المعاكسات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :فإن المعاكسات من الأمراض الاجتماعية الخطيرة ، التي تفرز آثاراً مدمرة على الشباب والفتيات بخاصة وعلى المجتمع بعامة ، وإن معالجة هذه الظاهرة ليس حصراً على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إنما هي مسؤولية المجتمع بأسره بكافة مؤسساته .
فالأسرة مثلاً مسئولة عن أبنائها وبناتها، في تنشئتهم وتربيتهم على الأخلاق الإسلامية والآداب الفاضلة ، ومراقبتهم بعد ذلك في تصرفاتهم ، وكذلك فإن من واجبات الأسرة الحد من ذهب أبنائها وبناتها إلى الأماكن التي يتعرضون فيها لمثل هذه المعاكسات ، إضافة إلى أن عليها منع الأسباب التي تؤدي إلى تلك المعاكسات ، كبعض ملابس الفتيات مثلاً أو بعض تصرفاتهن التي تلفت الأنظار وتسبب المعاكسات .
ومن الأشياء المهمة أن تحرص الأسرة على بيان عاقبة المعاكسات في الدنيا والآخرة بذكر بعض النصوص أو الحوادث الواقعية والقصص المؤثرة ، وتخويفهم بالله سبحانه وتعالى من مثل ذلك .
والمدرسة أيضاً هي جزء من المجتمع الذي يجب عليه معالجة هذه الظاهرة ، فالولد والبنت يتشكل جزء كبير من شخصيتيهما عن طريق المدرسة ، فأقول لا بد أن تعي المدرسة بكل طاقمها هذه المشكلة ، فيكون للإدارة وللمدرسين والمدرسات أثر إيجابي في حل هذه المشكلة بالتحذير من عواقبها وبيان أخطارها ، ولا مانع من أن تتخذ المدرسة إجراءً عقابياً ضد من يثبت عليه شيء من طلابها أو طالباتها .
والمسجد أيضاً له دوره في معالجة مثل هذه الظاهرة ، بأن يقوم الإمام بترتيب بعض الكلمات حول الموضوع بين حين وآخر ، وكذلك خطب الجمعة ، وبخاصة في الأوقات أو المناسبات التي تكثر فيها المعاكسات .
ومجتمع السوق من الباعة والمشترين ومن جاء لحاجة أو مجتمع المكان العام من الرجال والنساء ، هؤلاء كلهم لهم دور مهم في معالجة الظاهرة ، وأقول -من وجهة نظري-: هذا المجتمع أهم في معالجة المشكلة من مجتمع المنزل أو المدرسة ، لأنه هو المجتمع الذي تترعرع فيه المشكلة، فلو أن المعاكس في السوق مثلاً وجد إنكاراً من صاحب المحل ومن المشتري ومن المار في السوق لحاجة لما تجرأ على فعله ، ولو أنه توقع الإنكار من أمثال هؤلاء لما أقدم على المعاكسة .
فالذي أقوله وأأكد عليه أننا نحن ولله الحمد مجتمع مسلم ولا نرضى لأبنائنا وبناتنا أمثال هذه التصرفات ، فلا بد أن نحول هذا الشعور إلى خطوة عملية وهي الإنكار على من رأيناه في الأسواق والأماكن العامة على من يقوم بمثل هذه التصرفات .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ أبنائنا وبناتنا وجميع المسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....
د. سليمان بن قاسم العيد