تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2011

العَلم الطويل والنظر القصير

 

د. رشود الخريف

في خضم الربيع العربي الذي رفع لواء ''الديموقراطية'' و''الحرية'' بدلاً من الإيديولوجيات القومية والانتماءات الحزبية أو الدينية، لا تزال بعض قيادات الأنظمة وفئات من أنصار هذه الأنظمة البالية، لا تزال لم تستوعب التحول في التفكير والتوجهات والآمال والطموحات لدى الشعوب العربية. بل أصبحت ''تمطط'' في بقائها كما ''تمطط'' في أعلامها الوطنية مسافات طويلة، محاولة بذلك الدخول إلى كتاب الأرقام القياسية ''جنيس'' من أوسع أبوابه!

وكثير من هذه الأنظمة لا يزال ينهج الأسلوب القديم الذي يعتمد على التخويف والترهيب والقمع والسجن، ولا يزال بعضهم يطرب للأغاني الثورية القديمة، ويرفع شعارات حماية المصالح القومية التي لم يتمخض عنها إلا جمهوريات دكتاتورية وأنظمة بطش وتوريث، ولا يزال بعضهم يعتمد على الأقارب والأصحاب في تولي المناصب المهمة في الدولة، وكأن الولاء والانتماء للوطن لا يتدفق إلا في عروق الأقارب فقط!

إن كون رئيس الولايات المتحدة ينحدر من أصول كينية إفريقية لم يؤثر في فوزه بأعلى منصب في الولايات المتحدة، ليكون قائداً أعلى للقوات المسلحة بأقوى دولة في العالم، ولم يُسأ الظن بعدد من رجال الكونجرس الأمريكي الذين ينحدرون من أصول يابانية، على الرغم من دخول اليابان مع أمريكا حرباً عالمية نووية في الماضي، ومنافسة اقتصادية شرسة في الحاضر. وعلى النقيض من ذلك، يُلاحظ تكدس الأقارب والأصحاب والمحسوبيات في الحكومات العربية عموماً وحكومتي اليمن وسورية خصوصاً. إن الظن بأن الانتماء والإخلاص حكر على فئة معينة تجري في عروقها رابطة دم واحدة يهمش الآخرين ويحطم آمال المخلصين ويضعف انتماءهم من جهة، ويساعد على انتشار الفساد والمحسوبيات بين أصحاب النفوذ من الأصحاب والأقارب والمتنفعين من هذا الوضع من جهة أخرى.

هناك تغيرات كبيرة لا بد أن تفهم بشكل صحيح، فلم يعد الإعلام الرسمي مسموعاً في كثير من الدول العربية، بل ظهرت بدائل كثيرة، فقد أصبح باستطاعة كل إنسان فتح قناة خاصة به من خلال ''الفيس بوك'' أو المواقع الاجتماعية الأخرى يبث من خلالها الأخبار والآراء والصور على آلاف الناس في مشارق الأرض ومغاربها، وبذلك أصبحت صناعة الخبر ليست حكراً على الإعلاميين الرسميين، فجميع الناس لديهم كاميرات في هواتفهم النقالة، يمكن من خلالها صناعة الأخبار وبثها بسرعة تفوق وكالات الأنباء الرسمية، التي تعشش في أرجائها البيروقراطية وتعاني الترهل والتكاسل، حيث أصبحت لا تسعى وراء الخبر، بل تنتظر إلى أن تصلها الأخبار من الآخرين من خلال الفاكس، وإن كانت متطورة فمن خلال البريد الإلكتروني.

ختاماً: ليت الحكومات العربية تفهم الدرس وتستوعب التغيير وتستفيد من العبرة، لكي تحقن الدماء وتجنب مجتمعاتها الاضطرابات وعدم الاستقرار، نتيجة الحرمان من الحقوق وعدم المساواة بين فئات المجتمع، وفوق ذلك غياب الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي. أرجو ألا تنتظر القطرة الأخيرة التي تفيض منها الكأس أو قُل (تنكسر منها الكأس)! إن العبرة ليست بالأعلام الطويلة والإشاعات العقيمة، ولكن بالرؤية الحكيمة واحترام عقول الشعوب. وأخيراً يقول أرنست همنجواي ''إن الموتى والحمقى هم فقط الذين لا يغيرون آراءهم أبدا''.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية