Skip to main content
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
blog

قابلية المدينة لاستيعاب ذوي الاحتياجات الخاصة

قابلية المدينة لاستيعاب ذوي الاحتياجات الخاصة

أشرت في مقال سابق إلى أن التكوين المادي للمدينة يترجم احتياجات كافة الشرائح الاجتماعية للوصول إلى مستويات الرضا والسعادة.

نظريا، إن تطوير منتج عمراني مثالي يلبي متطلبات كافة أفراد المجتمع بعدالة ويتماشى مع الظروف الاقتصادية والبيئية هو الغاية التي يسعى لها المخطط العمراني، كنت أتساءل دوما إذا كانت المدينة غير قادرة على استيعاب احتياجات الأسوياء فكيف لها أن تستوعب ذوي الاحتياجات الخاصة؟ إذا كان الطفل غير قادر على الخروج من المنزل وقيادة دراجته الهوائية في ساحات مرصوفة وآمنة، وبشكل يساعد على تحسين نموه الجسدي والعقلي، فكيف بذوي الاحتياجات الخاصة؟

في الحقيقة، إن تواجد ذوي الاحتياجات الخاصة في فضاء المدينة مرهون بمدى مواءمة هذه المدينة لاحتياجاتهم؛ فعندما لا تراهم في الأماكن العامة إلا نادرا فهذا لا يعني أن المدينة ليس بها أفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ بل يعني ببساطة عدم قدرة المدينة على توفير مرافق وخدمات تلبي احتياجاتهم فهم بذلك لا يستطيعون الخروج حتى من منازلهم دون مساعدة. من هذا المنطلق، تسعى العديد من مدن العالم لتصبح مدنا صديقة لذوي الإعاقة، من خلال تطبيق معايير الوصول الشامل بشكل يحقق لهذه الفئة مستويات عالية من المشاركة في المجتمع وباستقلالية تامة دون الاعتماد على الغير وبما يكفل تحقيق قيم العدالة والمساواة الاجتماعية.

إن الاشتراطات الفنية لمعايير الوصول الشامل تضمن تحقيق البيئة التصميمية المناسبة لكافة المستخدمين بمن فيهم الأسوياء. ويتضمن ذلك تأهيل الفراغات العمرانية لمتطلبات المساحة والوصول للأشخاص الذين يستخدمون الكرسي المتحرك، أو العصا، أو العكاز، أو عربات الأطفال، أو حقائب السفر، أو أجهزة التنقل لغير المبصرين. على سبيل المثال، تتضمن هذه الاشتراطات تخصيص الفراغ الخاص لحركة المستخدم والتي تسمح على الأقل بمرور كرسيين متحركين معا مع توفير منحدرات للأرصفة ذات ميول مناسبة لسهولة انزلاق الكرسي طلوعا أو نزولا. أما نوعية الأرضية المستخدمة للمشي فيجب أن تكون من مواد صلبة ومستقرة ومستوية ومقاومة للانزلاق؛ فالأسطح الزلقة خطيرة لجميع المستخدمين وبالذات كبار السن. كما أن فتحات تصريف الأمطار المشبكة قد تمسك بالعصا وتعلق بالعجلات؛ في حين أن الأسطح غير المستوية أو تلك التي تحتوي على مدرجات قد تعيق من استخدام الكرسي المتحرك وتؤدي إلى تعثر مرتادي الطريق. إن مسارات المشاة يجب أن تخلو من أي عناصر فرش ضمن محيط الحركة للمشاة كالأجسام البارزة أو أعمدة الإنارة أو الأشجار أو صنبور الحريق Fire hydrant (مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، 2010).

ولعلي أستذكر في نهاية هذا المقال فعالية استخدام الكرسي المتحرك والتي أطلقت في عام 2005 بتنظيم من جمعية الأطفال ذوي الإعاقة ضمن برنامج (جرب الكرسي) وتحت شعار «الإحساس بمعاناة المعاق يساعد على تحقيق احتياجاتهم». استهدف البرنامج معايشة الأصحاء للمعاناة التي يعيشها المعاق داخل فضاء المدينة، وتضمن البرنامج مشاركة الأفراد غير المعاقين في كرسي متحرك داخل مضمار دائري يحتوي مجموعة من المعوقات التي يتطلب اجتيازها داخل أحد المجمعات التجارية.

على أي حال، إذا أردت التأكد من مدى ملاءمة المدينة لاستيعاب ذوي الاحتياجات الخاصة ما عليك سوى تجربة الجلوس على كرسي متحرك ومحاولة قيادته وقضاء احتياجاتك اليومية والعودة مرة أخرى إلى المنزل دون مساعدة من أحد؛ فإذا رجعت إلى منزلك بسلام فتأكد حينها أن مدينتك صديقة لذوي الإعاقة. ولعلي أختصر عليك الوقت وعناء المحاولة لأقول إنك لن تستطيع حتى إخراج هذا الكرسي المتحرك من منزلك دون مساعدة؛ فإذا استطعت فلن تكون قادرا على قيادته في فضاء المدينة!

https://makkahnewspaper.com/article/1543890