Skip to main content
User Image

حسن بن جابر المدري الفيفي Hasan J. Alfaify

Assistant Professor

أستاذ الأدب والنقد المساعد، رئيس وحدة التطوير بكلية الآداب Assistant Professor of Classical Arabic Literature

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
1ب 48
blog

نبذة عن فنّ المقامات في الأدب العربي (نثر قديم [٢])

نبذة عن فنّ المقامات في الأدب العربي

مجموعة من مواضيع متناثرة في أماكن شتى، حاولت تلخيصها وتبسيطها للطلاب، ولمن يريد الفائدة من غيرهم
---------------------

المقامات في اللغة جمع المقامة؛ والمقامة هي المجلس. والمقصود بالمقامة في الأدب «قصة تدور حوادثها في مجلس واحد. (وهذا التعريف لا يهمنا كثيرا، بل ما نريده هو الآتي أدناه).

-------------------------------------------------
● تعريف المقامات الأدبية

المقـامات الأدبية: هي حكايات قصيرة، تشتمل كل واحدة منها على حادثة لبطل المقامة، يرويها عنه راوٍ معيّن، ويغلب على أسلوبها السجع والبديع، وتنتهي بمواعظ أو طُرَف أو عِبَر. أي أنها حكاية قصيرة، تقوم على الحوار بين بطل المقامات وراويها. وتـتـضمن المقـامة عادة قصـة طريفـة حول أحد المُكْدِين (المتسوّلين)، وهم فئة المحتالين الأذكياء البُلغاء، إذ يستطيع هذا المُكْدِي - غالبا - خداع الجماهير بالحيلة والفطنــة والذكاء عبر إيهامهم بعلميّته وفصاحته وتديّنه وحسن سيرته.

 

●  بداية فن المقامات
ظهر هذا الفن العربي في العصـر العباسي؛ في القرن الرابع الهجري، واشتهر به أولًا بـديـعُ الزمـان الهمـذانـي (ت 398هـ/ 1008م)، لأنه أول من سمى نصوصه مقامات، وكــان من أكبر أدباء عصره المبدعيــن. ثم تلاه في الشهرة أبو القاسم الحريري (ت 516هـ/1122م). وهناك كثيرون كتبوا مقامات ذات مواضيع مختلفة، ومنهم مثلا: ابن نباتة (ت 405هـ) وابن ناقيا (ت 485هـ) والزمخشري (ت 538هـ) والسرقسطي الأندلسي (ت 538هـ)، السيوطي (ت 911هـ)، وناصيف اليازجي (ت 1287هـ) واسم كتابه: مَجْمَع البحرين.
وقد استعرضَ شوقي ضيف في كتابه (المقامة) مجموعة من أبرز من كتبوا في فن المقامة عبر التاريخ العربي الإسلامي، ومنهم المذكورون أعلاه وغيرهم، وستجدونهم هنا
https://www.alukah.net/culture/0/138997/

 

● شخصيات المقامة:
الشخصيتان الأساسيتان هما الراوي والبطل، وتقتضي الحكاية ورود شخصيات متنوعة في كل مقامة. وراوي المقامات عند الهمــذاني هو عيسى بن هشـــام، وبطلها أبو الفتح الإسكندري. والراوي عند الحريري هو الحارث بن همّام، والبطل أبو زيد السّروجيّ. والراوي عند السَّرَقُسْطي هو السائب بن تمام، والبطل الشيخ أبو حبيب.
يجدر بالذكر أن البطل والراوي هما شخصيتان خياليتان افتراضيتان، كما هو الحال مع الشخصيــات الأخرى التي ترد داخل المقامــة والتي تؤدي أدواراً مختلفة فيــها.

