Skip to main content
User Image

حسن بن جابر المدري الفيفي Hasan J. Alfaify

Assistant Professor

أستاذ الأدب والنقد المساعد، رئيس وحدة التطوير بكلية الآداب Assistant Professor of Classical Arabic Literature

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
1ب 48
blog

نبذة عن النثر الأندلسي + ملخص لـ حي بن يقظان، والتوابع والزوابع (نثر قديم [٢])

نبذة عن النثر الأندلسي (مع ملخص لنصّين نثريين أندلسيّين هما: قصة حيّ بن يقظان لابن طُفَيل، ورسالة التوابع والزوابع لابن شُهَيد)

---------------------------------------------
جمعت هذه المادة من عدة مواقع ومن أبرزها موضوع بعنوان: الشعر والنثر في العصر الأندلسي. من موقع (مدونة بحث).
اقتصرت على فن النثرhttp://www.baht1.com/2016/02/blog-post_75.html#
وقد أضفت كذلك حديثا عن ابن الطفيل وقصته، وعن رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد، مع الشكر وقد أشرت للمراجع في مواضعها مع الشكر لهم جميعا.

------------------------------------------------------

1- بلاد الأندلس
.

     تقع بلاد الأندلس في الجنوب الغربي من قارة أوربا، وتُعرف في عصرنا بإسبانيا والبرتغال ويحدها من الغرب المحيط الأطلسي، ومن الجنوب مضيق جبل طارق وجزء من البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق البحر الأبيض المتوسط أيضاً، أما من الشمال فتحدها فرنسا التي كان العرب يطلقون عليها اسم بلاد الفرنجة. وتسمى جزيرة الأندلس من باب التغليب، وإلا فهي شبه جزيرة لا جزيرة.
.
     وقد أطلق العرب على تلك البلاد اسم الأندلس. ويقول المَقّري في نفح الطيب "إن أول من سكن بالأندلس على قديم الأيام فيما نقله الأخباريون.. قوم يعرفون بالأندلش - بالشين المعجمة- بهم سُمِّي المكان فَعُرِّب فيما بعد بالسين غير المعجمة: "الأندلس" وقيل: إن القبيلة الجرمانية التي كانت تسكن شبه الجزيرة كانت تسمى (الفندال)، فسمي الإِقليم "فنداليشيا" فعرب إلى الأندلس. أما عند اليونان فتسمى "شبه جزيرة أيبيريا". وقد حكم المسلمون الأندلس أكثر من ثمانية قرون، في شهر رمضان المبارك إحدى وتسعين للهجرة الموافق لسبعمئة و عشرة ميلادية بدأ فتح الإسلام بلاد الأندلس. واستقر العرب فيها زهاء ثمانية قرون (منذ فتحها عام 92هـ/ 711م بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير، وآخرين، حتى سقوط غرناطة عام 897هـ/1492م.

.

2-  الحياة السياسية والاجتماعية في الأندلس
.

