Skip to main content
User Image

تركي بن عبدالعزيز بن عبدالله الماضي

Lecturer

عضو هيئة تدريس

كلية الهندسة
2 ج 35
blog

الموصلات الفائقة

عند درجات حرارة منخفضة جدا تصبح بعض الفلزات والسبائك (ومؤخرا أنواع خاصة من السيرامكيات) قادرة على نقل التيار الكهربي بلا مقاومة، حيث تقترن الالكترونات (coupled) مما يمكنها من الحركة متلافية التصادم مع ذرات المادة وهو- أي التصادم- السبب الرئيس في المقاومة وفقدان الطاقة. كمثال لذلك فإن الزئبق عند تبريده لدرجة (4.2) درجة مطلقة (كلفن) يصبح موصلا فائقا. وتسمي درجة الحرارة التي تختفي عندها وأقل منها مقاومة المادة لانتقال التيار الكهربي درجة الحرارة الحرجة (critical temperature).

في عام 1957 اقترح فيزيائيون أمريكيون وهم باردين (من مخترعي الترانزيستور)، كوبر و شرايفر نظرية لشرح ظاهرة الموصلية الفائقة و تعرف هذه النظرية اليوم ب (BCS theory). تتمحور تلك النظرية حول تفسير الظاهرة الفوق-موصلية بناءا على التصرف الغريب للالكترونات عندما تقترن في حركتها كأزواج.

وفقا لمبدأ باولي للاستبعاد فإن الالكترونات في الجوامد تتصرف كفرميونات (fermions) أي أن أي منها لا يمكن أن يشغل نفس الحالة الالكترونية الفريدة المتمثلة بالأعداد الكمية الثلاثة واتجاه الغزل التي يشغلها الكترون آخر. ولكن عندما يقترن إلكترونان كزوج وتتزامن حركتهما كجسيم واحد (كما في الموصلية الفائقة) فإنهما لا يتقيدان بذلك المبدأ، حيث تتخذ موجتهما الكلية شكلا متماثلا ويمكن اعتبارهما من فئة البوزون (bosons). وكبوزونات فإن الأزواج المقترنة من الالكترونات ممكن أن تشغل نفس المستوى من الطاقة الدنيا مما يقلل الطاقة الاجمالية للموصل الفائق عند درجة حرارة معينة عنها لو كانت الالكترونات غير مقترنة عند الدرجات الأعلى. إن فرق الطاقة البسيط هذا ذاته هو الذي يسبب التغير الخاطف لخواص المادة بين الموصلية والموصلية الفائقة عند درجات الحرارة الحرجة.

في الثمانينات الميلادية أثمرت البحوث العلمية في سويسرا على مواد سيراميكة ذات تركيبة خاصة من الحصول على ظاهرة الموصلية الفائقة عند درجات حرارة 30 كلفن واعتبرت تلك الدرجة (دافئة) بالمقارنة بالدرجات التي رصدت في البحوث الماضية لمواد مختلفة. وبعدها بسنة تمكن آخرون من تصميم ماد ة أخرى تصبح فائقة التوصيل عند درجة 90 كلفن. وباستخدام انواع خاصة  من السيرامكيات المطعمة بالثاليوم (thallium-doped) وأكاسيد النحاس المزئبقة (mercuric-cuprates)  تمكن العلماء من تسجيل أثر فائق التوصيل عند 140 كلفن.

تنصب استخدامات الموصلات الفائقة حاليا في صنع مغانط فائقة القوة، للاستخدام في اجهزة اشعة الرنين المغناطيسي في المستشفيات، وفي معجلات الجسيمات. ربما في المستقبل تستخدم لصنع محولات كهربية فائقة الفعالية أو في صناعة قطارت المسيرة مغنطيسيا. ولكن تبقى عقبة درجات الحرارة المنخفضة اللازمة للحصول على تلك الظواهر عمليا أكبر عائق للتوسع في تطبيقاتها.

م. تركي بن عبدالعزيز الماضي

ملاحظة: اﻻقتباس العلمي ممكن مع ذكر المصدر