● أسلوب المقـامات: 
تعتمد المقامة على السجـع كثيرا؛ لأنه يسهل حفظها ويجعل القارئ يعجب ويطرب لما فيها من إيقاع لفظي ظاهر من خلال الانتهاء بالحروف المتجانسة، كما تتميز المقامة أيضا باشتمالها عادة على غريب اللغة والألفاظ المعجمية، وبشيوع فنون البلاغة المختلفة: البديع والبيان والمعاني، وخصوصا البديع والبيان، فالأول يوفر الموسيقا والإيقاع عن طريق السجع والجناس والطباق والمقابلة...، والثاني يهتم بالصورة عبر التشبيهات والاستعارات والكنايات...

●  خصائص المقامـات بشكل عام

 1- يختار كاتب المقامات لمقاماته بطلاً تدور حوادث المقامات حوله، وراويةً يروي تلك الأحداث. وقد سبق بيان الراوي والبطل عند الهمذاني والحريري أعلاه.

2 - تغلب على ألفاظها الغرابة، وتكثر فيها فنون البلاغة المختلفة من تشبيهات و كنايات واستعارات ومجاز. لذلك شرحها ودرسَها عشرات العلماء. 

3 - تزخر بالقصص والحكم والعِبَر والمواعظ.

4 - تدور أغلب قصص المقامات حول الاحتيال والطواف بالبلدان لجلب الرزق بالإيهام والتنكّر.

5 - للمقامات فائدة تعليمية، فعندما يحفظها طلاب العلم والأدب فإنها تزودهم بذخيرة لغوية كبيرة ومفيدة.

6 - أسلوب المقامات يعجّ بالصناعة اللفظية من جناس وطباق مع التزام تام بالسجع. ومن ذلك قول البديع في المقامة البغدادية عن شخص سَوادِيّ (قادم من سواد العراق، وهو المنطقة الزراعية التي بين نهري دجلة والفرات): " فَإِذَا أَنَا بِسَوادِيٍّ يَسُوقُ بِالجَهْدِ حِمِارَهُ، وَيُطَرِّفُ بِالعَقْدِ إِزَارَهُ، فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ، مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ، فَقَالَ السَّوادِيُّ: لَسْتُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَلَكِنِّي أَبْو عُبَيْدٍ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ الشَّيطَانَ، وَأَبْعَدَ النِّسْيانَ، أَنْسَانِيكَ طُولُ العَهْدِ، وَاتْصَالُ البُعْدِ، فَكَيْفَ حَالُ أَبِيكَ ؟ أَشَابٌ كَعَهْدي، أَمْ شَابَ بَعْدِي؟ ..".

 

● أهم السمات الأسلوبية لدی كل من بديع الزمان والحريري.

1- بديع الزمان: مقامات البدیع قصيرة النصوص في الأغلب، وفیها فصاحة وسهولة ووضوح، إلی جانب الدعابة والمرح والتهکم، وهو حسَن الابتکار، قلّ أن تجد له مقامتین في معنی واحد، وتُظهِر مقاماته جودته في السرد والوصف الحسّي والتحلیل، وعباراته رشيقة الألفاظ سائغة التراکیب تحوي أوصافا جميلة، ومع أنه يُكثر من الصناعة المعنویة (في الاستعارات والکنایات والتوریات خاصة) فإنه لا يُظهِر تکلّفا ولا إغراقا في السجع. والهمذاني یبدو بارعا في دراسة الطبائع وتصویر المعائب وعرض مساویء المجتمع. غیر أنّه لا یهدف دائما إلی إصلاح هذه المساویء بنصح أو برَدْع، وإنمّا غایته التهکّم بأصحابها وإطرافِ الآخرین بتصویرها واستعراضها، ويبدو كما لو كان ناقما على المجتمع.

