تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

أ.د. وليد بن سعد الزامل

Professor

استاذ في قسم التخطيط العمراني

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2164
مدونة

تحقيق صحفي: إشراك المجتمع يُحسّن الجودة ويُسهم في تجنّب الآثار السلبية

المشاركة المجتمعية

يتمثل نجاح أي مشروع خدمي بمختلف أنواعه بمدى الوصول إلى فهم شامل وعميق لفئات المستخدمين له أو المتأثرين منه؛ ويتوقف ذلك على مدى قدرة المُخطط في التوفيق بين مصالح المستفيدين والمتأثرين من المشروع بشكل عادل ومتوازن دون تحيز لفئة على حساب الأخرى.

"الرياض" طرحت تساؤلات على مختصين في التخطيط والإدارة، من أبرزها أهمية إشراك فئات المجتمع في الخدمات والمشروعات التي تنفذ في المدينة، وهنا أوضح د. وليد الزامل - الأستاذ المشارك ورئيس قسم التخطيط العمراني في جامعة الملك سعود - أن إشراك المجتمع يساعد على تحسين جودة المشروع؛ بل والمساهمة في تجنب الآثار السلبية المتوقعة من المشروعات المقلقة للراحة مثل المصانع، ومولدات الطاقة، والمستودعات أو المجمعات الكبرى والتي تؤثر على تدفقات الحركة المرورية القريبة من الأحياء السكنية، وفي المجمل تسعى عملية المشاركة المجتمعية لمقاربة الفجوة بين احتياجات ومتطلبات المجتمع وطبيعة المشروع المستهدف، وبالتالي إزالة أي غموض حول المُنتج العمراني وطبيعته وأهدافه.

استقصاء وافٍ

وقال د. الزامل: إن تحقيق نتائج فاعلة من المشاركة المجتمعية يقتضي استقصاء وافي لاحتياجات كافة فئات المجتمع بما فيهم الفئات المستضعفة أو المحرومة؛ وبشكل يتزامن مع فهم دقيق للخصائص الاجتماعية والاقتصادية وضمن إطار المصلحة العامة، وتأتي المشاركة المجتمعية في عملية التخطيط العمراني أو تطوير المشروعات العمرانية كمطلب رئيس لنجاحها، فالمجتمع لا يعيش بناء على رغبة المُخطط أو المصمم العمراني، لافتاً إلى أن مبدأ المشاركة يستند على أن من يتأثرون بالبيئة العمرانية لهم الحق في تطويرها وإضافة أي مدخلات مستنيرة تنعكس إيجاباً على المشروع، ومن هذا المنطق، فإن غياب مبدأ المشاركة سوف يؤدي إلى عزل المجتمع وتطوير حلول ارتجالية غير مضمونة العواقب، كما أن استبعاد المشاركة المجتمعية في التخطيط سوف يقلل من ثقافة الانتماء للبيئة العمرانية؛ فالمجتمع لن يتفاعل مع خطط أو مشروعات عمرانية لا تخدمه، ولا يشعر أنه جزء منها أو لم يشارك حتى في تطويرها وعليه فسوف يقاوم أي تغيير مستقبلي.

بشكل جدي

وشدّد د. الزامل أن المشاركة المجتمعية يجب أن تؤخذ بشكل جدي من قبل صانعي السياسات العمرانية سواء عند تطوير الخطط العمرانية أو حتى دراسات التأثير المحيطي للمشروعات، فالمشاركة المجتمعية إذا تم توظيفها في إطار غير جاد يمكن أن تكون وسيلة لإضاعة الوقت والبيروقراطية والتعقيد الإداري، وهكذا، تظل عملية المشاركة المجتمعية متوقفة على مدى إيمان المجتمع بدوره ومدى إمكانية الأخذ برأيه والقناعة الراسخة من قبل صانعي القرار بجدوى إشراكه.

وفي معرض إجابته على تساؤل حول ما إذا كانت المشاركة المجتمعية مقتصرة على الجهاز البلدي الخدمي أكد على أن المشاركة المجتمعية لا يقتصر نطاقها في الجهاز البلدي؛ بل تعد ثقافة سائدة وجزء من خطة المشروع العمراني، وهي بالتأكيد لا تُختزل بمجرد الاستماع إلى آراء السكان والاستئناس بمقترحاتهم ضمن إطار رمزي؛ بل تمكين المجتمع من التأثير الفاعل في مطبخ صناعة السياسات العمرانية وبالتالي التأثير الإيجابي على صُناع القرار والعمل جنباً إلى جنب في مناقشة نقاط القوة والضعف في المشروع.

انعكاس سلبي

ورأى د. الزامل أن غياب المشاركة المجتمعية في العملية التخطيطية عموماً سوف يُؤدي إلى تطوير بيئات عمرانية مترهلة، بعيدة تماماً عن احتياجات المجتمع، وسوف ينعكس ذلك سلباً على المدن وجودة الحياة، وعندئذٍ تصبح البيئات العمرانية محل اجتهادات فردية غير قابل للقياس، لكونها مبنية على افتراضات أشبه بردود أفعال أو قرارات جامحة، ليست نابعة من نموذج مبني على خطة استراتيجية شمولية، مختتماً حديثه بأن المشاركة المجتمعية في عملية التخطيط قائمة على الاعتراف بحق المجتمع كشريك ضمن مجموعة أصحاب المصلحة، لذلك، فإن نجاح المشروعات العمرانية متوقف على قدرة المجتمع بالتفاعل والمشاركة وبشكل يترجم الاحتياجات ويحافظ على كفاءة واستدامة الموارد.

المصدر: صحيفة الرياض
https://www.alriyadh.com/1936196