تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
مدونة

ازدحام ليالي رمضان بعد الرواتب حاجة جنان!

لا خلاف أن حجم الازدحام المروري في شهر رمضان المبارك يتضاعف نتيجة تعددية أنماط الرحلات المرورية وتداخل أوقات الذروة ضمن فترات زمنية قصيرة نسبيا. في فترة النهار تزدحم الشوارع بسبب كثافة الرحلات المرورية لأغراض العمل أو الذهاب للمدارس والجامعات وتتداخل هذه الرحلات مع رحلات الزيارات العائلية وشراء المستلزمات الغذائية قبل فترة الإفطار، أما في فترة المساء فيحدث الازدحام المروري نتيجة تولد نوعية أخرى من الرحلات المرورية الخاصة لأغراض التسوق أو زيارة الأقارب أو الذهاب إلى المقاهي أو المساجد؛ وهكذا تغدو المدينة في حالة حركة دؤوبة طوال اليوم.

ويأتي الازدحام المروري في ليالي رمضان وخصوصا بعد إيداع رواتب الموظفين ليزيد العبء على السعة التصميمية للطرق ومسارات الحركة والتي تنتشر على جانبيها المحلات التجارية والأسواق مع عدد محدود من مواقف السيارات.

يستيقظ رب الأسرة على نغمة إيداع الراتب بوجه مشرق متفائل وابتسامة لا تكاد تفارق محياه ووعد قطعه على أسرته بقضاء كافة مستلزماتهم حال استلام الراتب، في المساء يقود سيارته ويتجول بين المراكز التجارية والأسواق ليشتري احتياجات الزوجة من ملابس وإكسسوارات وأقلام مكياج وعطور وثلاثة أنواع من البخور لحضور مناسبة زواج صديقتها بعد العيد، أما الأبناء فهم بحاجة إلى ملابس جديدة وأطقم رياضية من ماركة محددة، يستكمل رب الأسرة رحلة التسوق في اليوم التالي ليس لشراء مستلزمات أخرى؛ بل لاسترجاع بعض القطع والملابس لأن الزوجة غيرت رأيها وتريد موديل أو قطعة أخرى، كما أن بعض القطع تحتاج إلى خياطة، وفي كل يوم يذهب الزوج في المساء إلى تلك المحلات التجارية بجيب وفير ليعود إلى المنزل خالي الوفاض وغير قادر على موافاة بقية الالتزامات الضرورية في نهاية الشهر.

في الأسبوع الماضي كنت في زيارة للأقارب قطعت فيها مسافة ما يقارب 30 كلم من غرب مدينة الرياض إلى شرقها، تصادفت هذه الرحلة مع فترة إيداع رواتب الموظفين فاستغرقت ساعة ونصف الساعة للذهاب ومثلها في العودة أي ما يعادل ثلاث ساعات لرحلة يفترض ألا تتجاوز أكثر من 20 دقيقة.

معظم الطرق كانت متوقفة تماما وما يزيد الأمر سوءا هو محاولة بعض المركبات تجاوز المسار المخصص والانتقال بين المسارات؛ بل واستغلال أي فجوات موجودة بين المركبات ومحاولة الالتصاق والالتفاف دون مراعاة لأولوية المرور، يردد البعض عبارة «رمضان كريم» في حين يفقد البعض أعصابه وثباته الانفعالي ليرفض أي تجاوزات على المسار المخصص للحركة وتصبح الشوارع عندئذ أشبه بساحة معركة البقاء فيها للأقوى!

لست هنا بصدد تحليل أسباب الازدحام المروري وسبل معالجتها والتي سبق الإشارة لها في أكثر من مقال؛ بل التأكيد على أهمية إيجاد حلول نوعية تقوم على أساس التحكم بمصادر الرحلات المرورية غير الضرورية؛ إذ يأتي الازدحام المروري في ليالي رمضان نتيجة التسوق الاستهلاكي الذي يزيد يوما بعد يوم خاصة مع اقتراب عيد الفطر المبارك.

الخلاصة، لابد أن نعيد النظر في الثقافة الاستهلاكية للأسرة السعودية فالعادات الاستهلاكية في رمضان تقتضي التسوق بشكل شبه يومي وشراء العديد من المستلزمات غير الضرورية والتي يتم ترويجها بعروض وحملات دعاية مقرونة بإغراء التخفيضات الموسمية ويترتب على ذلك هدر اقتصادي وازدحام مروري؛ فمتى نعي الدرس؟

https://makkahnewspaper.com/article/1587048