     بقيت الأندلس ولاية تابعة للدولة الأموية مدة ست وأربعين سنة (92-138هـ/711-755م) وكان الخليفة في دمشق يعيّن وُلاتِها، ولما قَوَّضَ العباسيون صرْحَ الدولة الأموية، فرَّ عبدُ الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان من الشام في مغامرة طويلة حتى وصل إلى الأندلس سنة 137هـ/755م، واستطاع بحذقه السياسي أن يؤسس إمارة حاضرتها قرطبة Cordoba استمرت من عام 138 حتى عام 422هـ/756-1031م، ولقب «بالداخل» و«بصقر قريش».
.
     من أحفاده عبدُ الرحمن الثالث الذي لقب بـ «الناصر»، حكم من سنة 300 حتى 350هـ/ 912-961م، وفي عام 316/ 928م حوَّلَ المسمى من الإمارة إلى خلافة، فأصبخ خليفة المسلمين في الأندلس. وفي عهده وعهد ولده الحكَم بلغت الأندلس أوج مجدها السياسي والأدبي ونافست بغداد ودمشق وحواضر المشرق.
.
     ومنذ بداية القرن الخامس بدأ عِقد البلاد ينتثر، إذ بدأت الصراعات الداخلية في البيت الأموي مما أضعف السُّلطة كثيرا، فشجع ذلك الضعفُ بعضَ الولاة الأقوياء على الاستقلال بولاياتهم، ثم تشجّعَ غيرُهم لما رأوا أن السلطة لم تستطع فعل شيء لإيقاف طموحاتهم، فقلدوهم في التمرد، ولم تلبت الأندلس أن تحولت إلى عشرين دويلة. وقد عُرف حُكامها بملوك الطوائف لا يكاد يجمع بينهم سوى الضعف والصراع فيما بينهم، وكان من أقوى الدويلات: دولة بني عباد في إشبيلية، ودولة بني الأفطس في بطليوس، ودولة بني جَهْوَر في قرطبة، وقد امتدّ هذا الوضع لأكثر من 80 سنة (403-484هـ/1013-1091م)، وفي ذلك العصر المشؤوم سقطت بعض الثغور الإسلامية، كان أهمها مدينة طليطلة؛ إحدى أهم حواضر الأندلس الشمالية.
.
     ومع انشغال الحكام بشؤونهم عن تدبير الملك، وازدياد ضغط الإسبان الشماليين على هذه الولايات، وبعد سقوط طليلطلة عام 478هـ= 1085م فزع علماء الأندلس وعقلاؤها إلى يوسف بن تاشفين أمير المرابطين في المغرب، فأنجدهم في العام التالي 479هـ، وخاضوا معا معركة الزلاقة التي تعرض فيها الإسبان لهزيمة قاسية، لكن طليطلة لم تعد إلى الأبد.  ولكنه لما عاد إلى المغرب عاد الملوك إلى طبيعتهم السابقة من الصراع والدسائس، فطلب منه عقلاء الأندلس أن يدخلها ويضمها إلى ملكه ويقضي على أولئك الحكام نهائيا، وهكذا فعل، وبذلك تحولت الأندلس إلى ولاية تابعة للمغرب في زمن المرابطين، وزمن الموحدين الذي حكموا بعدهم.
.
     وبعد هزيمة الموحدين سنة 609هـ/1212م في موقعة العقاب Las Navas de Tolosa  التي جرت مع الإسبان، استطاع الإفرنجة أن يستولوا على الحصون والمدائن ومنها قرطبة التي سقطت سنة 623هـ/1235م، بعد أن لبثت خمسمئة وعشرين سنة عاصمةً للملك ومنارة للعلم. وحُصرت الدولة في مملكة غرناطة التي حكمها بنو نصر (بنو الأحمر)، وشيدوا فيها قصور الحمراء Al- Hambra، وحافظوا على السلطان العربي في الأندلس زهاء قرنين ونصف القرن (635-897هـ/1218-1492م). ثم اتحدت مملكتا قشتالة Castilla، وأرغون Aragon في مواجهة بني نصر، وسقطت غرناطة، وسلم أبو عبد الله الصغير مفاتيح الحمراء إلى المنتصرين.
.
     كان قوام المجتمع الأندلسي في بداية الأمر من الفاتحين العرب والبربر، وقد وحدت بينهم راية الحرب، والدعوة إلى الجهاد. ودخل قسم من أهل البلاد في الإسلام، وتمتع باقي السكان من النصارى واليهود بحياة مطمئنة، ومارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية.
.
     وكان للأندلسيين عناية خاصة باللغة وعلومها وآدابها، إضافة إلى الفقه وعلوم الشريعة، وقد استقدم الخلفاء العلماء من المشرق لينقلوا معهم كنوزهم الأدبية فيتأدب بها الكثيرون. وكان للفقهاء في الأندلس سلطان عظيم لدى الدولة، ولدى عامة الناس.
.
     واحتلت المرأة في الأندلس منزلة عظيمة، ونالت حظاً وافراً من التعليم، ونبغت في العلوم والآداب والفنون كثيرات: قيل إن مئة وسبعين امرأة بضاحية قرطبة الشرقية كن يعملن يومياً في نقل نسخ من القرآن الكريم بالخط الكوفي، وإن «إشراق العروضية» (القرن الخامس الهجري) كانت تحفظ «الكامل» للمبرد، و«النوادر» للقالي، وكان يعهد إلى النساء بتربية أبناء الأمراء والأغنياء وتأديبهم، فابن حزم تلقى ثقافته الأولى على يد نساء قصر أبيه، وهن علمنه القرآن، وروينه الأحاديث الشريفة، ودربنه على الخط.
.
     وكانت الشواعر ملمحاً بارزاً من ملامح الشعر الأندلسي لوفرتهن ونبوغهن، وقد ارتبط سحر شعر النساء باسم ولادة (ت484هـ) بنت الخليفة المستكفي (ت 416هـ) فقد غشي منتداها فرسان النظم والنثر، ومنهم ابن زيدون (ت463هـ) الذي نعم بوصلها، وشقي بهجرها، فقال فيها أجمل الغزل وأرقه.

