تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

نايف بن محمد الوعيل

Lecturer

محاضر,قسم الإعلام

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
2أ 111
المنشورات
مقال فى مجلة
2016
تم النشر فى:

«السعودية الحلم».. دولة أساسها الشفافية والإصرار والمواطن

يخطئ من يعتقد أن الأحلام مرتبطة بنومنا فقط بل هي نتاج للواقع والعمل الدؤوب، هي تلك الأشياء الكبيرة التي نستيقظ صباحا لمواصلة السعي لتحقيقها مهما اختلفت مسمياتها ونسهر ليلا لكي نراهن على أنها ستكون موجودة صباحا، نحميها من كل من يحاول الاقتراب منها سواء كان كيانا أو شخصا أو حتى مجرد فكرة سوداوية تعطل محركات أحلامنا وتحاول إيقافنا عن العمل، ذلك العمل الذي سيترجم هذه الأحلام إلى إنجازات ملموسة ضاربا بعرض الحائط كل من يحاول التقليل من أحلامنا أو حتى رؤانا.

هكذا هو الإنجاز يبدأ صغيرا برسمة أو رؤية على ورق وما يلبث أن يتحول لكرة من نار تنير الحاضر وتصبح نبراسا لطريق المستقبل محرقة كل التشاؤم والتشكيك واليأس معلنة أن الإنجاز مر من هنا منطلقا من الأمس قاصدا ومتجها إلى الغد فقط غير سائل عن عوائق يحاول البعض أن يصورها أو أن يرسمها في طريق هذه الرؤية أو الهدف المنشود.

يوم الاثنين أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- رؤية المملكة 2030 والتي تطرقت إلى عدد كبير من المواضيع والقطاعات، هذه الرؤية أكدت منذ سطورها الأولى على الشفافية وكشف المستور وأن الشعب هو "السلطة الأولى" وأنه المراقب لكل ما تقوم به مختلف القطاعات، فقد أكد سموه "لن نتهاون أو نتسامح مطلقاً مع الفساد بكل مستوياته، سواء أكان مالياً أم إدارياً وسنستفيد من أفضل الممارسات العالمية لتحقيق أعلى مستويات الشفافية والحوكمة الرشيدة في جميع القطاعات" فالدولة بناء على ذلك ستتخذ كل ما هو ممكن لتفعيل معايير عالية من المحاسبة والمساءلة من خلال توسيع نطاق الخدمات الإلكترونية وتحسين معايير الحوكمة، بما سيحدّ من التأخير في تنفيذ الأعمال، وتحقيق الرؤية.

آن الآوان لعقولنا أن تتحرر من قيود النفط ولمبدعينا أن يغردوا في سماء الاختراعات

مقدار الشفافية الكبيرة كان واضحا من خلال مقابلة سموه التلفزيونية وانتقاده علنا الإنفاق الكبير والباذخ لبعض القطاعات الأمر نفسه الذي تكرر في "رؤية 2030" والحديث صراحة عن أن المدن الاقتصادية لم تحقق المرجو منها وأن بعضها قد توقف العمل بها فعليا، هذه الشفافية من الرجل الثالث في الدولة تضع الحمل على كاهل الإعلام والإعلاميين للبحث والتقصي عن مكامن الخلل وأن يكون حديثهم أكثر وضوحا وشفافية وأن ترفع المؤسسات الإعلامية سقف الحرية في النقد البناء.

ولم تغفل "سعودية المستقبل" دور الأسرة والطفل والعلاقة بينهما؛ وذلك من خلال تركيزها على أن يقوم أولياء أمور الطلاب بدور أكبر في العملية التعليمية فهي الهادفة إلى إشراك (٨٠%) من الأسر في الأنشطة المدرسية بحلول عام (1442ه 2020م)، إيمان "السعودية الحلم" بأن الطفل هو المستقبل والمراهق هو الحاضر والكبير هو الحكمة جعلها تركز على الجانب الصحي والحياة الصحية للمواطنين متطلعة إلى زيادة متوسط العمر من 74 إلى 80 عاما وهو الأمر الذي سيتحقق -بإذن الله- بعد إعادة هيكلة كاملة للقطاع الصحي وتوفير نمط حياة رياضية من خلال إقامة منشآت ومساحات لممارسة مختلف الأنشطة والتي أكدت الرؤية أنها ستبلغ 450 ناديا للهواة تقدم مختلف الأنشطة الثقافية والرياضية المتنوعة، كما تصمنت الرؤية إطلاق برنامج "داعم" الذي سيعمل على تحسين جودة هذه الأندية.

هذا الحلم الكبير قادر أن ينفض الغبار عن 80 عاما من الاعتماد على النفط كداعم رئيس لكل مشروعاتنا وخططنا وأن ننفض الغبار عن عقول المبدعين السعوديين التي جمدها لفترة من الزمن الاعتماد على ذلك السائل، حلم كفيل بأن يفتح أمامنا جميعا أبوابا كنا نعتقد أنها موصدة وأن نبدأ في الحراك معا للمضي قدما نحو تحول وطني نبنيه نحن وبأيدي أبنائنا وبناتنا مستفيدين من رؤية شابة وعدت بأن تبذل الغالي والنفيس من جد ومال ومخطط في سبيل أن يتبوأ الشاب السعودي مكانه الحقيقي بين أمثاله من مختلف الجنسيات؛ فقد أعلنت أمام الجميع أنها ملتزمة بأن تكون من أفضل دول العالم في الأداء الحكومي الفعال لخدمة المواطنين.

