Skip to main content
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
blog

أين دورات المياه العامة في المدن؟!

دورات المياه العامة

في جولة داخل الأماكن العامة في المدينة دعوني أسوق لكم مشهد ذلك الطفل الذي يلح على والده بالذهاب إلى دورة مياه، ليقضى والده نصف ساعة أو يزيد بحثا عن دورة مياه داخل مجمع تجاري أو حديقة عامة؛ لأن الفضاءات العامة في المدينة لا تتوافر فيها دورات مياه!.

مشهد آخر لكبير سن أو مريض سكر يتجول في فضاء المدينة ثم يتوقف برهة ويتساءل عن دورة مياه؟ يستوقفك سائح أجنبي أحيانا ليسألك «?Where is the bathroom» وإذا تجاهلته أو لم تستوعب كلامه يلح عليك بالطلب قائلا «?Hamam, Hamam, Hamam»، يرشده البعض للذهاب إلى دورات المياه المتوافرة في المسجد القريب ليذهب مسرعا، ثم يتفاجأ أن هذه الدورات مقفلة خارج أوقات الصلاة، وهو ما يؤكد غياب التكاملية بين العناصر العمرانية في الحي السكني، فالخدمات المساندة للمساجد كدورات المياه تقفل خارج أوقات الصلاة ولا يمكن الاستفادة منها؛ والأمر ينسحب على كثير من الخدمات العامة داخل الحي السكني التي لا يمكن الاستفادة من مرافقها خارج أوقات الدوام.

حتى عندما تكون داخل مطعم وجبات سريعة تتساءل عن دورة مياه، ليأتيك الجواب عفوا المطعم لا يتوافر به دورة مياه للزبائن؛ بل مغاسل فقط وعليك الذهاب خارج المطعم؛ بعبارة أخرى «دبر نفسك» أين أذهب؟. تعود إلى سيارتك وتضطر للذهاب إلى المنزل وقطع برنامجك بالكامل، فقط لأنك غير قادر على إيجاد دورة مياه عامة!.

إن جودة الحياة في المدن تقيس مجموعة من المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والصحية، التي تعكس رضا الإنسان عن البيئة التي يعيش فيها ومدى تفاعله معها. وعليه، فإن تحسين جودة الحياة يقتضي تهيئة الظروف البيئية اللازمة لمشاركة الإنسان في أنشطة المدينة بما فيها الأنشطة الاقتصادية، والثقافية، والرياضية، والترفيهية، والسياحية.

ويرتبط مفهوم جودة الحياة برفع مستويات قابلية العيش، والتي تشمل تحسين البنى التحتية والخدمات الأساسية كالأمن والصحة والتعليم، كما يرتبط هذا المفهوم بتحسين نمط الحياة من خلال تعزيز موائمة البيئة العمرانية للارتقاء بأنماط حياة تعزز الصحة الجسدية والنفسية، بما في ذلك تبني أنماط عمرانية تقوي الاتصالية بين مكونات الحي السكني، وتولد فرص اقتصادية وتشجع على التواصل الاجتماعي وممارسة رياضة المشي كنمط حياة يومي وبشكل ينعكس إيجابا على صحة الإنسان وعطائه على المدى الطويل.

ورغم السعي الحثيث للمدن السعودية نحو تعزيز تصنيف مؤشرات السعادة في المدن، وتطوير كثير من الفعاليات والأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية، إلا أن كثيرا من هذه الأنشطة تتموضع في سياق لا يتماهى مع المدينة لتنحصر الاستفادة منها في أوقات المواسم والمناسبات.

توفر المشاريع الخدمية والتجارية الكبرى كثيرا من الخدمات المساندة كمواقف السيارات، وخدمات انتظار الحافلات، ودورات المياه العامة، وخدمات مستلزمات العناية بالأطفال، وغرف الاستراحة للسائقين، ومسارات المشاة، ونقاط الاتصال الذكية والبنية التحتية. وفي المقابل، يبقى فضاء المدينة حلقة تكاد تكون مفرغة ويغيب دورها كعنصر ربط بين المناطق الخدمية والسكنية والتجارية. وهكذا، يخلو فضاء المدينة من العديد من هذه الخدمات، ولعل أبرزها دورات المياه العامة.

ختاما، لعلي اقترح في نهاية هذا المقال العمل على تصميم دورات مياه عامة في المدن برسوم رمزية تستخدم عوائدها في صيانتها ونظافتها وبشكل يعزز من تكاملية الخدمات والأنشطة داخل فضاء المدينة.