تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
مدونة

أرسل لي اللوكيشن؟!

الوكيشن

يعد القطاع اللوجستي من أهم القطاعات الحديثة في منظومة النقل والذي تهدف الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية لتطويره من خلال ركائز تؤكد على ترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية كمركز اقتصادي عالمي يتوسط القارات الثلاث. وفي ظل توجهات الرؤية الوطنية في التحول نحو المدن الذكية تأتي شركات النقل والتوصيل كواحدة من أبرز الخدمات الحديثة التي تحتاجها المدن الكبرى لكونها تساعد على تحسين جودة الحياة وتحقيق الرفاهية المنشودة للمجتمع.

وتأكيدا لذلك، تسعى الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية لتحقيق عدة أهداف ومن أبرزها تحسين التكامل مع أنماط النقل عبر تعزيز الروابط بين النقل البحري والجوي والطرق والسكك الحديدية لتحسين خدمات نقل البضائع، ودعم التكامل مع بقية القطاعات نحو رفع تصنيف المدن السعودية في سباق التنافسية العالمي. وتأخذ هذه الاستراتيجية عدة مغيرات منها الاستفادة من الثورة المعلوماتية وتوظيف التقنية في خدمة المدينة. وربما لا يلمس العميل الإطار الشمولي لمراحل النقل وتعقيداته أو مكونات منظومة الخدمات اللوجستية، بقدر ما يهمه وصول المنتج أو الشحنة للموقع وتنفيذ الخدمات المطلوبة بسرعة فائقة، وتكلفة منخفضة، وجودة عالية.

إن شركات خدمات النقل بما فيها البريد العادي في معظم دول العالم تستخدم نظام العنوان الرسمي كوسيلة قانونية معتبرة لنقل البضائع والشحنات والمستندات الرسمية للأفراد والشركات. فبمجرد كتابة عنوان المرسل إليه المتضمن رقم المنزل، واسم الشارع، والرمز البريدي تصل الشحنات أو المستندات تلقائيا إلى باب المنزل أو مقر الشركة دون الاتصال بالعميل أو طلب أي معلومات إضافية.

محليا، لا زالت العديد من شركات التوصيل تستخدم أساليب لا تتماشى مع التوجهات الحثيثة في سياق تفعيل دور التقنية في النقل والخدمات اللوجستية. تطلب (بعض) شركات التوصيل بيانات تأكيد العنوان من خلال رسائل الواتس أب، ولا ينتهي الموضوع عند هذا الحد؛ بل يطلب مندوب التوصيل أيضا عبر رسائل الواتس أب عنوان المنزل ويكرر عبارة «أرسل لي اللوكيشن» أو إذا لا تريد استلم الشحنة من الفرع. وفي موعد التسليم يصر (بعض) مندوبي التوصيل على الاتصال بالعميل للتأكد من وجوده وتنسيق الاستلام قبل توصيل الشحنة؛ وفي حال عدم الرد يؤجل إرسال الشحنة لليوم التالي، كما يطلب بعض مندوبي التوصيل بيانات باللغة الإنجليزية؛ في حين البعض الآخر لا يجيد اللغة العربية أو الإنجليزية؛ وهكذا تضطر للتواصل معه صوتيا قائلا «متى يجي؟» ثم يجيبك «أرسل لي اللوكيشن أنا يجي».

الأدهى من ذلك، مشاهدتي لأحد المندوبين يرسم كروكي للموقع على نفس الشحنة لتسليمها! يا للعجب العنوان كاملا مكتوب في الطرد وهذا يسأل أين الموقع وذاك يرسم كروكي؟! والنتيجة النهائية أيام طويلة مهدرة، وحرق أعصاب، وجهد يضيع في ملاحقة شحنة ترفض الوصول إلى عنوان منزلك مباشرة.

في الحقيقة يشكل تطوير نظام النقل والخدمات اللوجستية عاملا هاما في إطار التحول نحو تعزيز تنافسية المدن العالمية في السلم الحضري. وهكذا فجودة الحياة في المدن تتأثر سلبا ليس لنقص أو خلل في الخدمات اللوجستية؛ بل في حوكمة هذه الخدمات والتأكد من ملامستها لاحتياجات السكان وصولا لتحقيق أقصى درجات الرضا والسعادة للمجتمع.

ملخص القول، إن بناء الإطار المادي أو بنية النقل في المدن لن يكون كافيا لضمان تحقيق مستويات عالية لجودة الحياة؛ بل من الأهمية بمكان أن يترافق ذلك مع إطار يقيس مستويات الأداء ومؤشرات تستجيب لاحتياجات المجتمع، عندها سوف تصل شحنتك مباشرة إلى عنوان منزلك.

https://makkahnewspaper.com/article/1582393