.
3-  تطور النثـــــــــــر الأنــــدلسي.
.
أولاً: النثر في عصر الولاة (92 - 138 هـ)
:
.
     ارتبط تطور النثر الأدبي في الأندلس خلال عصر الولاة بظروف مرحلة الفتح، وهي مرحله غير مستقرة سياسياً فالخطابة تقتضيها ظروف الحرب والمناسبات السياسية والدينية المختلفة، والكتابة كانت تقتضيها أيضاً ظروف الفتح والحكم وتيسير الشؤون .. وقد برز لنا خلال هذه الفترة كتّاب مشهورون أمثال: خالد بن يزيد الذي كان كاتباً ليوسف الفهري آخر ولاة الأندلس للدولة الأموية .. وأمية بن يزيد. وربما كانت من أوثق الرسائل التي وصلت إلينا تلك الرسالة التى أرسلها عبد العزيز بن موسى بن نصير لأحد حكام القوط (تودمير) كما تعد خطبة طارق بن زياد المشهورة في فتح الأندلس أول خطبة قيلت في الأندلس ([1]).

.
 خصائص النثر الأندلسي في هذه الفترة (عصر الولاة):
.
هي نفس خصائص النثر الأموي المشرقي بصورة عامه التي تتميز بـ

.
1- الميل إلى الإيجاز دون مقدمات طويلة أو ألقاب عديدة.
2
- العناية المركزة ذات الأداء المباشر دون تكلّف أو زخرفة.
 

ثانيا: النثر في عصر الأمارة المستقلة (138 - 316 هـ):
.

     اقتصر النثر أيضاً على أشكاله التقليدية كالخطب, والرسائل والوصايا, والسبب في ظهور النثر بأشكاله التقليدية أن حياة الأندلسيين السياسية والاجتماعية كانت تحاكي الحياة والثقافة في المشرق إلى حد كبير؛ إذ لم تتشكّل شخصيتها المستقلة إلا في وقت متأخر. لذا كان المشرق هو المصدر الأول لاتجاهات تلك الأشكال الأدبية في تلك المرحلة، ولذا نجد الأدب في ذلك العصر يزخر بالألفاظ الغريبة والقديمة بوصفه مظهرا من مظاهر الجزالة والأصالة، ثم ما لبث أن أعتمد على بعض الزخارف البديعية مثل : السجع , الطباق, والاقتباس , لكن دون تكلف تأثرا بالاتجاه نفسه الذي اتجه إليه النثر المشرقي.
.

●  أبرز كتّاب هذه الفترة :
.
     فطيس بن عيسى، وخطّاب بن يزيد، وهما كاتبان لهشام بن عبد الرحمن الداخل، ثم لابنه الحكم بن هشام. والكاتب حجاج العقيلي وكان كاتباً للحكم بن هشام أيضا، وكان بعض الأمراء كتّاباً وخطباء فصحاء مثل: الأمير عبدالرحمن الداخل.
.
.

   ثالثاً: النثر في عصر الخلافة (316- 422هـ):
.
     في هذه الفترة تطور النثر تطوراً كبيراً، وقد تأثر الكتاب بأسلوب عبدالحميد الذي كان أول من أطال الرسائل وأكثر التحميدات ثم بأسلوب الجاحظ الذي تميز بالميل إلى الجمل القصار، وإجادة استعمال حروف الجر، وأداء المعنى الواحد بعدة جمل؛ ليس تكراراً بل تجسيداً للمعنى وتفننا في إيراده، ولهذا نال الجاحظ شهرة بين الكتاب الأندلسيين آنذاك، فتتلمذ على أسلوبه الكثير منهم، ونلحظ ذلك التأثر في خطبة الأمير عبد الرحمن الأوسط بعد دفن والده . وكذلك ابنه محمد بن عبد الرحمن الأوسط في رسالته إلى عبد الملك بن أمية. ومن أبرز الكتّاب في هذه الفترة: ابن جَهْوَر، وابن أبي عامر، والمصحَفي.

.
4- من أعلام الكتّاب في الأندلس منذ القرن الرابع وما بعده:
.
 أبو عمر؛ أحمد بن محمد بن عبد ربه (ت328هـ)
.
     وكان شاعراً وكاتباً، وأهم مؤلفاته النثرية على الإطلاق: كتاب «العِقد» الذي قسمه إلى خمسة وعشرين باباً، وجعل لكل بابين منها اسم جوهرة لتقابلهما في العقد، وهو يجمع بين المختارات الشعرية والنثرية. وله من المؤلفات كتابا: "أمثال العرب"، و"سحر البيان"، وكتاب "طبائع النساء وما جاء فيها من عجائب وغرائب وأخبار وأسرار"
.

