تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2011

«شموخ» وأزمة القيم!

 

د. رشود الخريف

تناولت بعض الصحف قبل أيام قضية طفلة الطائف ''شموخ'' (ذات السنوات السبع) التي تعرضت لعنف أسري تقشعر له الأبدان. مصدر هذا العنف ليس شخصا غريبا، بل هو والدتها ''المجرمة'' التي أوسعتها ضربا في رأسها وأرجاء جسمها كافة بآلة حديدية ثقيلة، ثم حجزتها في المنزل تئن بجراحها وتصارع آلامها دون علاج إلى أن لفظت أنفاسها في الطريق للمستشفى بعد أيام عدة. دائما نثير الاستغراب لما يحدث في المجتمعات أو الدول الأخرى، مؤكدين غياب القيم والأخلاق وعدم الالتزام الديني لديهم، ونستشهد بقضايا مثل قضية سميث الأمريكية التي قتلت أطفالها غرقا في إحدى البحيرات قبل سنوات عدة. ولكن ننسى أن ما يحدث في منازل أقاربنا وجيراننا وأحيائنا لا يقل وحشية مما يحدث في المجتمعات الأخرى، إن لم يكن أشد قسوة ووحشية، خاصة مع غياب الأنظمة التي تحمي الأطفال، ووجود عادات اجتماعية تمنح الوالدين حقا كاملا في تأديب الأبناء ومعاقبتهم، بل تعذيبهم أحيانا.

في الدول المتقدمة، يمكن لأي مواطن أن يُبلغ عن سوء معاملة الأبوين لطفل يسير في الشارع، وفي حال ثبوت ممارسة العنف يُحرم الأبوين من حق الوالدية parenthood، ولكن سلوكا مثل ذلك قلما يحدث في مجتمعاتنا. وهنا أسأل: من منا قام بالتبليغ عن سوء معاملة طفل مع والديه في الشارع أو أي مكان عام؟ في ثقافتنا الاجتماعية ينتشر المفهوم بأن للأبوين كل الحق في التعامل مع أطفالهما كيفما شاءا.

ما ذنب طفلة الطائف ''شموخ'' التي تعرضت للعنف من قبل والدتها على مدى سنوات أدت إلى كسر إحدى يديها قبل سنتين، ثم إلى وفاتها قبل أيام عدة؟ أليس كسر اليد قبل سنوات عدة يستحق العقاب؟ أليس كفيلا باكتشاف وجود العنف الأسري؟! أين الجهات الأمنية من هذا العنف عند حدوث كسر اليد قبل سنتين؟ وأين المستشفى المعالج الذي لم يرفع تقريرا إلى الجهات الأمنية؟ وأين الجهات الأمنية التي يفترض أن تحقق في الحالات التي ترد إلى المستشفيات؟ هل مؤسساتنا العامة تتستر على العنف الأسري؟! إذا كان الأمر كذلك، فإنها تشارك في العنف ضد الأطفال وتستحق المحاسبة.

لا أعتقد أننا نستطيع أن نفاخر بمجتمعاتنا الإسلامية بشكل مطلق إذا كان العنف يحدث تحت مسمع ومرأى مؤسسات المجتمع وخاصة الرسمية مثل المستشفيات والجهات الأمنية التي لا تبادر باتخاذ الإجراءات المناسبة للحد منه. لا ينبغي أن نفاخر كثيرا.. ونحن لا نحمي الأطفال ولا نُبلغ عن ممارسة العنف من قبل الجيران والأقارب. نعم ديننا الحنيف لا يُقر هذه الممارسات الوحشية، بل يجرّم العنف الأسري بأشكاله وأنواعه كافة، ولكن هناك فرقا بين الاعتقاد الديني وبين الممارسة الفعلية! إذاً هل نحن نعاني أزمة في القيم وضبابية في التمييز بين العنف والتأديب؟!

نسمع أخبارا عن دراسة العنف الأسري ونقرأ عن إعداد أنظمة للحد من الإيذاء وعن عرضها على مجالس ولجان حكومية، ولكن ينطبق على هذا الأمر المقولة: ''أسمع جعجعة ولا أرى طحنا''. لا بد من التحرك سريعا للحد من العنف ضد الأطفال من خلال تبني أنظمة وإجراءات رادعة، وتبني مشروع رفع مستوى الوعي بخطورة العنف ونشر ثقافة مكافحته والتمييز بين العنف والتأديب. يبدو أن هناك لبسا لدى البعض - أفرادا ومؤسسات - بين ''التأديب'' المعقول و''العنف'' المذموم.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية