Skip to main content
User Image

أ. د. أحمد بن علي الصرخي

Professor

استاذ طب الأطفال، استشاري ورئيس وحدة أمراض الجهاز الهضمي والتغذية لدى الأطفال، Professor of Pediatrics, Pediatric Gastroenterology consultant, Head of Pediatric Gastroenterology unit

كلية الطب
قسم طب الأطفال، كلية الطب، مدينة جامعة الملك سعود الطبية
blog

موضة زيت كبد الحوت

كثيراً ما تسألني الأمهات عن زيت كبد الحوت، وأثره على نمو أطفالهن الجسدي والذهني.. ولعلي أجيب هنا على بعض هذه التساؤلات بخصوص موضة زيت كبد الحوت والأوميقا-3.

كما يتضح من الإسم، فإن زيت كبد الحوت يُستخرج من كبد نوع معين من الأسماك الدهنية يسمى (سمك القد)، بعكس بقية زيوت الأسماك الدهنية الأخرى والتي تستخرج من أنسجتها مثل سمك التونة والسلمون. وتحتوي هذه الأسماك على 3 مكونات مهمة هي فيتامين د و أ والأحماض الدهنية غير المشبعة من نوع أميقا-3 وهي ما يكثر التسويق له والكلام عليه هذه الأيام.

اُستعمل زيت كبد الحوت في أوروبا قديماً بفعالية لعلاج الكساح عند الأطفال، وهوما تبين لاحقاً بأنه نتيجة احتواء هذا الزيت على نسبة جيدة من فيتامين د. ومع إضافة فيتامين د إلى حليب الأطفال قلت مشكلة الكساح ونقص فيتامين د عند الأطفال، وقلّ تبعاً لذلك استعمال زيت كبد الحوت حتى ظهرت موضة الأوميقا 3 لتنعش سوقه من جديد. كذلك يحتوي هذا الزيت على نسبة جيدة من فيتامين أ وهو مهم لصحة العين خاصة للحماية من العمى الليلي.

ولعل أهم مكونات هذا الزيت هو الأحماض الدهنية من نوع أوميقا-3 وتكمن أهميتها بأن الجسم لايصنعها بنفسه بل يجب عليه الحصول عليها من مصادر الغذاء الخارجية سواءا حيوانية مثل سمك السلمون وكبد سمكة القد والتونة، أو نباتية مثل المكسرات (الجوز واللوز) وحبوب الشيا وبذور الكتان وزيت الكانولا والورقيات خضراء اللون  والصويا والأفوكادو.

وتكمن فائدة الأوميغا-3 في تقليل نسبة الدهون الثلاثية الضارة في الجسم، وبالتالي تقليل بعض عوامل الخطورة لأمراض القلب والشرايين. وتنصح التوصيات العلمية بتناول الأسماك الدهنية مثل السلمون والتونة وغيرهما بمقدار 1-2 مرة في الأسبوع، للوقاية من أمراض القلب (مع تضارب في نتائج الدراسات في تأثيرها الإكلينيكي من ناحية تقليل نسبة جلطات القلب أو المخ أو الوفاة).

كما أن لهذه الأحماض الدهنية دور في تفاعلات جهازالمناعة ، وفي عمليات استثارة أو تثبيط عوامل الالتهاب في الجسم، وإن لم تجد الدراسات الإكلينيكية أثر حقيقي في تقوية جهاز المناعة أو تخفيف عوامل الالتهاب في الجسم.

كما أن هذا النوع من الأحماض الدهنية مهم في تكوين المخ وشبكية العين لدى الأجنة والمواليد، وهي متوفرة بشكل طبيعي في حليب الأم، ولكنها غير متوفرة في الحليب الصناعي البقري، لذلك تعمل شركات حليب الأطفال على إضافتها لمنتجاتها لرفع مستواها، ولكنها لن تصل أبداً لمستوى جودة حليب الأم.
وبسبب أهمية هذه الأحماض الدهنية تُنصح الأمهات الحوامل أو المرضعات بتناول وجبة من الأسماك الدهنية قليلة محتوى الزئبق كالسلمون والتونة المعلبة الفاتحة والربيان بمقدار 1-2 مرة في الأسبوع، فإن لم يستطعن؛ فيمكن تناول زيت الحوت بما يعادل 1جرام في اليوم (وإن كان جودة امتصاصها ليست مثل المصادر الطبيعية). ورغم هذه التوصيات إلا أن الدراسات الإكينيكية لم تثبت بشكل قاطع أن أطفال هؤلاء الأمهات لديهم قدرات ذهنية أعلى من غيرهم.

تكمن المشكلة الرئيسية في الإفراط في تناول المكملات الغذائية المحتوية على زيت كبد الحوت في أنها قد تتسبب في زيادة كبيرة في نسبة فيتامين د و أ في الجسم، حيث يُصنف كلا هذين الفيتامينين على أنهما فيتامينات ذائبة في الدهن، وهذه النوع من الفيتامينات يتراكم في الجسم ويصعب التخلص منه، بعكس الفيتامينات الذائبة في الماء والتي يستطيع الجسم التخلص من الفائض منها بسهولة.

ويسبب تراكم فيتامين د في الجسم حصول تكلسات وحصى في الكلى، أما تراكم فيتامين أ فيسبب مشاكل في النظر، لذلك لايجب أن يتم التعامل مع المكملات الغذائية المحتوية على زيت الحوت أو حتى الفيتامينات العادية بشكل عشوائي، فالإكثار منها قد لا يكون محمود العواقب.

وباختصار فإن ما يسمى بالمكملات الغذاية المحتوية على الأوميقا-3 مفيدة إذا أعطيت لشخص لديه نقص فيها، ولكن استعمالها بشكل روتيني أو مفرط فلا ينصح به، والأفضل دائماً أخذ هذه المكونات من مصادرها الطبيعية كما ذكرنا (وجبة سمك 1-2 مرة أسبوعياً) لأنها لاتعطي الأوميغا-3 فقط، بل البروتين والكثير من الفيتامينات والمعادن مثل الكالسيوم والفوسفور واليود وغيرها، كما إنها أفضل في الامتصاص.
بقلم د أحمد بن علي الصرخي
تم نشر مختصر هذا المقال في مجموعة تغريدات في تويتر 
https://twitter.com/aalsarkhy/status/1252180647872954368