تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

أسماء بنت محمد بن سعيد العطية

معيدة، قسم الثقافة الإسلامية

2 / 2 / 251
ملحق المادة الدراسية

حكم إهداء الموظف بعد انتهاء المعاملة

المقرر الدراسي


الموظف
إذا أعطاه المراجعون مالا بدون طلب منه فهل له أخذه ؟


 


 


صديقي شاب ملتزم ابتلي بالعمل في وزارة
المالية ، وهو في موقعه أثناء القيام بعمله يأتيه المراجعون وهو يعاجل خدمتهم
وتيسير أمورهم ، فإذا بهم يصرون ويلحون بشدة على إعطائه شيئاً من المال ، وهو يرفض
بشدة ، والمراجع يصر حتى ينتبه الناس ، والمراجع يقول : هذا مني عن طيب نفس ، وأحياناً
يلقون المال أمامه ويخرجون ، وقد يشتد الأمر إلى الشجار بينهم ، فماذا يفعل ؟ هل
يجوز له أخذ المال حلالاً طيباً أم أنه حرام عليه ؟ وماذا يفعل بهذا المال ؟
.


 


 


الحمد لله


لا يجوز للموظف أن يأخذ ما
يهدى إليه من أجل العمل ، لأن ذلك من الرشوة المحرمة ، ولو لم يقصد هو ذلك ؛ فإن
المعطي – في الغالب – لا يعطيه إلا لأجل أن يسهل له الأمر أو يخصه بحسن معاملة في
المرات القادمة
.


وأما ما يهدى إلى الموظف
لأجل قرابة أو صداقة ، لا لأجل عمله ، فهذا لا حرج فيه ، وينبغي له قبوله ، اقتداء
بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان
( يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا ) . رواه
البخاري (2585
) ومعنى
(يثيب عليها ) : أي يجازي المهدي ويعطيه بدل هديته
.


والفارق بين الهدية
المحرمة ، والهدية الجائزة : أن ما كان لأجل عمل الإنسان ووظيفته ، فهو محرم ،
فينظر الإنسان في حاله ، لو لم يكن في هذا العمل ، هل كان سيُهدى إليه أم لا ؟
وهذا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله
: ( فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ
فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا
) فقد روى البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي
حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ عَلَى صَدَقَةٍ ، فَلَمَّا
قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي . فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى
عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ
هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ
فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ؟! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لا يَأْتِي
بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، إِنْ
كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ
، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ : أَلا هَلْ
بَلَّغْتُ ثَلاثًا
) .


والرغاء : صوت البعير ،
والخُوار : صوت البقرة ، واليُعار : صوت الشاة
.


عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ :
أي بياض إبطيه
.


فهذا الحديث الشريف يدل
على تحريم ما يهدى للعمال ، لأجل عملهم ، وأن العامل يأتي يوم القيامة وهو يحمل ما
أَخذ منها ، ولو كان بعيرا أو بقرة أو شاة ، عياذا بالله من ذلك
.


وقد جاء في فتاوى اللجنة
الدائمة (23/548) ما نصه : " ما حكم الشرع فيمن أُعطي له مال وهو في عمله
بدون طلب منه أو احتيال لأخذ ذلك المال ، مثال ذلك : العمدة أو شيخ الحارة ( الحي
) يأتيه الناس ليعطيهم شهادات ؛ لأنهم من سكان حارته ، ويعطونه فلوسا على ذلك ...
فهل يجوز أخذ هذا ، وهل يعتبر هذا المال حلالا ، وهل يُستدل على جواز ذلك بحديث
سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر ، عن عمر رضي الله عنهم قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول
: أعطه من هو أفقر إليه مني ، فقال : ( خذه ،
إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مُشْرفٍ ولا سائل فخذه فتموله ، فإن شئت تصدق
به ، وما لا فلا تتبعه نفسك ) قال سالم : فكان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد
شيئا أعطيه
) متفق
عليه
.


الجواب : إذا كان الواقع
ما ذكر فما يدفع لهذا العمدة حرام ؛ لأنه رشوة . ولا صلة لحديث ابن عمر رضي الله
عنهما بهذا الموضوع ؛ لأنه في حق من أُعطي شيئا من بيت مال المسلمين من والي
المسلمين دون سؤال أو استشراف نفس
" انتهى .


والحاصل أن على صديقك أن
يرفض أخذ هذه الأموال مهما ألح أصحابها في بذلها ، وينبغي أن يفهمهم أن هذا لا
يجوز له ؛ وفي هذا تطييب لخاطرهم ، وإشاعة لهذا الأمر الشرعي الذي جهله كثير من
الناس
.


والله أعلم .


الإسلام
سؤال وجواب



·