Skip to main content
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
blog

عقلنة السياسات البيئية لتحقيق التكامل بين العلم والبيئة

هناك علاقة متبادلة بين العلم والبيئة التي نعيش فيها، فهما وجهان لعملة. يمكن أن يسهم العلم في حل المشكلات البيئية؛ وفي نفس الوقت قد يكون جزءا لا يتجزأ من مسؤولية التدهور البيئي والاجتماعي.

في الواقع، معظم المشاكل البيئية التي نمر بها اليوم هي نتيجة الاستغلال الجائر والمخرجات السلبية لوسائل لإنتاج غير المسيطر عليها. لقد نتج عن هذا التطور زيادة النفايات السامة، والاحتباس الحراري، ومخاطر الإشعاع النووي.

أحيانا، يتأخر استيعاب هذه المشاكل وتعرقل صياغة سياسات للسيطرة عليها نتيجة مصالح بعض الفئات المهيمنة. وفي إطار متواز أسهم العلم والتطور التقني في اكتشاف الأزمات البيئية على نطاق واسع وإيجاد الحلول الكفيلة بالحد من آثارها السلبية، وعلى الرغم من حقيقة أن الطاقة مفيدة للبشرية، إلا أنها في الوقت ذاته قد تشكل خطرا كبيرا على السكان ويمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة.

لقد أسهمت معظم المشاكل البيئية في تقليل الثقة بين المجتمعات وأصحاب رؤوس الأموال؛ فالأجندة الاقتصادية تركز عادة على توليد المداخيل الاقتصادية وتهمل أحيانا التكاليف البيئية أو لا تأخذها بمحمل الجدية، خصوصا في غياب بنية تخطيط شامل يقف إلى جانب البيئة وحقوق العامة، وهكذا أصبح الرفض المجتمعي واقعا حتميا لكل ما يقلق السكان في البيئة المحيطة بما فيها الأطماع والمصالح الاقتصادية لفئات دائما ما تكون هي المستفيدة على حساب السواد الأعظم من المجتمع.

إن العلاقة بين العلم والبيئة عززت من دعم الجمعيات المدنية والتي تدعو في مجملها إلى تثقيف المواطنين حول المخاطر البيئية، والحد من انتشار الطاقة الخطرة، ومواجهة تحديات النمو العمراني غير المتوازن، والاستغلال السيئ للتشريعات العمرانية.

لقد ولدت بيئة الصراع بين المواطنين والخبراء فكرة البحث عن بدائل لحل النزاعات في إطار المؤسسات العلمية العامة والتي تعد بمثابة جهات محايدة، وتأتي الجامعات والمراكز البحثية لتتخذ دورها كـ «محاكم علمية» في حل النزاعات البيئية والمخاطر التي تواجه المجتمع واستشراف مستقبل التنمية والتهديدات التي تواجه المدن الكبرى. إن العلم يساهم في تحديد حجم وطبيعة المشاكل البيئية التي يعاني منها المجتمع، ومع ذلك، فإن دعم الجمعيات المدنية هام في إطار تعزيز المشاركة المجتمعية في حماية البيئة وبناء أرضية مشتركة تدعم القطاع العام للتعامل مع قضايا تلوث المياه والتلوث الصناعي والنفايات الصناعية والزحف العمراني العشوائي.

وهكذا، أصبحت الجمعيات التطوعية ومؤسسات المجتمع المحلي هامة في صناعة ثقافة المجتمع وتحسين حياة الإنسان في مختلف المجالات مثل الإسكان والصحة والغذاء والاقتصاد. إن صنع القرار البيئي يجب أن يتسم بـ«العقلانية»؛ وبالتالي فإن التحدي القادم ليس فقط المزيد من العلم ولكن في بناء الجسور بين العلم والمجتمع، وأعتقد أن المشاركة المدنية في القرارات البيئية تسهم في الحد من الأضرار البيئية التي يواجهها المجتمع، ومع ذلك، يجب أن تكون هذه المشاركة بعيدة كل البعد عن المصلحة الفردية، والأجندة الاقتصادية.

وختاما فإن صنع القرار البيئي لا يتم فقط من قبل الخبراء، ولكن للمجتمع الحق في المشاركة؛ لأنهم جزء من عملية التخطيط البيئي ويتأثرون بالبيئة، ولا تقتصر هذه المشاركة في إطار لا يتعدى مناقشة وتبادل الآراء حول القضايا البيئية في إطار رمزي، ولكن بناء ثقافة عقلانية بكفاءة عالية تؤثر في صنع القرار.

https://makkahnewspaper.com/article/1566027