تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

نايف بن محمد الوعيل

Lecturer

محاضر,قسم الإعلام

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
2أ 111
المنشورات
مقال فى مجلة
2015
تم النشر فى:

صباحات بريطانيا.. ضباب وثقافة ورائحة قهوة

مع إشراقة صباح أي مدينة في العالم تبدأ أشعة الشمس في غسل الشوارع والأذهان، معلنة انطلاقة يوم جديد بتحديات جديدة وهموم مختلفة، ويبدأ الكادحون في النزول إلى أرض الواقع تاركين على وسائدهم أحلام الليل، هذا الصباح لا يختلف كثيرا من مدينة إلى أخرى فالسعي إلى التنمية والتطوير هدف مشترك للكل.

إلا أن بريطانيا وتحديدا لندن تختلف عن ذلك كثيرا فالصباح فيها ملئ بالكتب والثقافة والصحف ورائحة القهوة التي تجبر مدينة صاخبة كلندن على الاستيقاظ مبكرا نافضة عن شوارعها حياة الليل، خالعة رداء «عاصمة الضباب» لتتحول إلى عاصمة القهوة.

هذه العاصمة تحولت الخميس إلى مزار لعشاق القهوة من مختلف أنحاء العالم، وذلك بعد استضافتها لمهرجان القهوة بحضور أكثر من 22 ألف شخص من محبي القهوة ومشاركة أكثر من 250 كشكًا يعرض أنواع القهوة ذات الجودة العالية، بجانب عينات للتذوق وعروض تحضير القهوة من ألمع خبراء صناعة القهوة العالميين.

ويقدم المهرجان الذي يمتد إلى الثالث من مايو بالإضافة إلى ذلك ورش عمل تفاعلية، وأنواع المأكولات التي تباع في الشارع، والكوكتيلات القائمة على القهوة، وعروض الموسيقى الحية والمعارض الفنية، وغيرها من الفعاليات.

كما يستضيف المهرجان في دورته هذا العام افتتاحية «كوفيه ماسترز»، وهي عبارة عن مسابقة لجميع خبراء صناعة القهوة في العالم، والتي تتسم بوتيرتها السريعة وتعدد التخصصات فيها، وتشهد هذه المسابقة تنافس 20 شخصًا من ألمع خبراء صناعة القهوة في العالم.

كما يشهد مهرجان لندن للقهوة إطلاق فعالية أسبوع القهوة في المملكة المتحدة لعام 2015، والذي يقام في جميع أنحاء البلاد، ويتخلله جمع تبرعات يعود ريعها إلى منظمة «بروجيكت ووترفول» الخيرية، والتي توفر مشاريع المياه الصالحة للشرب في البلدان المنتجة للقهوة.

محبو القهوة لا بد لهم أن يستهلوا زيارة العاصمة بالوقوف على مقهى «ذا أتندينت» العريق، والذي التحق مؤخراً بالتيار السائد في لندن، وأصبح يُقدّم أقداح القهوة المشبعة بالبخار هذا المقهى تم تأسيسه في نهاية القرن التاسع عشر، وشكّل حماماً عاماً للرجال، هناك لا بد للزائر أن يجلس على أثاث من البورسلين الأصيل لاحتساء قدح من القهوة من نوع «كارافان» (المُحضرة من حبوب القهوة الخضراء المزروعة في العقارات والمزارع عينها)، بينما يُستقدم الحليب من مزرعة ألبان صغيرة واقعة في سومرست، غرب إنجلترا.

وفي لندن أيضا سيشعر الزائر انه ليس ببعيد عن دياره خلال زيارته إلى مقهى «كليمسون أند سونز» الكائن في هاكني، شرق لندن، هذا المقهى يحصل على جميع منتجاته من محامصه التي تحمل الاسم عينه، والواقعة بجواره، حيث يقوم العاملون فيها بتحميص خلطات الإسبريسو، ومجموعة من حبوب القهوة المزروعة في الأرض نفسها، كما يُقدّم المقهى قائمة إفطار وغداء مُحضرة من مكوّنات ومنتجات يتم شراؤها من الشركات المجاورة، وذلك لمنح روّاده تجربة محلية شاملة.

عشاق القهوة لن تقتصر زيارتهم على العاصمة لندن فقط رغم احتضانها للمهرجان فلا بد لهم من زيارة ليفربول لاحتساء القهوة في بولد ستريت كوفيه الحائز على جوائز عدة، وغالباً ما يحصد أصداء إيجابية ويتم وصف قهوته من قبل الزوار بأنّها «الأعلى جودة، على الرغم من أنّه لا يتباهى بهذا»، إلا أنّ عوامل جذب هذا المقهى لا تقتصر على قهوته، بل لأنه يستضيف معارضا فنية، وحفلات موسيقية، بالإضافة إلى ليالٍ مميزة متعلقة بمجال القهوة.

عشاق الهدوء سيجدون في «بروسميث» مطلبهم حيث يتميز المقهى الكائن تحت إحدى قناطر السكة الحديدية في منطقة «جولوري كوارتر» في بيرمنغهام بأجوائه الهادئة والودودة، يحتسي الزائر قدحاً من القهوة وهو يسترخي بين الوسائد والكراسي المريحة بالإضافة إلى بعض الدمى المحشوة، وما يميز المكان أيضا أنه يتيح للزبائن الاسترخاء بينما يشاهدون إحدى جلسات لعبة الألواح التي يُنظمها هذا المقهى.

