تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2010

لا تسمعوها .. إنها مجنونة!

د. رشود الخريف

لا شك أن الرقية أمر متفق على جوازه ونفعه بإذن الله. لكن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى! لقد أصبحت الرقية مجال استرزاق لضعفاء النفوس، لأن المريض المسكين يستمسك بقشة. ليت الأمر يتوقف عند استغلال المال، وإنما بعضهم يستخدم الرقية لاستغلال ضعف المرأة المريضة من أجل عمل الرذيلة، وربما الفاحشة. ولكسب المزيد، يلجأ بعضهم إلى تصنيف الرقية إلى فئات. الفئة الأولى لعموم الناس وتكون في قاعة عامة، والفئة الثانية تكون خاصة لمجموعة محدودة من الناس في غرفة صغيرة، أما الفئة الراقية VIP، فتكون الخلوة الكاملة لممارسة الرقية مع المريضة على انفراد تام، ويستلزم ـ أحياناً - النفث على صدر المرأة المفتوح. وترتفع التكلفة، كلما زاد مستوى الخصوصية!

والمشكلة أن كثيراً من أولياء الأمور، كالزوج أو الأخ أو الأب يأتي بالمرأة ويتركها في منزل الراقي أو في غرفة منفردة معه، ليعود إليها بعد وقت معين. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يمارس ولي الأمر العنف ضدها ويجبرها عن الذهاب من أجل «الرقية» و»إخراج الجن» من جسمها.

إن انحراف بعض الرقاة عن الجادة وبعدهم عن الدين معروف لدى كثير من الناس، لكن من الصعوبة توجيه اتهامات يصعب إثباتها بالدليل الملموس أمام الجهات المسؤولة، ما قد يعرض من يشتكي أو يُبلغ لمساءلة ومشكلات هو في غنى عنها!

نقرأ بين الحين والآخر عن أقسى أنواع المعاناة لنساء اتهمن بالمس لإصابتهن باكتئاب أو مرض نفسي مرتبط بالوضع الزواجي. فكثير من النساء يُتهمن بالمس أو الإصابة بعين الحسود، عندما يبدين عدم الرغبة في الاستمرار مع الزوج. ومن ذلك قصة امرأة أخذها زوجها إلى أحد الرقاة نتيجة اعتقاده أنها تعاني المس، وامتد العلاج إلى الصعق الكهربائي لإخراج الجني أو استنطاقه، وتعرضت للتحرش الجنسي المتكرر، والسبب الحقيقي ـ ربما - هو عدم تجاوبها لرغبات الراقي الدنيئة. وفقدت المسكينة «الأمان والستر»، ولم تجد من ينقذها بعد عزلها عن أبنائها، ثم أصبح الجيران لا يستجيبون لندائها، لأن زوجها أبلغهم بأنها «ملبوسة من الجن»، هكذا تروي إحدى السيدات معاناتها المؤلمة.

المصيبة الكبرى أن بعض فئات المجتمع تمر بحالة «مرضية» تحتاج إلى وقفة, فهناك مبالغة في تفسير الرؤى وكأن الناس لا يجدون أي عمل نافع يقومون به، إلا استذكار الرؤى وأدغاث الأحلام في منامهم، ومن ثم الاتصال بالمفسرين عبر أرقام هواتف ربحية أو الاتصال بهم على القنوات الفضائية الكثيرة لتحقيق مكاسب ذاتية ومادية.

لا يقتصر الأمر عند هذ الحد، بل هناك مبالغة في الخوف من الإصابة بالعين، أي «فوبيا العين»، لدرجة الإصابة بالوسواس وتأويل كل مرض نفسي أو عضوي بالإصابة بعين الحسود، مع استبعاد الأسباب الأخرى الشائعة. إن «فوبيا العين أو الحسد» تجعلهم يداومون لدى عدد من الرقاة، لمعالجتهم وحمايتهم من الحسد.

وليت الأمر يقف عند هذا، وإنما تسمع كثيرا عن قصص المس والمآسي، ليكون ذلك سبباً لممارسة العنف والاستغلال، وتسمع عن «فوبيا السحر» الذي شاع بدرجة مبالغ فيها، فأصبح الأمر أشبه بما يصوره لنا خيال منتجي أفلام هوليوود.

أين نحن من الاهتمامات العالمية؟ وأين نحن من قضايا مجتمعنا الملحة؟ أين نحن من العمل التطوعي وتطويره؟ أين نحن من مساعدة الآخرين؟ أين نحن من القراءة؟! فعلى الرغم من تطور المجتمع وانفتاحه في عصر العولمة، إلا أن المبالغة في الاعتقاد بالسحر والمس والخوف من عين الحسود يتطلب قيام الجهات المسؤولة بدراسة هذه الظاهرة وتوعية الناس وتحذيرهم من الرقاة المزيفين والمشعوذين، ولا بد أيضاً من تنظيم الرقاة، وعدم السماح لأي شخص بممارسة الرقية إلا بترخيص من جهة رسمية محددة، تعتمد - قبل منح الترخيص - على مقابلة الشخص والاطمئنان على سلامة دينه ونزاهة أخلاقه والتأكد من دوافعه، ثم لقد حان الوقت لإيجاد جهة لمراقبة العمل في هذا المجال.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية