البحث اللّغويّ عند العرب (347ع).
تقديم المقرّر: كلمة أ.د. حاتم عبيد
هذه مجموعة من النصوص المنتخبة من مصادرَ ومراجعَ متنوّعةٍ أردنا من وراء اختيارها وتجميعها في هذا الكتيّب أن نقدّم إليك-طالبَ (ـةَ) الفصل الثالث-مادّةً أوّليةً تصلح لكي تكون منطلقا لك في التعرّف إلى "البحث اللّغويّ عند العرب" نشأةً نُحاول أن نفسّر العوامل المسهمة فيها، وتطوّرا نسعى إلى أن نُدركَه في مراحلَ وأطوارٍ مهمّةٍ، وأعلاما نتوقّف على أبرزهم، واتّجاهاتٍ مختلفة ًانتظم فيها تفكير العرب في لغتهم، وقضايا دار عليها ذلك البحث اللّغويّ، ومفاهيمَ وأسسا منهجيّةً قام عليها، حتّى استوى منظومة بيّنة المعالم ترقى إلى مستوى النظريّة اللّغويّة.
ولاشكّ في أنّك ستلاحظ معي أنّ هذه النصوص التي جاءت في أحجام متفاوتة وانتمت إلى أعصر مختلفة ودارت على قضايا متعدّدة تجري إلى غاية واحدة، ألا وهي فتح بصيرتِك على ما بذله العرب القدامى في مجال الدرس اللّغويّ من جهود، حتّى تدرك-حقّا وصدقا وبالدليل القاطع المتمثّل في هذه النصوص-أنّ أسلافك لم يتخلّفوا في ذلك الميدان، وأنّهم-كسائر الأمم التي سبقتهم وتلك التي لحقتهم-قلّبوا النظر في لغتهم، وتركوا لنا تراثا زاخرا يستحقّ أن نفحصه اليوم، قصد تقويمه والنفاذ إلى الأصول المنهجيّة والمعرفيّة التي قامت عليها بحوث العلماء العرب في مجالات أصوات العربيّة وأبنية كلماتها ونحوها ومعجمها ودلالاتها.
ولعلّك-أيّها الطالب (ـة)-ستلاحظ معي أنّنا نستعمل في هذا المقرّر عبارة "البحث اللّغويّ عند العرب"، ونترك في المقابل عبارات أخرى يعبّر بها غيرُنا عن المسمّى نفسه، من قبيل "التفكير اللّسانيّ العربيّ" و"النظريّة اللّسانيّة العربيّة". غايتُنا من وراء ذلك أن نُجنّبك في هذه الإطلالة على التراث اللّغويّ العربيّ الوقوعَ في مزلق وقع فيه كثير من دارسي هذا التراث أفرطوا في الغيرة عليه وسقطوا-جرّاء حبّهم الأعمى ذلك التراث واستبداد فكرة احتواء الآخر (اللّسانيّات/علم اللّغة الحديث) عليهم ورغبتهم الشديدة في الانتصار عليه-في ضرب من المغالطة التاريخيّة التي لا تستحضر المسافة الزمنيّة، ولا تراعي السياقات التي تنشأ فيها المعارف، ولا تعترف بالاختلافات القائمة بين الفكر القديم والفكر الحديث والمعاصر.
نعم، نريدك أن تُطلّ على البحث اللّغويّ عند العرب بعين ناقدة وبرغبة صادقة في فهمه والتعرّف إلى الكيفيّة التي فكّر بها العرب في لغتهم وإلى الأصول التي احتكموا إليها في وضع قواعد العربيّة نحوها. وما هذه النصوص التي نوفّرها لك ونضعها في متناولك إلاّ أداة نحثّك بها، ونستدرجك من خلالها إلى اكتشاف ذلك التراث اللّغويّ في مصادره وفي ما كتب عنه من دراسات حديثة ومعاصرة.
وستلاحظ أنّنا اجتهدنا في اختيار النصوص، كي توافق المسائل التي يضمّها هذا المقرّر، ولتكون مادّة أولى تتسلّح بها وتطّلع عليها قبل الدخول إلى قاعة الدرس، ليكون حضورك في الفصل فاعلا وتفاعلك مع المقرّر إيجابيّا وبنّاء. وكنْ على يقين أنّ هذه النصوص ستهديك إلى كتب ودراسات أخرى ننتظر منك أن تبحث عنها بنفسك في المكتبات الورقيّة والإلكترونيّة، لتستعين بها في تعميق فهمك بالمسائل المثارة داخل الفصل، وفي الإجابة عن الأسئلة التي تُشفع بها أحيانا تلك النصوص، وفي التهيّؤ-التهيّأ السليم-لإعداد بحوث لغويّة تُظهر فيها القدرة على تتبّع الأفكار اللّغويّة عند العرب القدامى في نشأتها وفي تطوّرها وفي ما قامت عليه من أصول ومفاهيم. وثقْ الثقة كلّها أنّ غايتنا من وراء دفعك إلى القيام بمثل هذه التمارين والأنشطة التي نريدك مواظبا عليها وحريصا على القيام بها، تنميةُ قدرتك على التفكير المنطقيّ والسليم الذي يبرز على وجه أخصّ في ما ستكتسبه من مهارات، شأن مهارة التحليل ومهارة التأليف ومهارة النقد والتقويم.
وهاكم مفردات المواضيع المطلوب بحثها والموزّعة على أسابيع النصف الأوّل من السنة الجامعيّة تليها قائمة في المراجع الأساسيّة:
مفردات المقرّر
- الأسبوعان الأوّل والثاني: السياق الحضاريّ لنشأة البحث اللّغويّ عند العرب-متطلّبات النصّ القرآنيّ-متطلّبات المسلمين الجدد- فرضيّة التأثير الخارجيّ.
- الأسبوعان الثالث والرابع: تقويم وصف العلماء العرب لأصوات العربيّة-وصف مخارج الأصوات-الخصائص الصوتميّة.
- الأسبوعان الخامس والسادس: اتّجاهات البحث في بنية الكلمة-الجذور والاشتقاق-الصحّة والاعتلال-الميزان الصرفيّ.
- الأسبوعان السابع والثامن: الأسس المنهجيّة للبحث النحويّ عند العرب-الأسس الوصفيّة-الأسس التفسيريّة.
- الأسبوعان التاسع والعاشر: اتّجاهات البحث في المعنى-طبيعة الدلالة اللّغويّة والعلاقات الدلاليّة-الترادف والتضادّ والمشترك اللّفظيّ-الدلالات التركيبيّة: التركيب الخبريّ والإنشائيّ والشرطيّ-المنظورات التداوليّة.
- الأسبوعان الحادي عشر والثاني عشر: الأعمال المعجميّة وطرائق البحث فيها-اتّجاهات التركيب وكيفيّة الاستخدام-المعجمات الاصطلاحيّة.
- الأسبوعان الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ: تأثّر العرب في بحثهم الّغويّ بعلوم الأمم السابقة وتأثيرهم في أمم لاحقة.
المراجع الأساسيّة
- أحمد مختار عمر: البحث اللّغويّ عند العرب.
- عبد القادر المهيري وآخرون: النظريّة اللّسانيّة والشعريّة في التراث العربيّ من خلال النصوص.
- بواهاس ،جيوم، كولوغلي: التراث اللّغويّ العربيّ، ترجمة محمّد حسن عبد العزيز وكمال شاهين.
- عبد السلام المسدّي: التفكير اللّسانيّ في الحضارة العربيّة.