مقرّر علم الدلالة (644 عرب)

علم الدلالة

درس أ. د. حاتم عبيد

عناصر الدرس
تمهيد

1. في العلاقة بين علم الدلالة وعلم العلامات

2. في الصعوبات التي تواجه عددا من النظريّات في وصف المعرفة الدلاليّة عند المتكلّم:

• نظريّة التعريفات

• النظريّة الإحاليّة/الإشاريّة:

•   النظريّة التصوّريّة:

•  نظريّة الشروط الضروريّة والكافية:

•  

1.  منزلة علم الدلالة في المنوال النحويّ:

4-  نماذج من التحليل الدلاليّ:

• التحليل القائم على مفهوم السمات الدلاليّة

• التحليل القائم على مفهوم الأدوار الدلاليّة

• التحليل القائم على مفهوم  العلاقات داخل المعجم:

•  التحليل القائم على مفهوم الطراز

 
تمهيد:
هناك اتّفاق على أنّ مدار علم الدلالة على دراسة المعنى. ولكن أيّ معنى هذا الذي يدرسه علم الدلالة؟ هو المعنى الذي يتمّ إبلاغه والتعبير عنه عن طريق اللّغة. واضح إذن أنّ للفرد قدرات لغويّة تقوم بالأساس على امتلاك مجموعة من المعارف عليها يدور البحث والوصف في الدرس اللّسانيّ. ولعلّ من أهمّ ما جاءت به اللّسانيّات الحديثة القول بأنّ للمتكلّمين مجموعة من المعارف اللّغويّة، شأن المعرفة بالكيفيّة التي تُنطق بها الكلمات، ومثل المعرفة بكيفيّة التأليف بين الكلمات، والمعرفة بما تدلّ عليه الكلمات المفردة وكذلك الجمل.
الوصف اللّسانيّ له مستويات مختلفة من التحليل: ففي نطاق علم الأصوات تضبط الأصوات التي تمتلكها اللّغة وتحدّد خصائصها. وفي علم التراكيب يتّجه البحث إلى مختلف الكيفيّات التي تأتلف بها الكلمات لتكوّن تراكيب وجملا. وفي علم الدلالة تدور الدراسة على معاني الكلمات والجمل.
وتبقى الغاية من الوصف اللّسانيّ في مختلف تلك المستويات الكشف عن تلك المعارف التي تجعل المتكلّم قادرا على نطق الكلمات والتأليف بينها وفهم معانيها.
بناء على ما سبق يكون هدف علم الدلالة: وصف المعرفة الدلاليّة التي تمكّن المتكلّم أن يعرف على سبيل المثال أنّ الجملتين التاليتين لهما نفس المعنى، أي  تصفان الواقعة نفسها:
- السيّارة الحمراء أمام السيّارة السوداء.
- السيّارة السوداء خلف السيّارة الحمراء.
وأنّ الجملتين التاليتين متناقضتان:
- الرياض عاصمة المملكة العربيّة السعوديّة.
- الرياض ليست عاصمة المملكة العربيّة السعوديّة.
وأنّ الجملة التالية غامضة:
- محبّة الوالدين نعمة من اللّه (محبّة الوالدين أبناءهم؟ أم محبّة الأبناء الوالدين؟)
وأنّ الجملة الأولى تستلزم الجملة الثانية:
- قطع الجلاّد رأس السجين.
- مات السجين.
فالاستلزام مثلا علاقة بين جملتين بحيث تستلزم الجملة أ الجملة ب. فنحن إذا عرفنا أ، عرفنا آليّا ب. ونحن أيضا لا يمكننا في الوقت نفسه أن نُثبت أ ونُنكر ب. ومعرفتنا بالأثر الذي يحصل عندما نضيف كلمة "ليس" أو معرفتنا بالعلاقة القائمة بين "أمام" و"وراء" وبين "قطع رأس" و"مات"...  هذا كلّه يمثّل جزءا من المعرفة الدلاليّة التي يمتلكها متكلّم العربيّة والتي تعتبر جزءا ممّا يدرسه علم الدلالة.
  - المشكل في علم الدلالة أنّه مجال واسع، وأنّ المباحث فيه لا تكاد تُحصى، وأنّ المناهج التي يصطنعها الدارسون في معالجة المعنى متعدّدة. ولهذا كان علم الدلالة من أكثر علوم اللّسان تعدّدا، رغم وجود هدف يشترك فيه الدارسون: وصف المعرفة الدلاليّة التي يمتلكها الفرد. 
- لا يمكن ألاّ نشير أيضا إلى تداخل علم الدلالة بعلوم مجاورة، مثل الفلسفة وعلم النفس اللّذين يدرسان بدورهما مسائل تتعلّق بإبلاغ المعنى وتأويله، ويثيران أسئلة تتعلّق بالدلالة كان ولا يزال لها صدى واضح في الطريقة التي تدرس بها اللّسانيّات المعنى.