تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
مدونة

التخطيط العمراني وحقوق الفئات المستضعفة

الفئات المستضعفة

يولي التخطيط العمراني اهتماما بالغا بحقوق الفئات المستضعفة or vulnerable disenfranchised groups، ويؤكد على أهمية تلبية احتياجاتهم ضمن إطار القوانين والتشريعات العمرانية وفي سياق يتماشى مع تحقيق أهداف المصلحة العامة.

الفئات المستضعفة، هي تلك الفئات غير القادرة على الوصول إلى الموارد المتاحة أو الخدمات المقدمة في المدينة لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو صحية أو مكانية، وتشمل عادة ذوي الدخل المنخفض، أو كبار السن، والأطفال، والمعاقين، أو الأقليات التي تواجه تمييزا عنصريا، أو الفئات التي تحتاج إلى رعاية صحية خاصة.

تشير أهداف التنمية المستدامة (SDGs) وجدول الأعمال الحضري الجديد للأمم المتحدة إلى الفئات المستضعفة، باعتبارها أحد شرائح المجتمع التي تواجه صعوبة في تحقيق احتياجاتها سواء في قطاع الإسكان أو الصحة أو التعليم أو النقل ضمن إطار المدينة.

وعليه لا يمكن لهذه الفئات أن تتماهى وقوى السوق دون وجود قوانين وتشريعات ملزمة، تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتعالج الفجوة بين احتياجات المجتمع والموارد المتاحة.

السوق ليس بالضرورة أن يوفر إسكانا أو أنماطا معيشية أو خدمات ملائمة للفئات الفقيرة أو المحرومة؛ لأنه قائم على أساس الدفع مقابل الخدمة أو تعظيم الأرباح. تعيش هذه الفئات غالبا في مناطق عشوائية أو أحياء سكنية متدهورة أو مناطق سكنية قريبة من ملوثات المصانع، أو مباني مستأجرة؛ لأنها غير قادرة على الاستجابة لمتطلبات السوق الحر التنافسي نحو أعلى الأسعار.

تنتقل الأسرة من مسكن مستأجر إلى مسكن آخر، نظرا لارتفاع أسعار الإيجارات؛ ومع ارتفاع الأسعار استجابة للطلب تواجه الأسرة خيارين أحلاهما مر: فإما البقاء في المسكن وتحمل دفع تكاليف الزيادة، أو الخروج والبحث عن مسكن آخر. وهكذا، تشد الأسرة الرحال إلى مسكن آخر أقل جودة؛ لأنه أرخص ويتحمل الأبناء أعباء ليس لهم ذنب فيها، تشمل التكيف مع أنماط حياة مختلفة ومدارس وأصدقاء جدد في كل مرة تنتقل فيها هذه الأسرة إلى حي سكني آخر.

وعلاوة على ذلك، يتحمل الفقراء والفئات المستضعفة في المدينة أعباء إضافية بسبب ارتفاع أسعار السلع أو العقارات السكنية، نتيجة تطوير المشاريع الاستثمارية الضخمة في المدن والتي تبنى وفق قدرات الأغنياء. وفي المقابل، يعيش الأغنياء في أحياء سكنية راقية؛ لأنهم قادرون على الدفع مقابل التمتع بمستويات معيشية عالية المستوى.

إن ترك الفئات المستضعفة في المدن لقوى السوق دون وجود سياسات وتشريعات عمرانية لحمايتهم،لا يتماشى مع مبدأ تحقيق «المصلحة العامة» وهو أحد أهم أهداف التخطيط العمراني. إن الإدماج الاجتماعي لا يعني أن يعيش الفقراء والأغنياء جنبا إلى جنب، فمن السذاجة التفكير بذلك؛ بل تصاغ سياسات عمرانية تتفق ومبدأ العدالة الاجتماعية، تترجم هذه السياسات إلى واقع خلال تعزيز المشاركة المجتمعية وتوفير فرص الوصول العادل إلى الموارد والتعبير عن الرأي واحترام الحقوق، وهو أمر لا يتحقق في بيئات الإدارة الحضرية المركزية البيروقراطية.

وفي المجمل، تعمل السياسات العمرانية على مقاربة الفجوات الاقتصادية أو الاجتماعية أو البيئية لحماية الفئات المستضعفة في المدينة، ويستلزم ذلك توفير نظام رعاية صحية لكبار السن والمعاقين، وبرامج دعم لذوي الدخل المنخفض خلال تطوير تشريعات عمرانية تلزم المستثمرين بتوفير نسبة من المشاريع الربحية لخدمة هذه الفئات.

وختاما، فإن مشاركة الفئات المستضعفة أولوية بالغة الأهمية، للوصول إلى سياسات عمرانية أكثر عدالة.

https://makkahnewspaper.com/article/1576488