2- الحريري: مقامات الحريري في الغالب أطول من مقامات البديع، وهذا الطول لا يعود لطول قصة المقامة نفسها، بل لأنه يجمع أحيانا حكايتين في مقامة واحدة. ويعود كذلك إلى إكثاره من الألفاظ المترادفة لمعنى واحد، وإيراد عدة جُمَل للمضمون ذاته، كما أن من أسباب طولها أيضا إکثاره من الشعر كتلك القصائد التي يشرح بها أبو زید أحواله، ویقص فيها أخباره. ولغة الحریري عميقة وصعبة، ولكنه يستخدم جُمَلا قصیرة ویقطعّها تقطیعاً موسیقیاً، فلا تتعدی جملته - في الغالب - الکلمتین أو الثلاث، وهو في إنشائه بادي الصنعة، ظاهر التکلّف، یتعمد الغریب من الألفاظ، ویُسرف في استعماله، ویُفرط في اصطناع المجاز والتزیین حتی تجفّ عبارته ویقل ماؤها ویعسُر مساغُها.
ومن أشهر مقامات بديع الزمان مقامتان؛ هما المقامة المَضیریة والمقامة البِشْرِیة. أما المقامة المَضیریة فتظهر فیها براعة البدیع في الوصف ودقة التصویر، علی شيء کثیر من السخرية وخفة الروح. وأما البِشْرِیة، فهي التي وفق بها بدیع الزمان لاختراع شاعر جاهلي تبنّاه التاریخ من بعده، وهو بِشْر بن عُوانة العَبْدي. 

ومن أشهر كتّاب المقامات في الأندلس أبو الطاهر السَّرَقُسْطي (ت 538 هـ/1143 م)، فقد ألّفَ خمسين مقامة بعدد مقامات الحريري وسماها المقامات اللزومية، تناول فيها عدداً من الموضوعات المتنوعة في البيئة الأندلسية: فمنها الوصفية والوعظية والفكاهية والأدبية والنقدية وغير ذلك من موضوعات، وقد طرقت مقاماته العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وروابط الصداقة، ووصف الصديق، وتناولت موضوع الضيوف والكرم وما يكون من الكرماء من العطاء، وأشارت إلى المشكلات اليومية المتعلقة بحرفة الإنسان ومهنته، وهكذا جاءت المقامة تعبيراً عن حاجة اجتماعية لبيئة الكاتب، فقد صورت كثيراً من ظواهر المجتمع، وعالجت جملة من المشكلات الاجتماعية المختلفة، وعبّرت عن آراء الكتاب ومشكلاتهم وهمومهم الذاتية. وفي هذا الرابط، من موقع (الأدب العربي) معلومات تفصيلية عن مقامات السَّرَقُسْطي
https://almerja.com/reading.php?idm=53907
وكذلك انظر دراسة قيّمة للدكتور عبد الرحيم حمدان عن المعالجة الاجتماعية في هذه المقامات، بعنوان (البعد الاجتماعي في المقامات اللزومية للسَّرَقُسْطي) في موقع (ديوان العرب) في هذا الرابط 
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article20702

● الخاتــــمة:
فن المقامات فن عربي أصيل من فنون الأدب القديمة، تميز بنقد الأوضاع العامة للمجتمع الإسلامي في قالب قصصي فني، معتمدا على الزخرفة اللفظية والفنون البلاغية مع معجم هائل من اللغة العربية القديمة. وكان من أهم أعلامه في المشرق: بديع الزمان الهمذاني، وأبو القاسم الحريري، وفي الأندلس: أبو الطاهر السَّرَقُسْطي. وقد أفاد الدارسون والأدباء والمشتغلين باللغة والنقد من هذا الفن التراثي؛ إذ عكفوا عليه بالدراسة والتحليل مستجلين قيمته الفنية واللغوية والأدبية والتاريخية والحضارية. 
---------------------------------------------------------

ومن المواقع الجيدة حول المقامات ما في الروابط أدناه

http://www.diwanalarab.com/spip.php?article17352

https://www.arageek.com/…/…/maqama-forgotten-arabic-art.html

http://hadii.canalblog.com/archives/2007/08/25/5995064.html

http://www.makkahnews.net/articles/4963734/

http://www.diwanalarab.com/spip.php?article17352

http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=385520&page=2
...