عنوان البحث بين المنظور العلمي والإثارة الصحفية!

إنّ الوصول إلى عنوان يعكس أهداف البحث ومجاله مهمه شاقة للعديد من طلاب الدراسات العليا والباحثين عموماً. تحديد العنوان البحثي يجب أن يعكس القضية البحثية وأن يكون مقروناً بتوفر البيانات اللازمة، إذ لا فائدة من تناول قضية لا تتوفر لها بيانات يمكن تحليلها أو مراجع كافية. قبل اعتماد عنوان البحث عليك التأكد أولاً من توفر البيانات الإحصائية والقدرة على الإنجاز؛ كما توثر الموارد البشرية والمادية في توجيه مجال البحث، فبحوث طلاب الدراسات العليا تختلف كماً ونوعاً عن البحوث التي تُجرى بواسطة المراكز المتخصصة أو المجموعات البحثية.

وبشكل عام يجب أن يتلاءم المجال البحثي مع خصائص الطالب واهتماماته فالبحوث التي تعتمد على استخدام تقنيات متطورة لن تكون ملائمة لطالب ليس لديه مبادئ أساسية لاستخدامها. كما أن البحوث التي تتطلب توفر أدوات قياس، أو أجهزة، أو موارد اقتصادية عالية دون وجود دعم مالي لن تكون ملائمة لطلاب الدراسات العليا. على أي حال، ليس من الإجادة المبالغة في صياغة عناوين طموحة لن يكون الطالب قادراً فيما بعد على إنجازها، أو اختيار مصطلحات علمية رنانة وتضمينها عنوة في البحث. ومن المحبذ ألا تزيد كلمات العنوان عن 16 كلمة، وان يبتعد الباحث عن العناوين المثيرة التي قد تكون مناسبة كمقالات صحفية؛ ولكنها غير مناسبة في البحوث العلمية الرصينة.

إنّ البحوث السابقة يمكن أن تكون مدخلاً هاماً في تحديد مجال البحث وعنوانه فقد تركز بعض البحوث على الظواهر الاجتماعية دون التطرق إلى المنظور الاقتصادي أو البيئي. ويجد الباحث فجوة بحثية لم تأخذ حقها الكافي من التحليل لينشأ عندئذٍ تساؤل منطقي، يعبر عنه في المشكلة البحثية التي يرغب بتناولها. ومن الأهمية بمكان أن يعكس عنوان البحث التفرد والأصالة لموضوع البحث، الذي تُضيف نتائجه إثراء للمعرفة، فالعناوين البحثية التي تناقش قضايا سبق التطرق لها لن تأتي بأي جديد وسوف تكون مضيعة للوقت. وأخيراً، فإن تحديد العنوان البحثي لا يقترن بالضرورة بالثبات؛ فمن الممكن أن يجد الباحث حاجة منطقية لتعديل العنوان لاحقاً أثناء الخوض عميقاً في المسائل البحثية، حيث تتوسع آفاق الباحث نحو قضية لم يتسنَ له ملاحظتها أثناء الصياغة الأولية للعنوان.

صحيفة رسالة الجامعة: العدد 1494