Skip to main content
User Image

صالح بن عبدالعزيز النصار

Professor

عضو هيئة تدريس

التعليم
مبنى 15، الدور الثاني، رقم (2أ 86)
blog

الشباب والفنون: القيمة المضافة

الشباب والفنون: القيمة المضافة
أ.د. صالح بن عبدالعزيز النصار
 (محرم 1439هـ)
 
1-تمهيد:

  • الفن هو أحد مقومات التحضر والتمدن التي صبغت معظم الحضارات السابقة، وهي التي خلدت ذكر تلك الحضارات الفانية، وكانت سببا في التعرف على مظاهر الحياة فيها.
  • يمثل الشباب في المملكة شريحة كبيرة من عدد سكان المملكة العربية السعودية تصل إلى 43% تقريبا (15-39 سنة)، و(80%) من هؤلاء الشباب يعانون من مشكلة استثمار وقت الفراغ. وأكثر من (40%) من الشباب لديهم 4-6 ساعات فراغ يوميا.   
  • يوجد اهتمام متنامي حاليا لتشجيع الشباب السعودي على التعليم واكتساب مهارات سوق العمل، ودخول عالم ريادة الأعمال، وكل هذه الأشياء المهمة تعكس ما يسمى "بالقيم الجمعية" أي القيم المتشابهة لدى الكثير من الأفراد. لكن في المقابل، يوجد غياب أو حضور ضعيف لتشجيع الشباب على المهارات والمواهب الخاصة، وتنمية القيم الذاتية أو القيم التي تعكس الصفات الشخصية لكل شاب، وتؤدي إلى استغلال أمثل لطاقاته، وتنمية مواهبه ومهاراته، وهي ما تمثل القيمة المضافة لكل شاب مثل:

-تنمية المواهب والمهارات الفنية.  

  • تنمية المواهب الأدبية في الشعر والنثر والقصة وغيرها.  

-تنمية المهارات والمواهب العلمية، وتشجيع الابتكار والاختراع وغيرها.

  • تنمية المهارات الرياضية الفردية كالسباحة والرمي والتنس وغيرها.

 
2-لماذا يجب اهتمام الشباب بالفنون؟

  • لدى الشباب طاقة بدنية كبيرة، وخليط من المشاعر المتناقضة والأفكار المشوشة. والفنون يمكن أن تسهم في إفراغ طاقات الشباب بالنافع والمفيد، وتمنح مشاعرهم وأفكارهم التوازن الذي ينعكس على طمأنينتهم ورؤيتهم لأنفسهم وللآخرين وللبيئة التي يعيشون فيها.
  • معايشة الشباب للفنون يمكن أن تمنحهم القدرة على حل مشكلاتهم من خلال تحفيز قدرات التفكير الناقد والإبداعي لديهم، وتوفير حياة اجتماعية تتسم بالبهجة مما تسهم في تحقيق الأمن الاجتماعي لديهم، وإيجاد حالة من الحراك الايجابي المستمر والذي ينعكس أثره على التنمية.
  • تسهم الفنون في تنمية الذائقة الفنية والجمالية لدى الشباب، وغياب الفنون قد يؤدي إلى زيادة التوتر النفسي والاجتماعي لدى عموم الأفراد، وفي غياب الرصيد من الموروث الفني للمجتمع، وانحسار الذائقة الفنية والجمالية لدى كثيرين.
  • تسهم الفنون في تخفيف حدة التوتر والاحتقان لدى الشباب، ومن ثم تقليل مستويات العنف والتنمر، والبعد عن الصراعات الفكرية والطائفية والمذهبية، وتجنب المشكلات.

