مداخلات لغوية، الإجماع في النحو العربي، أبو أوس إبراهيم الشمسان
الشمسان, أ.د. أبو أوس إبراهيم . 2011
مداخلات لغوية
الإجماع في النحو العربي
أبو أوس إبراهيم الشمسان
كان الباحث وقفنا على نوعين من الإجماع؛ أما الأول فهو إجماع العرب في استعمالها للغتها، وأما الآخر فإجماع النحويين، إذن نحن بين مسألتين الأولى الظاهرة اللغوية الموصوفة والآخرة تفسير تلك الظاهرة ووضع الأحكام النحوية لاستعمالها، وأما الظاهرة التي هي مظنة إجماع العرب في تلفظها فهذا ما يتناوله الأصل الأول والثاني من أصول النحو المعروفة أي السماع والقياس بمستوى من مستوياته، وهو القياس الاستعمالي، ومعنى ذلك أن ما أجمع العرب على استعماله مما كان له نظائر كثيرة يقاس عليه ما لم يجد استعماله. وأما ما خالف ذلك القياس، فجاء نزرًا أو لا نظائر له؛ فإجماعهم على استعماله هو ما يسمى بالسماع الملزم بمتابعته وإن عاند القياس؛ إذ لا قياس مع السماع. وأما ما يسمى بإجماع النحويين فهو أمر متوقف فيه؛ إذ هو أقرب إلى متابعة بعضهم بعضًا في الأقوال، مع أنّ خلافاتهم كثيرة في أكثر المسائل، وإن من الدور المنطقي القول بأن إجماع النحويين أصل للنحو أي للتقعيد؛ إذ إجماعهم إنما هو على ما قعّده مقعّد سابق على الإجماع نفسه، وإن يكن إجماع العرب ملزمًا للمستعمل والمقعّد معًا فإنّ عمل النحويين ليس ملزمًا لأحد وإن تواطأوا عليه، ولولا هذا ما كانت الخلافات بينهم، ولما أزرى السهيلي على من قال بتمكن الأسماء، ولما ردّ صاحب المُشرق القول بالعامل، ولما كان للمحْدَثين أن يلتمسوا من طرائق تفسير ظاهرة التصرف الإعرابي ما اطّرح طائفة من مقولات النحويين ومسلماتهم كقول النحويين بالحركة التي قبل المد، وكتقديرهم الحركة على آخر المقصور والمنقوص. والذي انتهي إليه أن إجماع النحويين ليس أصلا من أصول النحو؛ ولكنه حجة لدفع قول المخالف في مسائل الخلاف. وأرى هذا الباحث الجاد قد وفق إلى جمع شتات الموضوع، وحاول إضاءة جوانبه على النحو المشار إليه، وهو عمل جدير بالقراءة والتأمُّل والمراجعة، ويحمد للباحث غزارة مراجعه وحسن استفادته منها ولغته الواضحة. |