 أبو عامر؛ عبد الملك بن شهيد (ت426هـ)
.

     كان وزيرا وكاتباً وشاعراً. من آثاره النثرية «رسالته في الحلواء» ورسالته المسماة «حانوت عطار» وله عمل مشهور بين الأدباء يُعرف بـ «رسالة التوابع والزوابع» (انظر هذه الرسالة أسفل هذه الصفحة) وهي قصة خيالية يحكي فيها رحلته إلى عالم الجن واتصاله بشياطين (أو توابع) الشعراء والكتاب، وقد عرض من خلالها آراءه في اللغة والأدب.

.
 أبو محمد؛ علي بن أحمد بن حزم (ت438هـ)
.

     اشتهر بكونه شاعراً وكاتباً، ومؤلفاته النثرية كثيرة تتناول شتى الموضوعات في الفقه والأدب والأنساب والتاريخ. ومن أهم مؤلفاته كتاب "المُحَلَّى بالآثار" وقد اشتُهِر بذلك الكتاب وعُدَّ به ناشرَ المذهب الظاهري، الذي يأخذ بظاهر النص ومدلولاته اللفظية والمعنوية، معتمدا على الاجتهاد، وغير معتمد القياس في المعاني البتّة. وله من الكتب: "طوق الحمامة"، و"جوامع السيرة"، و"النبذة الكافية" وغيرها الكثير.

.
 أبو الحسن؛ علي بن إسماعيل والمعروف بـ (ابن سِيدَه) المُرسيّ (ت 458هـ)
     وكان أعلم الناس بغريب اللغة، وأهم كتابين له هما: "المحكم"، و"المخصص". وهذان الكتابان هما اللذان طيّرا شهرة ابن سيده وجعلاه يتبوأ منزلة رفيعة بين صانعي المعاجم العربية، باعتباره واحدا من روادها العظام على مر التاريخ. وله مؤلفات أخرى، منها: "الأنيق في شرح ديوان الحماسة لأبي تمّام"، و"شرح إصلاح المنطق لابن السِّكّيت"، و"الوافي في علم القوافي"، و"المشكل من شعر المتنبي" وغيرها.

.
 أبو الوليد؛ أحمد بن عبد الله بن زَيدون (463هـ)
.
     وزير مرموق وشاعر مشهور وكاتب بليغ، وقد افتنَّ برسائله، وكان يحب ولّادة بنت الخليفة المستكفي وكانت فتاة جميلة مثقفة شاعرة مغنية لها مجلس بقرطبة يضم أشهر مثقفي وشعراء ذلك العصر، وهي كانت تحبه، ولكنهما اختلفا، فهجرته وأحبت عاشقا آخر وزيرا ومثقفا يُدعى ابن عبدوس، فكتب ابن زيدون الرسالة الهزلية على لسان ولّادة إلى ابن عبدوس يسخر منه ويحطّ من شأنه، كما سخر الجاحظ في بغداد، في رسالة التربيع والتدوير، من الكاتب أحمد بن عبد الوهاب. وقد ساق ابن زيدون تهكّمه في سيل من الأشعار والأمثال وأسماء الرجال، ووظف ثقافته وفنّه الأدبي في رسالته، وحرص على تناسق الإيقاع، فكان السجع نائباً عن الأوزان والقوافي. واتُّهِمَ بمحاولة انقلاب فسجنة ابن جَهْوَر حاكم قرطبة، فكتب له ابن زيدون رسالة سُمّيت بالرسالة الجدية، يستعطف فيها قلب ابن جَهْوَر ليخرجه من السجن، وقد بدأها بالنثر وختمها بالشعر، وهي من حيث القيمة الفنية لا تقل عن الهزلية.
.
أبو غالب؛ تمّام بن غالب بن عمر (يعرف بابن التيَّاني) (ت436هـ)
.