ورغم وصول عدد المقاهي في ويلز وجنوب غرب إنجلترا إلى ٣٥، إلا أنّ مقهى «كوفيه #١» لا يزال يحتفظ بطابع مميّز في كلّ من مواقعه، أينما يسمح المكان، ستجد هذا المقهى يتخذ موقعاً له في مبانٍ تاريخية، مُستعرضاً مواقد تقليدية وكنبات من صناعة بلدة تشسترفيلد، بالإضافة إلى المواقع المُنتقاة في كارديف لتُكمل هذه الصورة.

الزائر للمقهى لابد له من إلقاء نظرة على جدار المشاهير فيه، حيث سيجد أنّ الممثل الويلزي الشهير «ماثيو ريس» والمغنية «جوس ستون»، والمغنية في فرقة «سبايس غيرلز» «ميل سي»، كانوا جميعهم من روّاد هذا المقهى.

أما في إدنبره ، فلم يكتسب «إيليفانت هاوس» شهرته من روّاده من المشاهير فقط بل بفضل تقديمه القهوة المُعدّة على الطريقة العربية، تجدر الإشارة إلى أنّ الروائية «جي كي رولينغ» كتبت بعض مؤلفاتها الأولى من سلسلة «هاري بوتر» خلال جلوسها في هذا المقهى، بالإضافة إلى مؤلف روايات «ريبوس»، الكاتب «إيان رانكينغ»، الذي كان يزور هذا المقهى باستمرار، وتُضفي القطع الخزفية وأشكال الفيلة المذهلة نفحة جميلة على أجواء هذا المقهى المفعمة بالود.

عشاق التاريخ والحضارة وحتى الموسيقى لن يسمحوا لأنفسهم بزيارة بريطانيا دون المرور ب»هيرميتاج رود» في هيرتفوردشاير حيث تحتضن أحد المباني، التي تعود إلى حقبة الثلاثينيات بتصميمها الذي يتميّز بأحجار الطوب البارزة وبلاطها الجميل، هذا المقهى مما يُضيف جمالاً وتفرداً إلى تجربة احتساء القهوة فيه، ويقدم هذا المقهى قهوته من محمصة «هاز بين كوفيه»، ومن ثم يُنتج خلطته الخاصة تحت اسم «هيرميتاج رود»، ويمنح هذا المقهى روّاده فرصة الاستمتاع بأنغام الموسيقى التي يُفضلونها خلال احتسائهم قهوتهم، بما أنّه يسمح لهم بتشغيل قوائم الموسيقى الخاصة بهم.

هذا الزجم التاريخي الذي يشكله المقهى يعيد للأذهان صراع مقهى «بيركي بيكوك» للمحافظة على لقبه كأقدم مقهى في إنجلترا حيث يقع في برج حجري يعود إلى القرن الرابع عشر بالقرب من جسر «ليندال» في يورك، وكان في السابق برجاً للجمارك.

وفي المقابل يصارع «ذا ويندو» في نورويك للحصول على لقب «أصغر مقهى في العالم»، هذا الحجم لم يمنع المقهى من أن يكون منافسا قويا عندما يتعلّق الأمر بقهوته ذات الطعم الشهي.

تُقدّم مالكة هذا المقهى «هايلي» خلطاتها الخاصة، والتي تُغيّرها بحسب «الفصول ومزاجها»، بالإضافة إلى ذلك، يتم خبز مجموعة من الكعكات اللذيذة كلّ يوم في هذا المقهى الذي يتّسم بأجواء مريحة، حيث تشعر وكأنّك في المنزل، تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المقهى حصد لقب أفضل مقهى للخلطات الفريدة في القائمة التي نشرتها صحيفة «ذا إندبندنت» لأفضل ٥٠ مقهى في بريطانيا.

نوع عمل المنشور
تقرير
رقم الانشاء
17113
مجلة/صحيفة
جريدة الرياض
مزيد من المنشورات
publications

يضع الشاعر البريطاني بايرون خيطا رفيعا بين التفاؤل والتشاؤم حين يوضح في إحدى مقولاته بأن الإنسان المتفائل يري ضوءا غير موجود بينما المتشائم والذي يصفه بالأحمق ويجرده حتى من الإنسانية يري ضوءا ولا…

2016
publications

لقارئ بعين المتعقل والمتابع الصادق للتاريخ سيجد بين دفات الكتب حقائق لا تقبل النقاش على ما يشهده العالم اليوم من إرهاب ودموية وجماعات احترفت القتل والتدمير والعدوانية لكل ما هو جميل وسلمي، لم يأت…

2016
publications

يخطئ من يعتقد أن الأحلام مرتبطة بنومنا فقط بل هي نتاج للواقع والعمل الدؤوب، هي تلك الأشياء الكبيرة التي نستيقظ صباحا لمواصلة السعي لتحقيقها مهما اختلفت مسمياتها ونسهر ليلا لكي نراهن على أنها ستكون…

2016