 
3-الوضع الراهن:

  • سياسة التعليم: أغفلت الإشارة الصريحة إلى الفنون (الباب الأول، مادة 42: الأسس التي يقوم عليها التعليم: التفاعل الواعي مع التطورات الحضارية العالمية في ميادين العلوم والثقافة والآداب (غياب كلمة الفنون هنا)، بتتبعها والمشاركة فيها، وتوجيهها بما يعود على المجتمع والإنسانية بالخير والتقدم). مع أنه وردت الإشارة إلى الفنون في الأهداف الإسلامية العامة التي تحقق غاية التعليم: الاهتمام بالإنجازات العالمية في ميادين العلوم والآداب والفنون المباحة (مع عمومية تفسير مفهوم الفنون المباحة). مع أن كلمة الفنون وردت مرة أو مرتين في معرض الحديث عن العلوم والترجمة مثل: تزويد الطلاب بلغة أخرى من اللغات الحية على الأقل، بجانب لغتهم الأصلية، للتزود من العلوم والمعارف والفنون والابتكارات النافعة.
  • المدارس: المدرسة هي المحضن الأول والأكثر أهمية بعد الأسرة لاكتشاف الموهوبين في مجالات الفنون، وصقل مواهبهم، وتشجيعهم ماديا ومعنويا للبروز والتميز. وقد كان للمدارس في فترة ماضية دور جيد في الاهتمام بالفنون من خلال حصص التربية الفنية والأنشطة غير الصفية والزيارات الميدانية وحفلات المدارس والمسابقات والمنافسات الفنية في المعارض المتخصصة، لكن هذا الدور بدأ بالتلاشي شيئا فشيئا حتى كاد أن يختفي بسبب غلبة أصحاب المدارس الفقهية التي تلتزم بحرمة الفنون أو على الأقل عدم جدواها وفائدتها وأنها من المشغلات عديمة النفع والفائدة.  
  • الجامعات: تعد الجامعات ومؤسسات التعليم العالي المحضن العلمي والبحثي لتطوير العلوم والفنون المختلفة. ومع ذلك يلحظ وجود قصور في الاهتمام بإنشاء كليات أو معاهد متخصصة للفنون، ومراكز بحوث أو كراسي علمية متخصصة في الدراسات الفنية. هذا فضلا عن الدور الكبير للجامعة في صقل شخصيات الطلاب وتنمية مهاراتهم ومنها المهارات الفنية. وقد ضعف مؤخرا الاهتمام بالأنشطة المتمثلة في الفنون المسرحية والمواهب الفنية المختلفة، وعودتها مرهون بمنح هذا الجانب مزيدا من الاهتمام من القائمين على البرامج والأنشطة الطلابية، ودعمها ماديا ومعنويا.    
  • الابتعاث الخارجي: يلاحظ الضعف الشديد جدا في إعطاء الفرص للطلاب الراغبين في الدراسة في الخارج في تخصصات الفنون بكافة أنواعها، والتركيز على التخصصات العلمية والتطبيقية، مع أن معظم الدول المبتعث إليها تعطي اهتماما كبيرا للدراسات المتخصصة في مجالات الفنون، إيمانا منها بدور الفنون في نهضة الأمم وتطورها. وربما يعود هذا الضعف في الابتعاث الفني لدور مؤسسات وجمعيات الفنون في الطلب من التعليم العالي تخصيص مقاعد للمبتعثين في مجالات الفنون تتم تحت إشرافها.
  • وزارة الثقافة والإعلام: دور الوزارة رئيس في رعاية الشباب فنيا ودعم إبداعاتهم ومواهبهم الفنية. وقد كان لسحب الأنشطة الثقافية من (الرئاسة العامة لرعاية الشباب) وضمها لوزارة الإعلام أثر في تحديد أدوار ومسؤوليات كل جهة، ما أدى إلى جمود بوصلة دعم الفنون الشبابية. ويمكن للوزارة بعث الاهتمام بفنون الشباب من خلال الأنشطة التي تنفذها عبر المؤسسات والأندية الثقافية.  
  • وزارة العمل والتنمية الاجتماعية: عدد محدود جدا من الجمعيات الأهلية (غير الربحية) المتخصصة في مجالات الفنون، مع ضعف اللوائح المنظمة للمجموعات الشبابية المتعلقة بالمواهب والإبداع.    
  • مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع: تهدف المؤسسة (كما ورد في نظامها الأساسي) إلى "بناء بيئة الإبداع والموهبة وتطويرها ودعمها بما يخدم الازدهار والتنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية"، لكن يظهر أن تركيز المؤسسة منصب على الموهوبين علميا، حيث يؤكد أحد الأهداف على: السعي لإيجاد رواد من الشباب المبدع والموهوب في مجالات العلوم والتقنية.  
  • الهيئة العامة للسياحة والآثار: بحثت في موقع الهيئة عن كلمة "الفنون" ولم تخرج أية نتيجة، لكن نشاطات الهيئة المتمركزة حول الآثار والمتاحف والتراث العمراني والحرف اليدوية، جميعها تصب في خدمة الفنون وتطويرها إذا ما تم توجيهها بشكل ملائم. ويكفي لمعرفة اهتمام أية دولة بالفنون زيارة متاحفها وتراثها العمراني، ومشاهدة حرفها اليدوية وأهازيجها الشعبية.
  • الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون: هي المرجع الأول للثقافة والفنون في المملكة، تأسست عام 1393هـ، ولها (16 فرعا) في أنحاء المملكة. رؤيتها: تنمية حضارة الثقافة والفنون ودمجها في النسيج المجتمعي، مما يعزز مستوى الابتكار والتذوق الفني لدى أجيال اليوم والغد، ويرفع مكانة المملكة على خارطة الإبداع العالمية. جمعية رائدة في أهدافها لكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم والتمكين لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
  • الأندية الثقافية والصوالين الأدبية: لا يوجد حتى الآن أندية وصوالين أهلية متخصصة في تنمية الفنون والمواهب الأدبية والفنية. ويمكن أن يكون للأندية والصوالين الثقافية دور يوازي أو يفوق في فاعليته دور وزارة الثقافة والإعلام في التعريف بمواهب الفنانين والمبدعين خصوصا الشباب، وإبرازهم إعلاميا، ومناقشة إنتاجهم الفني وتأثيره على الساحة الثقافية والأدبية.

 
4-المبادرات المقترحة:

  1. تأسيس (مركز الفنون الشبابية) أو (مركز الشباب للفنون) على غرارYouth Arts Center Milwaukee في مدينة وسكانسون في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن أهداف المركز تنمية المواهب الشبابية، تطوير الشخصية الشبابية، بناء جمهور الغد للفنون والإبداع، مساعدة الرواد في الفنون على نقل مواهبهم ومهاراتهم للراغبين من الشباب للمحافظة عليها وضمان استدامتها.   
  2. تأسيس (حاضنات الفنون) على غرار (حاضنات الأعمال)، وتشجيع الاستثمار في الأفكار الإبداعية في مجالات الفنون المختلفة. الاهتمام بالفنون والحرف الشعبية كالخزف والنسيج والأشغال اليدوية والرسم وغيرها يمكن أن يكون له مردود اقتصادي جيد من خلال تشجيع الاستثمار في مشاريع صغيرة أو متوسطة الحجم في قطاعات الفنون والصناعات التقليدية، إضافة إلى كونها عامل مهم لجذب السياح وزيادة أعدادهم.
  3. إنشاء مدارس أو مراكز متخصصة في صقل المواهب الأدبية والفنية، أو معامل للفنون، وتوجيه القطاع الخاص ورجال الأعمال لدعم هذه المدارس والمراكز المتخصصة.
  4. تشجيع إنشاء جمعيات أهلية (غير ربحية) تعنى بمجالات الفنون المختلفة، ودعم جماعات الهواة الشبابية.
  5. تأسيس برنامج التبادل الثقافي والفني بين الشباب وأقرانهم في الدول الأخرى، تشرف عليه وزارة الثقافة والإعلام.  
  6. إقامة متاحف متخصصة للفنون والإبداع على غرار متحف دبي للفن الحديث. حيث أطلق مشروع متحف دبي للفن الحديث ودار الأوبرا ضمن العديد من المشروعات الثقافية والسياحية التي يتم تنفيذها في مدينة دبي لترسيخ مكانة دبي كمركز لأهم الفعاليات الثقافية في المنطقة.
  7. تخصيص شهر في السنة لتعريف الشباب بالفنون، وتنمية المواهب الفنية، على غرار  Youth Art Month الذي يقام سنويا (شهر مارس) في الولايات المتحدة الأمريكية، وتشارك فيه آلاف المدارس والجامعات والمتاحف والمدارس الفنية.   

والله الموفق