جميعنا جزء من هذه الخطة لذا فالمسؤولية على عاتق الجميع

على الجانب الاقتصادي، من المتوقع الآن أن تتوجه الاستثمارات إلى قنوات الشركات ذات الرسملة الكبيرة والتي لديها المقدرة لكي تكون أول المساهمين في المجالات التي ستتاح فيها فرص الاستثمار ومن المتوقع استفادة مؤسسات القطاع الخاص من هذه الفرص الجديدة وجمع رؤوس أموال من خلال عمليات طرح الأسهم للاكتتاب العام، بالإضافة إلى دخول عدد كبير من الشركات الجديدة والصغيرة مدعومة بدعم الحكومة للمؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم، كل تلك الفرص لا تعني غياب اللاعبين الرئيسين في خارطة الاقتصاد عن المشهد بل ستكون هناك فرص محددة ستستفيد منها بصفة رئيسية الشركات الكبرى مثل شركة الاتصالات السعودية (في الأنشطة التقنية والرقمية)، وشركة معادن (في أنشطة التعدين)، وسابك (التركيز على التصدير)، الرؤية أيضا سلطت الضوء على تركز الإنفاق لتوفير الدعم الكامل للشركات الوطنية الرئيسية والتي تمكنت بالفعل من الحصول على حصص قيادية في السوق، وبخاصة في مجالات النفط والبتروكيماويات والبنوك والاتصالات والأغذية والرعاية الصحية وتجارة التجزئة هذا بالإضافة إلى ظهور قطاعات جديدة تستثمر في الترفيه والمكتبات والمتاحف.

التفاؤل الكبير الذي امتلأت به مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات جرائدنا يجب ألا يلغي العمل ولا يلغي الواجبات ولا المسؤوليات الملقاة على عاتقنا جميعا فحلم بهذا الحجم يجب أن يوازيه بالمقابل عمل منذ اللحظات الأولى، وأن نبدأ في الحراك سريعا لكسر البيروقراطية؛ وهو ما بدأت الوزارات في الإعلانات منذ الأمس إلا أن التغيير المنشود يجب ألا يطال فقط الوزارات المعنية بل حتى القطاعات المشرعة يجب عليها أن تعيد قراءة المشهد الحالي وتبدأ في تكييف قوانينها معه الأمر الذي بدأت فعلا فيه هيئة سوق المال؛ حيث اتخذت عدة خطوات لتوسيع قاعدة السوق المالية واستقطاب شركات من مختلف القطاعات والشرائح لها؛ حيث وافقت أخيرا على قيام شركة السوق المالية السعودية (تداول) بتأسيس سوق ثانٍ يستوعب الشركات الجديدة والشركات المتوسطة والصغيرة، وهو ما يمثل قناة استثمارية إضافية ويعد عاملا مهما في نمو تلك الشركات واستدامتها، كما قامت بمراجعة قواعد استثمار المؤسسات المالية الأجنبية لتخفيف القيود واستقطاب مزيد من المستثمرين لتوفير حجم أكبر من الطلب في السوق لاستيعاب الأصول الكبيرة المزمع إدراجها.

المسؤولية الملقاة على عاتقنا كسعوديين كبيرة فكل منا جزء لا يتجزأ من هذه الخطة وجميعنا مسؤول عن إنجاحها فعيلنا ألا نلقي كامل المسؤولية على الأجهزة المعنية فقط بل علينا أن نبدأ بالتغيير من أنفسنا، وأن نكون على قدر الحمل ونأخذ بيد قيادتنا للمستقبل وهي التي صرحت في بداية رؤيتها بأننا ثروتها الأكبر والتي لا تعادلها أي ثروة، وعلينا ألا نترك للفشل سبيلا ولا مدخلا علينا مستفيدين من دعم القيادة لقنوات التواصل بين الأجهزة الحكومية من جهة وبين المواطن والقطاع الخاص من جهة أخرى.

القيادة الحقيقة كما يراها وارن بنيس هي القدرة على ترجمة الرؤية لواقع ملموس وهو ما أكد عليه إعلان "السعودية 2030" من خلال تنفيذ عدد من البرامج التي أسهمت ومهدّت الطريق أمام بناء هذه الرؤية التي لن تتم إلا إذا وقفنا صفا واحدا كمدنيين وعسكريين ومواطنيين وأجانب خلف حلم مشروع يحق لنا أن نحلم به. 

http://www.alriyadh.com/1150825

رقم الانشاء
17475
مجلة/صحيفة
جريدة الرياض
مزيد من المنشورات
publications

يضع الشاعر البريطاني بايرون خيطا رفيعا بين التفاؤل والتشاؤم حين يوضح في إحدى مقولاته بأن الإنسان المتفائل يري ضوءا غير موجود بينما المتشائم والذي يصفه بالأحمق ويجرده حتى من الإنسانية يري ضوءا ولا…

2016
publications

لقارئ بعين المتعقل والمتابع الصادق للتاريخ سيجد بين دفات الكتب حقائق لا تقبل النقاش على ما يشهده العالم اليوم من إرهاب ودموية وجماعات احترفت القتل والتدمير والعدوانية لكل ما هو جميل وسلمي، لم يأت…

2016
publications

يخطئ من يعتقد أن الأحلام مرتبطة بنومنا فقط بل هي نتاج للواقع والعمل الدؤوب، هي تلك الأشياء الكبيرة التي نستيقظ صباحا لمواصلة السعي لتحقيقها مهما اختلفت مسمياتها ونسهر ليلا لكي نراهن على أنها ستكون…

2016