     وهو من أعلام النحويين واللغويين ويعرف بابن التياني نسبة إلى التين وبيعه. من كتبه: (الموعب في اللغة)، و(تلقيح العين) في اللغة، وكان أمينا مخلصا في علمه، ومن دلائل أمانته أنه ألّف كتابا عن الأمير أبي الجيش مجاهد العامري؛ حاكمِ دانية، إعجابا بالأمير الذي كان أديبا وفارسا وقائدا، وبعد أن استولى هذا الأمير على مدينة مرسية وما حولها فيما بعد، بعث إلى أبي غالب ألف دينار أندلسية على أن يزيد في سيرته التي كتبها عنه، فلم يفعل، وأعاد الدنانير، وقال: «ولله لو بذل لي ملء الدنيا ما فعلت ولا استجزت الكذب، لأني لم أجمعه له خاصة لكن لكل طالب».
.
 محمد بن عبد الملك بن محمد بن طفيل القَيْسي الأندلسي (ت 581هـ)
.

     طبيب وأديب وفيلسوف اشتهر بقصته الخيالية: حي بن يقظان التي تعد من أعظم الأعمال القصصية الفكرية في العصور الوسطى، والهدف منها الوصول إلى معرفة الخالق والإيمان به. (انظرها تفصيلها أدناه، والنص كاملا في مستند مرفق أدناه).
.
 أبو الحسين؛ محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي (ت 614هـ) 
.
     كان شاعراً وكاتباً له الرحلة المشهورة بـ (رحلة ابن جبير)، وقد دونها بأسلوب رصين، جزل الألفاظ، سهل التراكيب، وهي واحدة من رحلاته المشرقية الثلاث.

>> هنا حديث عن رحلته https://fac.ksu.edu.sa/halfaify/blog/276761

.

 أبو الحسن؛ حازم بن محمد بن حازم القَرْطاجَنّي (ت 684هـ):
.

     كان نحوياً وشاعراً وناقداً، وأشهر كتبه «منهاج البلغاء وسراج الأدباء» الذي يمثل قمة من قمم النقد الأدبي. وقد وقد مزج حازم في كتابه بين قواعد النقد الأدبي والبلاغة عند العرب، وقواعدهما عند اليونان، فقد عقد فصلاً طويلاً عن نظرية أرسطو في الشعر والبلاغة، معتمدًا على تلخيص ابن سينا لكتاب أرسطو في الشعر، الذي ضمنه الفن التاسع من كتابه "الشفاء"، وهذه هي المرة الأولى التي يعرض فيها أحد علماء البلاغة من غير الفلاسفة لنظريات أرسطو في البلاغة والشعر، والإفادة منها في فهم وبصيرة. وله كتابان آخران هما: "كتاب التجنيس" و"كتاب القوافي".
.

 أبو الحسن؛ على بن موسى بن سعيد المغربي الأندلسي (ت 685هـ)
.

     مؤرخ، وشاعر، وكاتب، وعالم بالأدب، نظم الشعر وارتحل ودوّن مذكراته، وترك آثارا أدبية تدل على ثراء في الموهبة، واستقامة في التعبير. ومن كتبه المطبوعة «المُغرب في حُلى المَغرب» و«القَدَح المُعَلَّى». و«راياتُ المبرِّزين وغاياتُ المميَّزين»، و«عنوان المُرقّصات والمُطرِبات»، و«الغصون اليانعة في محاسن شعراء المئة السابعة»، وله «رسالة في فضل الأندلس».
.
 أبو عبد الله؛ محمد بن عبد الله بن سعيد السّلماني، المعروف بـ لسان الدين بن الخطيب (ت 776 هـ)
.
     شاعر، وكاتب، وفقيه، ومؤرخ، وفيلسوف، وطبيب، وسياسي. ومن آثاره «الإحاطة في أخبار غرناطة» و«اللمحة البدرية في الدولة النصرية» و«نفاضة الجراب في علالة الاغتراب» و«خطرة الطيف ورحلة الشتاء والصيف» و«معيار الاختيار في أحوال المعاهد والديار»، وله رسائل كثيرة جمع قسماً منها في كتابه «ريحانة الكتّاب ونجعة المُنتاب».
>>
انظر ترجمة هؤلاء الكتّاب وغيرهم، في الموسوعة العربية، هنا
http://arab-ency.com/…/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8-%D8%A…

------------------------------------------------------------------

.
5- نصوص من الأدب الأندلسي.
.

