تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
مدونة

العمران ورمزية العلم السعودي

تحتفي المملكة العربية السعودية للمرة الأولى في تاريخها بيوم العلم الذي يوافق 11 مارس من كل عام نستذكر فيها بطولات وملاحم سطرتها سيوف العدل وسواعد الأبطال.

ويشير يوم العلم إلى اليوم الذي أقر فيه الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - العلم بالشكل الذي نراه اليوم ليحمل دلالات القوة والعدل والنماء والرخاء.

ويؤكد هذا اليوم على قيمة العلم السعودي بوصفه رمزا للتوحيد والتلاحم والوحدة الوطنية، فشهادة التوحيد التي تتوسط العلم تؤكد على رسالة السلام والإسلام التي قامت عليها هذه الدولة المباركة، في حين يشير السيف إلى العدل والقوة والحكمة وعلو المكانة، أما اللون الأخضر فيشير إلى النماء والرخاء والمستقبل المزدهر.

ويعد العلم السعودي رمزا للهوية الوطنية وتشكل مشاهدته في الميادين العامة والمباني والمؤسسات الحكومية والأهلية عاملا فاعلا في ترسيخ ثقافة الانتماء والاعتزاز بالهوية الوطنية.

ومن الأهمية بمكان أن يتواجد العلم السعودي في جميع الأماكن العامة ولا سيما تلك التي تشهد معدلات عالية من الزوار كالمواقع السياحية والترفيهية وذات البعد الثقافي ليظهر العلم السعودي في خلفية أي صورة يمكن أن تلتقطها في هذه المواقع.

أشرت سابقا إلى أهمية أن يترجم العمران الرسالة الثقافية التي يحملها العلم السعودي وينقلها لمجتمعات العالم. ويأتي العمران في مقدمة مصادر الثقافة الوطنية التي تعزز من انتماء الإنسان للمكان وتحكي قصة المجتمعات في سياق تطويع البيئة العمرانية لخدمة الإنسان، وإن المدينة يمكن أن تترجم ثقافة الانتماء والبعد الوطني من خلال تجسيد التراث الوطني في العمران وتوظيف المفردات العمرانية لتنقل صورة ذهنية عن المملكة العربية السعودية لشعوب العالم، وهو ما يختصر جهودا كبيرة يصعب نقلها بواسطة القصص التاريخية.

إن نقل هذه الرسالة لا يقتضي العودة إلى الماضي؛ بل استلهام المفردات العمرانية التراثية ونقلها للأجيال القادمة، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال تطبيق المبادئ التالية:

أولا: الحفاظ العمراني للمواقع التاريخية والتراثية وإبراز القيم الثقافية المتعلقة بها، ولا يتم ذلك من خلال صيانتها أو إعادة ترميمها لتكون مزارات أشبه بالمناطق المحنطة؛ بل من الأهمية بمكان العمل على إدماجها ضمن السياق الحضري كمورد ثقافي واقتصادي ينعكس إيجابا على المجتمع والمدينة، ويشمل الحفاظ العمراني للمواقع التاريخية إعادة إحياء العناصر العمرانية بوظيفتها السابقة نفسها أو إعادة تعيين الاستخدام الأمثل لها كمواقع سياحية أو أسواق أو متاحف أو مناطق مفتوحة.

ثانيا: تطوير تشريعات عمرانية في البناء تعزز البعد الثقافي في العمران، فالحداثة لا تقتضي التخلص من روح الماضي لبناء جسد الحاضر؛ بل توليف المفردات العمرانية التراثية لتكون أكثر مرونة والعمل على إنماء الدلالات الرمزية لها لتتماشى مع الحاضر وتستجيب لمتغيرات المستقبل، ويشمل ذلك تطوير أكواد بناء للمواقع المحيطة بالمناطق التراثية بحيث تتماهى مع طبيعة الموقع وخصائصه الثقافية الفريدة.

ثالثا: أن تجسد المشاريع التنموية الكبرى البعد الثقافي من خلال استلهام مفردات المدينة السعودية القديمة وإعادة صياغتها تماشيا مع متطلبات الحاضر وتقنيات المستقبل؛ ويشمل ذلك العناصر العمرانية التاريخية كالأحياء التقليدية والأسواق الشعبية والميادين التاريخية.

باختصار نحن بحاجة إلى أن يستلهم العمران الحديث روح الماضي، ليخدم الحاضر بتقنيات المستقبل.

https://makkahnewspaper.com/article/1585569