غياب الفاعل الحقيقي _ دراسة تركيبية دلالية في أبواب من صحيح البخاري
الجوير, أسماء بنت إبراهيم . 2015
يقوم نظام الإسناد في الجملة الفعلية على إسناد الفعل إذا كان مبنيًّا للمعلوم إلى مرفوع اصطلح النحويون على تسميته بـ(الفاعل)، أما إذا كان مبنيًّا للمجهول فيسند الفعل إلى مرفوع أو ما هو في محل رفع يسمى بـ (نائب الفاعل) كما يسمى بـ (مفعول ما لم يسمَّ فاعله)، ولكن بعض الصور النحوية والبنى الصرفية تبرز بعد التأمل البعد الدلالي لعلاقة هذا المرفوع بفعله، وتكشف عن توتر في علاقة الإسناد بين الفعل ونائب الفاعل أو الفاعل نفسه، إذ تسند الأفعال إلى مرفوعات لا تمت لأفعالها بصلة الأداء الحقيقي، بل بدلالات أعمق يحكمها السياق والاستعمال اللغوي، ليظهر من الاستقراء أن مصطلح الفاعل في التراث النحوي يقوم على أسس شكلية، من منطلق أهمية الإعراب والضبط والتقعيد عند القدماء، ليكون الفاعل في بعض الصور لا يتجاوز الوظيفة النحوية، فهو لا يفعل شيئا، ولا يسبب في فعل ما، لذلك يمكن أن يُعَد مجرد فاعل نحوي.
وتتخذ الدراسة الاستقراء منهجًا لتحاول استقصاء صور الإسناد الشكلي في الجملة الفعلية تركيبًا ودلالة، إلى جانب تحرير مصطلح (الفاعل) في صور الإسناد المجازي، وبعض الأساليب النحوية، والصيغ صرفية، وتسعى إلى تحرير مصطلح (نائب الفاعل) في صورة البناء للمجهول، واستجلاء طبيعة دلالة المرفوع الذي يسند إليه الفعل، واقتراح حلول تقرُّ توتر الإسناد الفعلي في هذه الصور، وذلك في أبواب من صحيح البخاري.
وقد شكلت معظم تعريفات الفاعل محل الدراسة وجهة نظر النحويين التقليدية لهذا المصطلح بالتركيز على رابط الإسناد دون ذكر العلاقة الدلاليّة بين المسند والمسند إليه، بينما قسم آخر منها يسوّي بين الفاعل التركيبي والفاعل الدلالي، وقسمٌ ثالث يربط بين ركني الإسناد في العلاقة الدلالية، مبينًا أثر الإرادة والاختيار في إطلاق هذا المصطلح على المرفوع، وتابعت الدراسة تسلسل مصطلح (نائب الفاعل) عند القدماء، ثم اختارت الباحثة لهذا المفهوم مصطلح (المسند إلى المبني لغير فاعله)، وأظهرت الدراسة مجيء شواهده في أنماط تركيبية متعددة، ونتج عن ذلك أداؤها دلالات خاصة تنتظم فيها، وقد وضعت الدراسة تصنيفًا مقترحًا لأركان أساليب المدح والذم والتعجب يقوم على فهم المستقبِل للرسالة، وعلى الكلام المنجَز، بلا تقدير محذوف أو افتراض معانٍ بعيدة عن واقع الاستعمال اللغوي.
وظهر أن الفاعل الحقيقي يغيب في صيغ المطاوعة تاركًا للمفعول به تأدية الفعل بنفسه في نفسه، وبذلك يكون المرفوع فاعلاً تركيبيًّا، ويغيب جزء من الفاعل الحقيقي في صيغة المشاركة (فاعَلَ) لعدم انطباق الوصف الدلالي للمفعول به على المفعول به التركيبي فهو فاعل في المعنى، وبذلك ينهض حقلان دلاليّان من أفعال المطاوعة، هما: حقل المطاوعة والانعكاس، والصيغ الملازمة للمطاوعة، كما ينهض حقلان دلاليان لصيغ المشاركة، هما: حقل التبادل، وحقل الاشتراك.
وأظهرت الدراسة شيوع الإسناد المجازي في الاستعمال اللغوي، وأن تأمل العلاقات البلاغية لهذا الإسناد يكشف عن أثر التراكيب في بلاغة المعنى، فقسمت الدراسة أفعال الإسناد المجازي وفق سياقاتها إلى الحقول الدلالية الآتية: أفعال الصفات والطبائع، أفعال الوجود وعدمه، أفعال الحياة.
وانتهت إلى ضرورة توجيه الجهد البحثي إلى اختبار المقولات النحوية والصرفية في الكليات والجزئيات احتكامًا إلى واقع الاستعمال وربطًا لها بالمعجم.
يقوم نظام الإسناد في الجملة الفعلية على إسناد الفعل إذا كان مبنيًّا للمعلوم إلى مرفوع اصطلح النحويون على تسميته بـ(الفاعل)، أما إذا كان مبنيًّا للمجهول فيسند الفعل إلى مرفوع أو ما هو في محل رفع…