     من أمثلة الإبداع الأندلسي (قصّة حي بن يقظان، ورسالة التوابع والزوابع)
.
أولا: قصّة حي بن يقظان لابن طفيل

 التعريف بابن طفيل:      
.
     هو أبو بكر بن محمد المعروف بابن طفيل عالمٌ موسوغي عربيّ , و لد في غرناطة و توفي في مراكش . اشتهر بالفلسفة و الفيزياء و الطب . درس ابن الطفيل الحديث و الفقه و اللغة . و قد كان من تلاميذ الفيلسوف الشهير ابن باجة . و في حياته عمل على خدمة الموحدين فكان كاتباً و قاضياً و شاعراً حماسياً.
.
     وقد قام ابن طفيل باعادة كتابة قصة حي بن يقظان (التي كانت فكرة ابن سينا)، و لكن قصته كانت مختلفة عن قصة ابن سينا. فالأمر الوحيد الذي أخذه من قصة ابن سينا هو أسماء الشخصيات. و قصة ابن طفيل ما هي إلا توسيع وتطوير لقصة المتوحد أو النابت التي كتبها ابن باجة.
في هذا الرابط حديث عنها منشأ فكرة القصة

http://aljsad.org/showthread.php?t=3718626
-----------------------------------

 ملخص قصة حي بن يقظان
.

     تقول القصة إن حي بن يقظان ولد في جزيرة نائية من جزر الهند تحت خط الاستواء وأنه اختلف في تكوينه فقيل إنه تولد دون أم وأب من طينة تخمرت بالجزيرة على مر السنين وقيل إنه ابن أميرة جميلة كانت شقيقة لملك يمتلئ بالغيرة والأنفة منعها من الزواج بحجة أنه لا يجد لها زوجاً كفئاً وكان لهذه الفتاة قريب اسمه يقظان وهو كريم النفس، طيب الأخلاق . فلما غاب الملك في بعض حروبه، وطالت غيبته، حسبه أهله قد مات، أو قتل في تلك الحروب، فزوّجوا يقظان تلك الفتاة سراً. وبعد أشهر قليلة، حملت منه، ثم وضعت طفلاً تلوح عليه مخايل الذكاء، ودلائل النبل. وما وضعت الفتاة طفلها، حتى عاد أخوها من حروبه منتصراً. ولم يجرؤ أحد من أقارب الملك على إعلامه وإخباره بسر الزواج الذي تم في غيبته، خوفاً من غضبه عليهم وانتقامه منهم.
.
     وخشيت الفتاة أن يذيع سرها، فيقتلها أخوها. ولم تر بداً من كتمان أمرها عنه..فوضعته في تابوت ثم قذفت به في اليم الذي حمله إلى ساحل جزيرة أخرى وكانت مسامير التابوت قد قلعت فلما اشتد الجوع بذلك الطفل بكى واستغاث .. فخرجت ظبية تبحث عن ولدها، فلما سمعت صراخ الطفل ظنته ولدها المفقود. فتتبعت الصوت، حتى وصلت إلى التابوت.حيث أرضعته وعطفت عليه فأخذته وربته وعندما كبر بدأ يحاكي ما يسمعه من أصوات الطير والحيوان وبدأ يتخذ من اوراق الشجر ملابس لانه رأى ما يغطي الحيوانات من الريش والوبر .. .
.
     وشب الفتى متوقد الذكاء عظيم المهارة، فكان يصنع حذاءه وأثوابه بنفسه من جلود الحيوان، ودرس النجوم، وشرَّح الحيوانات حية وميتة، حتى وصل في هذا النوع من المعرفة إلى أرقى ما وصل إليه أعظم المشتغلين بعلم الأحياء ثم انتقل من العلوم الطبيعية إلى الفلسفة وعلوم الدين؛ وأثبت لنفسه وجود خالق قادر على كل شيء؛ ثم عاش معيشة الزهاد، وحرم على نفسه أكل اللحم، واستطاع أن يتصل اتصالاً روحياً بالعقل الفعال .
.
     وأصبح حي بعد أن بلغ التاسعة والأربعين من العمر متأهباً لتعليم غيره من الناس. وكان من حسن الحظ أن متصوفاً يدعى آسال استطاع في سعيه إلى الوحدة أن يلقي بنفسه على الجزيرة، فالتقى بحي، وكان هذا أول معرفة له بوجود بني الإنسان.
.
     وعلّمه آسال لغة الكلام وسره أن يجد أن حياً قد وصل دون معونة أحد إلى معرفة الله، وأقر لحي بما في عقائد الناس الدينية في الأرض التي جاء منها من غلظة وخشونة، وأظهر له أسفه على أن الناس لم يصلوا إلى قليل من الأخلاق الطيبة إلا بما وعدوا به من نعيم الجنة، وما أنذروا به من عقاب النار. واعتزم حي أن يغادر جزيرته ليهدي ذلك الشعب الجاهل إلى دين أرقى من دينهم وأكثر منه فلسفة.
.
     فلما وصل إليهم أخذ يدعوهم في السوق العامة إلى دينه الجديد وهو وحدة الله والكائنات، لكن الناس انصرفوا عنه أو لم يفهموا أقواله. وأدرك أن الناس لا يتعلمون النظام الاجتماعي إلا إذا مزج الدين بالأساطير، والمعجزات، والمراسيم، والعقاب والثواب الإلهيين.
.
     ثم ندم على إقحامه نفسه فيما لا يعنيه، وعاد إلى جزيرته، وعاش مع آسال يرافق الحيوانات الوديعة والعقل الفعال، وظلا على هذه الحال يعبدان الله حتى الممات!.
.
التلخيص منسوخ من هنا 
http://www.devoir-scolaire.com/2015/%D8%AA%D9%84%D8%AE%D9%8A%D8%B5-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%AD%D9%8A-%D8%A8%D9%86-%D9%8A%D9%82%D8%B8%D8%A7%D9%86/

