريخ تأثيراً دائماً في الزمان والمكان، وتحتفي به متاحف العالم لتتخطى حدودها الجغرافية والقفز على أسوارها المحمية، لإثارة انتباه الرأي العام إلى أهميتها كوسيلة مهمة للتبادل الثقافي، وإثراء الثقافات وتنمية المجتمع، وزيادة فرص التفاهم والتعاون والسلام، والتأكيد على أن المتحف ليس فقط مكانًا لحفظ الكنوز التاريخية والثروات الثقافية والفنية، بقدر ما هو مركز علمي وثقافي لنشر العلوم والمعرفة والتعريف بالتراث الإنساني.
وتحت شعار "قوة المتاحف" تحتفي دول العالم هذا العام باليوم العالمي للمتاحف؛ للتأكيد على قدرة المتاحف لإحداث تغييرات إيجابية في المجتمعات من خلال ثلاث مرتكزات أساسية: قوتها في تحقيق أهداف الاستدامة، وقدرتها على التجديد والابتكار الرقمي، وقدرتها على توفير فرص تعلم دائمة لبناء المجتمعات.
من نافلة القول، أن المتحف مؤسسة ثقافية مهمة في حفظ التراث الثقافي بهدف ضمان استمرارية الرسائل المتضمنة في هذا التراث، وإيصالها للأجيال الحالية والمستقبلية، فهو بذلك شريك أساسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 ليس فقط فيما يتعلق بالجانب الثقافي، بل في تحقيق مختلف الأهداف على تنوع أبعادها وجوانبها الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية التي تقع في بؤرة اهتمام المتاحف ضمن جملة المهام والأدوار التي تضطلع بها؛ ولهذا ازداد عدد المتاحف خلال العقود الماضية من 22 ألف في عام 1975 إلى أكثر من 55 ألف متحف في عام 2020 تتوزع في 202 دولة بحسب مصادر دولية؛ وأصبحت أكثر حداثة وأكبر من مجرد موائل لحفظ الذاكرة الحضارية بعد أن تحررت من الصورة النمطية والنظرة السطحية إلى لعب أدوار تلبي احتياجات الجماهير والتنمية والمجتمعات، وقادرة على زيادة التدفقات السياحية والنقدية وتعزيزها.
ولأن المتاحف حاضنات لمكتسبات الماضي الثقافي والفني، ومخازن تحفظ إبداعات من سبقونا، فقد تجاوز دورها من مجرد مخازن لحفظ المحتوى إلى خلق مساحات للإبداع والابتكار، باعتبارها بيئة علمية ابتكارية مجهزة بالأدوات المحفزة، فهي تمارس دورها في الابتكار والتطوير الثقافي بشتى الطرق سواءً على مستوى العروض المتحفية أو وسائل جذب الزوار في جودة العروض والطابع التفاعلي، كما تخصصت كثير من المتاحف لعرض الابتكارات التي تُمكِّن الزوار من تجربة التقدم التكنولوجي، وفرص الاستمتاع بالتواصل العملي مع العلم والتقنية، كما هو الحال في المتحف الوطني للعلوم والابتكار في طوكيو الذي يعرض أحدث التقنيات والاكتشافات العالمية.
إن ثمة ما يبرر الاهتمام الحاصل بالمتاحف اليوم، هو ذلك الربط بين مدى تقدم وتطور أي شعب من الشعوب وبين انتشار المراكز الثقافية والمتاحف بمختلف أنواعها وتخصصاتها، إذ تُعدُّ المتاحف مؤسسات ثقافية حضارية هامة وأحد الميادين المهمة في الحضارة العالمية، وأحد أهم مظاهر التحضر والرقي، فهي الحارس الأمين للهوية الثقافية، والتي من شأنها نشر وتعميق الثقافة المجتمعية لأي مجتمع حول تاريخه وهويته الحضارية وتراثه الفكري والمادي. وهي بذلك من أهم الوسائل والطرق التي نحافظ من خلالها على ماضينا وحاضرنا، والنافذة التي يطل من خلالها أبناء الحضارة المعاصرة والأجيال القادمة على ما خلّفه الآباء والأجداد من أعمال وإنجازات حضارية وإبداعات متفردة.
على نفس المنوال، نجد أن المتاحف مراكز تربوية ثقافية وقطبًا من أقطاب المعرفة تبعث بشعاعها التنويري إلى جميع فئات المجتمع، والارتقاء بأذواق الشعوب؛ نظرًا لأهميتها في تحريك الوجدان، وتنوير العقول، وتعميق الثقافة الفنية. فهي تلعب دور المعزز للدور التعليمي الذي تقوم به المؤسسات التعليمية، من خلال معروضاتها التي تُجسِّد تاريخ الأمم وهويتها فمن خلالها تتعرف الأجيال على مراحل وفترات من تاريخها، وتحمي حق الأجيال في النهل من مآثر الحضارة وروائع التاريخ، كما لا يقتصر دورها بشكل خاص على عرض نماذج أمام الزوار تسحرهم بجمالها وطريقة عرضها، بل هو أيضا تعريف وتعليم وتثقيف للزائر بكل مظاهر الحضارة التي تنتمي إليها تلك المقتنيات.

https://faculty.ksu.edu.sa/sites/default/files/styles/thumbnail/public/…