تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2010

هل أصبح العيد شكلاً بلا روح؟!

د. رشود الخريف

لقد كان العيد مجالاً للتواصل بين الجيران على المستويات والفئات كافة دون أي تحفظ أو مواربة في المدن والقرى على حد سواء، فالرجال يشعرون بفرحة العيد ويشتركون في تناول طعام الغداء في المساجد، والأطفال يلعبون ويمرحون ويستمتعون بالألعاب المشتركة، في حين تتبادل النساء الزيارات والإحساس بفرحة العيد في جو تسوده الألفة والمحبة والحنان. ويتلو ذلك، أي بعد انقضاء حق الجار، تقوم الأسرة بزيارة أقاربها الذين يقطنون بعيداً عن الحارة أو جماعة المسجد.

أما اليوم فقد تغيرت الأحوال وتبدلت الطباع والعادات! أصبح الجار ملغياً من المعادلة، إلا من رحم ربي! وأضحى العيد مقصوراً على الأقارب فقط الذين يتجمعون في الاستراحات الخاصة التي لا يُدعى إليها الأصدقاء ولا يعرفها الجيران. وازدادت الحساسية تجاه الجيران وانعدمت الثقة، مما أدى إلى الحد (أو منع) الزيارات وانعدام التواصل الأسري مع الجيران من غير الأقارب.

لا شك أن هذه التغيرات هي إحدى ضرائب التحضر المتمثل في الانتقال من القرى والمدن الصغيرة إلى المدن المليونية الصاخبة التي تتسم بعدم التجانس السكاني، ولكن هل هذا الإحساس بعدم التجانس يعود إلى التفكير بعقلية القرية الصغيرة التي تغلق الباب أمام الغرباء وتفضل التقوقع حول أبناء القرية أو العائلة؟! لا شك أن ضعف الصلة بالجيران وفقدان الثقة بهم أديا إلى اللجوء إلى الأقارب والشعور بضرورة إيجاد أماكن للقاءاتهم.

ومما يُسعد أن بعض سكان القرى لا يزالون يحتفظون بقيم العيد التي تضفي عليه طعماً وفرحة وسعادة، ولكن العيد فقد طعمه ورائحته وفرحته في كثير من المدن، وخاصة الكبيرة منها. أصبح الجيران والأصدقاء يستغربون الزيارة صباح يوم العيد، ويرون أن الرسائل النصية كافية لنقل التهاني بالعيد السعيد، بل أصبح العيد روتينياً، لدرجة أن بعضهم يقوم بإعادة توجيه إحدى الرسائل التي وردته دون أن ينتبه إلى أنها مذيلة باسم غير اسمه! ولم يعد كثير من سكان المدن على استعداد لاستقبال الضيوف والمهنئين بالعيد، لأنهم يحبذون الاستمتاع بالنوم في ضحى العيد كغيره من أيام الإجازات الأخرى.

والسؤال المطروح هنا: ما العمل لإعادة الفرحة والتواصل إلى أعياد المدن، هل هو من خلال إعادة الثقة بالجيران ومد جسور التواصل بينهم؟ وهل فكرة مراكز الأحياء التي تربط سكان الأحياء وتعزز معرفتهم ببعضهم كفيلة بإعادة بعض الثقة وتقوية التواصل أم أن الحياة الحضرية بتعقيداتها وعدم تجانسها تفرض هذا الواقع الذي لا بد أن نتعايش معه ونتقبله؟!

ختاما.. يسرني أن أقدم التهاني للقراء الأعزاء، داعياً المولى القدير أن يعيده على الجميع بالخير والأمن والسلام، وكل عام وأنتم بخير.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية