تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

مدير مركز بحوث كلية العمارة والتخطيط

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2109
مدونة

التتبع التاريخي واستقراء تحديات الإسكان

التتبع التاريخي واستقراء تحديات الاسكان

إن السياسة الإسكانية تضع في عين الاعتبار فهم الواقع بكافة سياقاته الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية مع رسم المنهج المستقبلي للتعامل مع قضية الإسكان ضمن إطار يحقق العدالة بين كافة الفئات الداخلة في القطاع.

يعتمد صياغة السياسة الإسكانية على ابتكار الطرق وأفضل الوسائل التي تستغل الموارد المتاحة والأدوات لتحقيق الأهداف.

لقد شهد قطاع الإسكان في المملكة العربية السعودية تغيرات متلاحقة تأثرت بالعوامل الديموغرافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، أصبحت الحاجة إلى الاستقرار والسكن ضرورة قصوى مع الازدهار الاقتصادي الذي شهدته البلاد عام 1970 وعليه كان هناك تحول ملحوظ للمجتمع السعودي من البادية إلى الدولة الحديثة وهو ما سرع من وتيرة البناء والعمران في المدن الكبرى.

بذلت الجهات الحكومية جهودا كبيرة في تأسيس بنية تحتية متكاملة للمدن؛ إلا أن توفير الوحدات السكنية واجه نقصا نتيجة التوسع الحضري والهجرة إلى المدن الكبرى، ولمواكبة الاحتياج الإسكاني أنشئت وزارة الأشغال العامة والإسكان وتم استحداث صندوق التنمية العقارية في عام 1974 وذلك لتقديم قروض طويلة الأجل ودعم المواطنين في الحصول على مسكن ملائم.

في الحقيقة، لم يكن صندوق التنمية العقارية بمثابة برنامج تمويلي إسكاني؛ بل كان يستهدف بالدرجة الأولى «التنمية العمرانية» وتشجيع البناء على الطراز الحديث، ومع ذلك أسهم هذا الصندوق بشكل أو بآخر في تقديم القروض وتمكين المواطنين من الحصول على مسكن ميسر.

في فترة السبعينيات وأوائل الثمانينيات، أنشئت العديد من مشاريع الإسكان العامة لاستيعاب الطلب الذي أحدثته الطفرة الاقتصادية، وأسهمت هذه المشاريع في إعادة التوازن لسوق الإسكان وتخفيض الطلب؛ بل الوصول إلى فائض سكني حيث إن كثيرا من مشاريع الإسكان العاجل ظلت شاغرة ولم تكن خيارا مفضلا للعديد من الأسر لاعتبارات مختلفة، كما قدمت الحكومة دعما سكنيا غير مباشر للموظفين في عدد من القطاعات الحكومية من خلال تطوير مجمعات سكنية للموظفين أو تقديم أراضي المنح.

وفي فترة التسعينيات انحسر الدعم السكني المباشر نتيجة العوامل الاقتصادية الناجمة عن انخفاض عائدات النفط وحرب الخليج وهو ما أسهم في طول فترة قوائم الانتظار لمستحقي دعم صندوق التنمية العقارية وتقليص حجم الإنفاق على مشاريع البنى التحتية. وفي المقابل، ساعد العرض المفرط في الإسكان في فترة السبعينيات والثمانينيات في امتصاص الفجوة، حيث أدى تراكم حجم المعروض في ارتفاع معدل الوحدات السكنية الشاغرة في المدن الكبرى.

وفي فترة الألفية ألغيت وزارة الأشغال العامة والإسكان، وتم الحفاظ على برنامج منح الأراضي ولكن بقدرة منخفضة ودون آليات واضحة لقياس مدى استحقاق المستفيدين، وشهد الإسكان نقصا حادا وخاصة في المدن الكبرى وهو ما أدى إلى اتساع الفجوة بين العرض والطلب.

في عام 2007، أنشئت الهيئة العامة للإسكان لتتولى مسؤولية قطاع الإسكان.

وفي عام 2011، تأسست وزارة الإسكان لتحل محل الهيئة العامة للإسكان في تحمل مسؤوليات الإسكان، وكانت أبرز أهداف الوزارة تتمثل في «تسهيل حصول المواطن على سكن جيد النوعية في وقت مناسب من حياته، وزيادة ملكية المنزل، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في دعم مختلف أنشطة وبرامج الإسكان، ورفع المعروض من أنواع الإسكان المختلفة».

الخلاصة، إن التتبع التاريخي لمراحل تطور السياسة الإسكانية في المملكة العربية السعودية يعد أداة هامة في إطار استقراء الدروس المستفادة والتحديات التي واجهت قطاع الإسكان وسبل التعامل معها.

https://makkahnewspaper.com/article/1567067