Skip to main content
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
blog

نحلم ونحقق للمدن السعودية

نحلم ونحقق للمدن السعودية

نحتفل باليوم الوطني السعودي الـ93 تحت شعار «نحلم ونحقق». هذا الشعار يؤكد أن ما نراه حلما يمكن أن نحققه في ظل تلاحم المجتمع وعزيمة مخلصة من القيادة الرشيدة. إن سقف الطموح نحو بناء مدن مستدامة قادرة على خدمة احتياجات السكان والارتقاء بأساليب المعيشة أصبح اليوم توجها استراتيجيا لا مناص منه. فمنذ إقرار الرؤية الوطنية عام 2016 بات الحديث عن المدن أكثر من أي وقت مضى باعتبارها ليست مجرد أوعية مستهلكة لاحتواء السكان وتحقيق الاستقرار المكاني؛ بل كفرص تنموية منتجة بها كافة المقومات لبناء الإنسان وازدهار المكان، وتحقيق العوائد الاقتصادية وغرس القيم النبيلة.

وتشكل مجمل هذه المقومات محاور الرؤية الوطنية 2030 والمتمثلة بالمجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح.

لقد اختلف المنظور الاستراتيجي للمدن فلم يعد الطموح اليوم نحو توفير مخططات سكنية أو خدمات ومرافق؛ بل في كيفية التخطيط للمستقبل، كيف نبني مدنا مستدامة قادرة على تحقيق احتياجات الأجيال الحالية مع حفظ حقوق الأجيال القادمة؟ كيف يمكن أن نتفاعل مع المستقبل في عصر التقنية والذكاء الاصطناعي؟
خلال فترة قصيرة من عمر الرؤية الوطنية 2030 شهدنا إطلاق مشاريع عمرانية نوعية تؤكد على الهوية العمرانية وفي نفس الوقت تستشرف المستقبل. هذه المشاريع تستلهم روح الماضي للارتقاء بالحاضر وصناعة المستقبل. فمشروع المربع الجديد سوف يكون بمثابة الوجهة التفاعلية التي تؤكد على صناعة المستقبل بالتعامل مع أحدث التقنيات الرقمية ولكنه في الوقت ذاته يستلهم من الماضي مفردات العمران والقيم المعمارية الأصيلة.

أما مشروع حديقة الملك سلمان فهو الوجهة البيئة والترويجية لسكان مدينة الرياض والإقليم بمساحة هائلة تزيد من نسبة الغطاء النباتي في المدينة وتسهم في تحسين جودة الحياة وصولا لتحقيق مستهدفات مشروع الرياض الخضراء.

وفي المقابل، يؤكد مشروع المسار الرياضي على بعد بناء الإنسان بوصفة أكبر منتزه طولي على مستوى العالم ليعكس بذلك أهداف المدن المستدامة في تحسين الصحة العامة وتحفيز المجتمع على ممارسة الرياضات المختلفة.

إن المشاريع العمرانية النوعية لم تقتصر على مدينة الرياض فمشروع بوابة الدرعية، والسودة للتطوير، ومشروع مخطط العلا، ومشروع سندالة يهدف إلى تطوير البنية السياحية وتقديم تجربة ثقافية تبرز الإرث التاريخي والأصالة وتحمل شواهد الإبداع البشري عبر التاريخ لتؤكد على التنوع الثقافي والمناخي والطبيعي لبلد يزخر بالمقومات السياحية.

أما بناء مدن المستقبل فهي نافذة تستشرف بها المملكة العربية السعودية دورها الريادي في المنطقة لتطل نحو آفاق تخدم شعوب العالم من خلال مبادرات دولية طموحة كالشرق الأوسط الأخضر، والطاقة النظيفة، وإدارة النفايات، والحفاظ على الحياة الفطرية، وتحفيز البحث العلمي ومبادرات الذكاء الاصطناعي والابتكار.

فهذا مشروع نيوم جاء ليؤكد على استغلال المواقع الاستراتيجية في المملكة العربية السعودية ليخلق بيئات عمرانية تقدم تجربة معيشية جديدة تتماهى مع الطبيعة.

إن بناء مدن منتجة قادرة على الارتقاء بأساليب المعيشة وتعمل على تحسين جودة الحياة للمجتمع ليس مجرد حلم؛ إذا ما أخذنا في عين الاعتبار مواكبة المشاريع العمرانية النوعية في إطار استراتيجية شمولية تتصل مع مستهدفات الرؤية الوطنية ضمن إطار سنة الهدف 2030.

وأنا هنا لست بصدد التأكيد على أهمية التخطيط العمراني في المرحلة القادمة باعتباره أحد الأدوات الهامة لتعظيم المكاسب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية وتقليل المشاكل الحضرية. لذلك، تقع على إدارات المدن مسؤولية تسخير هذه المشاريع والمبادرات العمرانية الطموحة ضمن خطة استراتيجية محلية للمدن وصولا لتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية.

https://makkahnewspaper.com/article/1597467