Skip to main content
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
blog

لماذا اختفت حافلات «خط البلدة»؟

حافلات

تشهد المدن السعودية الكبرى ازدحاما مروريا غير مسبوق، نتيجة النمو السكاني وتركز الخدمات التجارية والتعليمية ومراكز الأعمال، إلى جانب عدم توافر بدائل نقل قادرة على استيعاب الطلب المتنامي في قطاع النقل. كثير من الطرق أصبحت مزدحمة في مدينة الرياض نتيجة للانتشار الأفقي للمراكز التجارية والخدمات المولدة للحركة، دون وجود مراكز حضرية فرعية ذات كثافات عالية. ويترقب الجميع تشغيل مترو الرياض وحافلات النقل العام أملا في تقليص حجم الازدحام المروري.

اليوم تبدو الإشكالية ليست محصورة في موعد تشغيل النقل العام فحسب؛ بل في مدى قدرته على استيعاب التدفقات المرورية اليومية، ليكون بديلا فاعلا عن استخدام المركبات الخاصة، وعليه من الأهمية بمكان التأكد من مدى قدرة بدائل النقل الحديثة لمنافسة المركبات الخاصة، ولا سيما في تقليص حجم الوقت المهدر وسرعة الوصول والقيمة المادية المدفوعة مقابل الخدمة.

ولعلي استذكر في هذا السياق حافلات النقل الأهلية أو ما تعرف بـ»خط البلدة»، والتي استمرت على مدار أكثر من نصف قرن تنقل الركاب داخل المدن السعودية، عبر حافلات «الكوستر» بأشكالها وأحجامها المختلفة، لقد أسهمت هذه الوسيلة على مدار العقود الماضية في استيعاب شريحة واسعة من المجتمع، خاصة العمالة الأجنبية، ووفرت لهم بديلا اقتصاديا وعمليا للتنقل داخل المدينة، كما وفرت هذه الحافلات فرص عمل ومصادر دخل إضافية للسعوديين، ولا سيما المتقاعدين وكبار السن.

ومع بداية العمل في مشروع النقل العام في مدينة الرياض، انحسر عمل هذه الحافلات حتى تلاشت شيئا فشيئا لتتأثر تلك الشريحة اقتصاديا؛ وتحل وسائل النقل الخاصة وسيارات الأجرة محل الحافلات بعد منح أصحابها فترة تصحيحية لمعالجة أوضاعهم، خلال الحصول على تعويض مادي أو بيعها في التشليح أو الاقتناء كحافلة نقل خاص أو كقيمة تاريخية.

إن مشروع النقل العام في مدينة الرياض يعد واحدا من المشاريع الكبرى والمهمة في سياق معالجة الازدحام المروري، ويتضمن هذا المشروع شبكة متكاملة لمحطات المترو، تدعمها مسارات حافلات النقل العام، ومع ذلك يرتبط هذا المشروع بخطوط ومسارات نقل ثابتة لن تكون قادرة على تغطية كامل مساحة المدينة، آخذا بعين الاعتبار التناثر العمراني والطقس الحار معظم أشهر السنة. بعبارة أخرى، فإن الوصول إلى محطات النقل العام من المنزل إلى موقع المحطة قد يستلزم استخدام بدائل نقل غير اقتصادية، ولا تتماشى مع أهداف النقل العام في تخفيف الازدحام المروري.

إن تطوير مشروع النقل في مدينة الرياض لا يلغي أهمية توفير روافد نقل مساندة تتكامل مع مشروع النقل العام كحافلات النقل الأهلية (خطة البلدة) بكل أنواعها سواء الحافلات الكبيرة أو المتوسطة أو الصغيرة Mini Buses.

تستخدم حافلات النقل العام الأهلية مسارات نقل ترددية ونقاط توقف تتكامل مع خطوط النقل العام وبشكل يساعد على اختصار برنامج الرحلة.

وعلاوة على ذلك، يمكن أن تساعد حافلات النقل العام الأهلية على نقل مجموعة متجانسة من الأفراد، الذين يعملون أو يدرسون في مكان واحد، كالمعلمين أو الطلاب أو الموظفين أو العمال أو الوفود الزائرة.

وهكذا، فإن توفير منظومة متكاملة للنقل العام في المدينة يجب أن يتواكب مع توفير روافد نقل تتكامل معها وتعزز من فاعلية هذه المنظومة.

باختصار، تنويع بدائل النقل العام يمكن أن يكون وسيلة فاعلة في سياق تعزيز التنافسية، وتشجيع شرائح واسعة من المجتمع لاستخدام النقل العام.

https://makkahnewspaper.com/article/1577001