 

ويمكن قراءة قصة حيّ بن يقظان كاملة في الملف المرفق أدناه.
-----------------------------------------------------------------------------

ثانيا: رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد
.

 التعريف بابن شهيد الأندلسي
.

     هو عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد القرطبي، وكنيته أبو مروان. وزير، من أعلام الأندلس ومؤرخيها وندماء ملوكها. ولد بقرطبة عاصمة الأمويين بالأندلس ومات بها عام 393 هـ / 1003 م. شاعر وأديب ومؤلف، له كتاب كبير في التاريخ يزيد على مئة جزء، مرتباً على السنين، يشمل السنوات من عام الجماعة (40 هـ) إلى عام وفاته (393)هـ.
انظر لترجمته: الموسوعة العالمية للشعر العربي 
http://www.adab.com/modules.php…

-------------------------------------

 ملخص رسالة التوابع والزوابع
.

     هي قصة خيالية يحكي فيها ابن شهيد رحلة له في عالم الجن، اتصل خلالها بشياطين الشعراء، وناقشهم وناقشوه وأنشدهم وأنشدوه، وعرض أثناء ذلك بعض آرائه في الأدب واللغة، وكثيرا من نماذج شعره ونثره، كما نقد خصومه، ودافع عن فنه، وانتزع من ملهمي الشعراء والكتاب الأقدمين، شهادات بتفوقه وعلو كعبه في الأدب. كل هذا مع كثير من بث الفكاهات ونثر الطرائف، وإيراد الدعابات.
.
     وقد اختار ابن شهيد لرسالته اسم التوابع والزوابع؛ لأنه جعل مسرحها عالَم الجن، واتخذ كل أبطالها -فيما عداه- من الشياطين. فالتوابع: جمع تابع أو تابعة، وهو الجن أو الجنية، يكونان مع الإنسان يتبعانه حيثما ذهب. والزوابع: جمع زوبعة، وهو اسم شيطان أو رئيس الجن.
.
     وقد وجه ابن شهيد رسالته إلى شخص كناه بأبي بكر، وقدم في أول رسالته بما يشبه المدخل إلى القصة. فذكر عن نفسه كيف تعلم ونبغ، وكيف تعجب صاحبه أبو بكر من عبقريته، وأقسم أن تابعة تنجده، وزابعة تؤيده؛ لأن ما يأتي به من أدب ليس من قدرة الإنس. ثم أقر ابن شهيد أبا بكر على تفسيره، فبين أنه كان يرثي حبيبا له قد مات، فأرتج عليه أثناء النظم. وعجز عن تكميل ما هو بسبيله من شعر، وإذا بجني اسمه زهير بن نمير يتصور له على هيئة فارس، ويلقي إليه بتتمة الشعر، حبا في اصطفائه ورغبة في مصاحبته كما صاحب التوابع الشعراء. ثم ذكر هذا الجني أبياتا يستحضره بإنشادها متى أراد، وأوثب بعد ذلك فرسه جدار الحائط وغاب. ويذكر ابن شهيد لأبي بكر أنه كان كلما أرتج عليه، أنشد الأبيات، فيتمثل له صاحبه الجني زهير بن نمير، فيعين قريحته، وينطق لسانه، حتى تأكدت الصحبة بينهما.
.
     بعد ذلك التمهيد ينتقل ابن شهيد إلى صلب القصة، فيذكر أنه تذاكر يوما مع تابعه هذا، فتناولا أخبار الشعراء والخطباء وأصحابهم من التوابع والزوابع، وسأل ابن شهيد صاحبه قائلا: هلى من حيلة إلى لقاء من اتفق منهم؟ فقال له زهير: حتى أستأذن شيخنا، فطار ثم عاد وقد أذن له. فقال لابن شهيد حل على متن الجواد، فصار ابن شهيد مع تابعة عليه. ثم سار بهما كالطائر، يجتاب الجو فالجو، ويقطع الدو فالدو؛ حتى أتى أرض الجن. وهناك طاف به تابعه على صاحب امرئ القيس، وصاحب طرفة، وصاحب قيس بن الخطيب من الجاهلين، ثم على صاحب أبي تمام، وصاحب البحتري، وصاحب أبي نواس، وصاحب أبي الطيب من الإسلاميين. وابن شهيد في كل لقاء يصور الجو الذي لقى فيه تابعة الشاعر، ويرسم التابعة نفسه بكثير من الملامح التي عرف بها الشاعر في الحياة. ثم يسمع من هذا التابعة وينشده، وينال آخر الأمر إعجابه.
.
     ثم يذكر ابن شهيد أنه طلب من تابعه زهير بن نمير أن يلقى به توابع الكتاب – وهو يسميهم الخطباء – ويحكي أن زهيرا سار به إلى هؤلاء التوابع، وقد اجتمعوا للمذاكرة ببعض المروج، وفيهم تابعة الجاحظ وتابعة عبد الحميد. وقدم زهير بن شهيد إلى صاحب الجاحظ، الذي شهد له، ولكنه أخذ عليه كلفة بالسجع. وقد دافع ابن شهيد عن نفسه، بما حمل صاحب عبد الحميد على التدخل في النقاش، وكان يتهم ابن شهيد أيضا، ولكن ابن شهيد ناظره وصمد له، حتى رضى عنه الصاحبان، وسألاه أن يقرأ لهما بعض رسائله؛ فلما قرأ استحسنا كتابته وتبسطا معه. وهنا شكا لهما حساده من الأندلسيين؛ حتى وصل إلى أبي القاسم الإفليلي – وكان لغويا يكثر من نقد ابن شهيد – فناديا تابعته، فتصدى لابن شهيد بالنقد والتجريح، ولكن ابن شهيد أخرسه وأبطل كل أقواله.
.

