Skip to main content
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
blog

الدجاجة ولعبة الطريق السريع؟!

لعبة الدجاجة والطريق السريع

لعبة الطريق السريع Freeway من أشهر ألعاب الفيديو الحركية والتي أنتجت في1981م لصالح شركة Atari 2600.

تعتمد اللعبة على تنافس لاعب واحد أو لاعبين في تحريك دجاجة لعبور طريق سريع مزدحم بالسيارات في محاولة للوصول إلى الجانب الآخر من الطريق.

الطريق مكون من عشر حارات ومليء بمختلف أنواع السيارات والشاحنات بعضها يسير بسرعة فائقة وبعضها بطيء والبعض الآخر يناور ويشاكس وعليك أن تتخطى كل هذه العوائق بحكمة، وصبر، وثبات انفعالي.

وفي حال اصطدام الدجاجة بالسيارة يتم إجبارك على العودة لبدء محاولة عبور الطريق من جديد، والفائز في اللعبة هو اللاعب الذي يحرز أكبر عدد من النقاط في الوقت المخصص. اللعبة من تصميم وبرمجة ديفيد كرين الذي استوحى فكرته عندما لاحظ شخصا يحاول عبور شارع Lake Shore Drive السريع في مدينة شيكاغو سيرا على الأقدام. لقد جاءت شهرة هذه اللعبة في خضم توسع المدن الأمريكية نحو إنشاء الطرق السريعة وصناعة السيارات الفارهة، والتي عبرت عن التوجه السائد في المدن الكبرى لخدمة المركبات على حساب المشاة وبدائل النقل العام.

اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة عقود من الزمان تذكرت هذه اللعبة التي طالما استمتعت بها في مراحل طفولتي، تذكرتها بكامل تفاصيلها الدقيقة وأنا أحاول عبور طريق مزدحم بالسيارات في مدينة الرياض مشيا على الأقدام.

انصرفت في التفكير وتخيلت نفسي وكأني تلك الدجاجة التي تحاول عبور الطريق!. نعم، شعرت بالموقف نفسه الذي كنت أشعر به عندما أحرك مقبض التحكم باللعبة يمينا ويسارا، كي أتفادى الاصطدام بالسيارات الطائشة وفي كل مرة أعود أدراجي للمحاولة مرة أخرى.

توقفت أمام المنطقة المخصصة لعبور المشاة، حيث تحتوي على رصيف منحدر يعمل على تهدئة سرعة السيارات القادمة، تمهيدا للتوقف التام والسماح للمشاة بعبور الطريق بأمان. توقفت أنتظر هذه السيارات كي تتوقف وتسمح لي بالعبور، فلم أجد أذنا مصغية ولا قلوبا مبالية وكأن الأمر لا يعنيهم بشيء؛ بل أراهم كلما اقتربوا من معبر المشاة يزيدون السرعة نكاية بي حتى لا أجرؤ على التقدم إلى الأمام. حاولت التقدم والركض مسرعا باتجاه الجانب الآخر ولكني تراجعت في اللحظات الأخيرة.

ها أنا الآن أغامر بالتقدم والسيارات القادمة تسير نحوي، وعليّ أن أستخدم المهارات نفسها التي تعلمتها في لعبة الطريق السريع، نعم أسير الآن بثبات وأنظر لجهة اليسار حتى أصل إلى منتصف معبر المشاة لأتوقف برهة فبعض السيارات تصر على استمرار السير وكأني غير موجود أو هكذا خيل لي، فوجودي في منتصف معبر المشاة لا يعنيهم بشيء، أصبحت أمام خيارين إما العودة أدراجي أو الاستمرار باستخدام تقنية التوقف المؤقت في منتصف الطريق والانتظار لثوان معدودة ثم استمرار العبور؛ وهي المهارة نفسها التي كنت أستخدمها في لعبة الدجاجة والطريق السريع. وبعد عدة محاولات لا تخلو من الكر والفر انتهت المغامرة بالوصول للجانب الآخر من الطريق.

بقي أن أخبركم أن ابتكار لعبة الطريق السريع Freeway أسهم في لفت الأنظار وزيادة الوعي المجتمعي نحو أهمية خلق مسارات خاصة للمشاة، حيث عملت إدارة مدينة شيكاغو - إثر ذلك - على بناء عدد من جسور المشاة والمسارات الآمنة بعيدا عن حركة الآليات.

وأخيرا، أتساءل: متى يتم تطوير تشريعات وقوانين محلية تلزم المركبات بالتوقف تماما عند معابر المشاة، وقبل ذلك كله متى يتم تصميم معابر مشاة آمنة على نطاق واسع في المدن؟.

https://makkahnewspaper.com/article/1582893