140 علم مهارات الاتصال
التعريف بمقرر مهارات الاتصال
مقدمة:
لقد صار الطالبُ والمعلم والمنهج والأدوات أجزاءً متكاملة في صنع المعرفة، وإحداث التقدم وإنجاز
النقلات النوعية في أي مجتمع تعليمي. فإذا كان المعلم مصممًا لبيئة التعلم، والمنهج يلبي حاجات الطالب
والمجتمع، فإن الطالب هو حلقة الوصل بين المعلم من ناحية، والمنهج من ناحية أخرى، والأدوات من ناحية
ثالثة، وهنا تتجلى قيمة التدريب الذي يقوم على بناءالمهارات التي يستطيع الطالب من خلالها مسايرة
الأهداف الحديثة، والمتطلبات المعاصرة لعمليات التعلم.
وتُعنى المناهج المعاصرة بما يعرف بالحقائب التدريبية، وصناديق التعلم التي تحوي المفردات الأساسية؛
للحصول على المعرفة، وليس على المعرفة ذاتها،لتحقيق هدف كبير يتعلق ببناء الشخصية والمهارات الأساسية
للحياة، مثل: مفهوم الذات الإيجابي، والقدرة علىحل المشكلات، وصنع القرار، والتواصل مع الآخرين، وتوكيد
الذات، والتعامل الأنسب مع الأحداث والظواهر، والتفكير المستقبلي بشكل انفتاحي يعلي من قيمة العقل
ويحقق التوازن بين أضلاع المثلث الذهبي للفرد: )التفكير والانفعال والسلوك(.
فالحقيبة التدريبية الحالية تركز على تدريب الطلاب على كيفية استخدام وتطبيق المهارات الأساسية؛
لتطوير الذات المتمثلة في الاتصال، وما يندرج تحتها من مهارات تفيد الطالب في حياته الجامعية والعملية
أيضًا، كمهارات العروض التقديمية، والإلقاء، والخطابة، وكيفية اجتياز المقابلات الشخصية.
فالفرد هو المسؤول عن صناعة ذاته وتطويرها، وإكسابها المعارف، والمهارات، والاتجاهات التي تساعده
على تحقيق أهدافه في الحياة، وفي ضوء ما سبق تم تأليف مقرر مهارات الاتصال ) 140 علم( وهو أحد مقررات
مهارات تطوير الذات في السنة التحضيرية.
إن من الأهداف الأساسية لأي مؤسسة تعليمية: )بناء شخصية المتعلم وتجهيزه للمواطنة والحياة(.
ولقد ظل السؤال المحرك للتوجهات التربوية هو دائماً السؤال عن الصورة التي يتجلى بها تحقُّق هذا الهدف
في سلوك المتعلم وكفاياته وسمات شخصيته؛ أي: ما المواصفات التي إذا تحققت في الخرِّيج دلت على نجاح
المؤسسة التعليمية في أداء رسالتها وتحقيق هدفها؟
11
ويمكن أن نتتبع تاريخيّا ثلاث موجات من الاتجاهات التربوية في الإجابة عن هذا السؤال، وهي:
-1 الاتجاه المعرفي: )أو التربية البنكية(، إذ يقاس نجاح المؤسسة التعليمية بمقدار ما تودعه في أذهان خريجيها
من معارف ومعلومات.
-2 الاتجاه المهاري: )أو التربية الاستهلاكية كما يسميها نقادها(، إذ يركز على إتقان المهارات، أو الكفايات التي
يتطلبها سوق العمل.
-3 اتجاه الإعداد للمستقبل: )أو التربية للمشاركة(، إذ يركز على إكساب المتعلم الأدوات والإستراتيجيات
وطرق العمل التي يُْكِنُه تشغيلها ذاتيًّا؛ ليواجه تحديات المستقبل ومحاذيره ومشكلاته، ويشارك في بنائه.
إن إجماع التربويين اليوم يكاد ينعقد على أن المهمة الأساسية للمؤسسات التعليمية هي )إعداد أجيال
المتعلمين للمستقبل(، وأن الإعداد الصحيح للمستقبل:
- ليس في تزويد المتعلمين بالمعلومات؛ لأن المعلومات أصبحت في متناول الجميع وتحت أيديهم في أي لحظة.
- ليس في إتقان مهارات سوق العمل؛ فسوق العمل يتطلب من المهارات ما لا يمكن حصره فضلاً عن إتقانه.
وإنما يكمن الإعداد الصحيح للمستقبل في:
- تزويد المتعلم ب )صندوق أدوات(، أو )سلة مفاتيح(، أو )إستراتيجيات عمل( يستطيع استخدامها
متى أراد، أو متى احتاج؛ فيحصل بوساطتها على المعلومة التي يريد، أو يكتسب المهارة التي يرغب في اكتسابها،
أو يحل المشكلة التي تواجهه، أو يؤدي مهامه، أو يحلل ويقوم وينقد، أو يبتكر ويبدع.
ولقد أدى هذا المنحى أو التوجه التربوي إلى تزايد الاهتمام بمهارات التفكير، والإبداع، والبحث،
والتعلم، والاتصال، والتخطيط، وإدارة الذات... وغيرها من العلوم والمهارات التي يمكن تجميعها تحت مسمى
)مهارات تطوير الذات(. وأصبح تزويد المتعلمين بهذه المهارات هو الشغل الشاغل للمخططين التربويين،
وصناع القرار في كثير من الدول.
12
مجالات تطوير الذات:
إن الشخصية السوية المتوازنة هي الشخصية التي يمكن وصفها ب )التوافق الداخلي والانسجام
الخارجي(. وتفقد الشخصية توازنها عندما يصيبها خلل، أو يعتريها نقص في بنيتها الداخلية، أو في تفاعلها
مع البيئة المحيطة بها.
ولذلك تُعنى برامج )تطوير الذات( بالجانبين معًا، أي جانب الشخصية ذاتها بمكوناتها الثلاثة
الأساسية )النفس، والعقل، والجسد(، و الجانب الخارجي الذي يحيط بهذه الشخصية إما في البيئة الخاصة
)بيئة العمل/ الجانب الوظيفي(، أو البيئة العامة )المجتمع/ الجانب الاجتماعي(.