     ثم تدخل صاحب بديع الزمان، فعارضه ابن شهيد بقطعة له في وصف الماء، فأفحمه وأخجله. وحينئذ أجازه صاحبا الجاحظ وعبد الحميد، أقراراً بتفوقه.
.
     وبعد ذلك يحكى أبو عامر حضوره مجلس أدب من مجالس الجن يدور الحديث فيه الحديث حول الموازنة، وتعبير شعراء مختلفين عن معنى واحد كل بطريقته، ثم ينتقل الحديث في المجلس إلى السرقات الأدبية، وكيف يمكن أن تحدث السرقة دون أن يفتضح صاحبها. وابن شهيد يقدم في كل موقف رأيا معجبا وشعرا مطربا.
.
     وأخيرا ينتقل ابن شهيد وتابعته إلى أرض بها حيوان الجن من بغال وحمير؛ فيذكر بأنه شاهدهم وقد اختلفوا في قطعتين شعريتين غزليتين إحداهما لبغل محب، والأخرى لحمار عاشق، وأنهم دعوا ابن شهيد لتقويم النصين والحكم بين الشاعرين الغزلين. فسمع ابن شهيد القطعتين، ثم سأل بعض الأسئلة وقضى بما رأى من حكم.
.
     ثم ينتقل إلى إوزّة كانت في بركة ماء، وهي تابعة لبعض شيوخ اللغة؛ وقد تعرضت له الأوزة، وأرادت مناظرته في النحو والغريب؛ ولكن ابن شهيد زجرها وذكّرها بسخفها وحماقتها. وهنا انتهى ما بقي لنا من رسالة التوابع والزوابع.

----------------------

وهنا تحليل رائع لنص من التوابع والزوابع، لنادر حقاني  

https://fac.ksu.edu.sa/halfaify/blog/332100
----------------------

ويمكن قراءة نص رسالة التوابع والزوابع كاملة في الملف المرفق أدناه.

 

[1] - يشكك بعض الباحثين في صحة نسبتها إلى طارق. وهناك بحث حول الموضوع كتبه د. سعد بو فلاقة يثبت صحة نسبتها إليه.

https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22687