الإندومي (النودلز) بين الحقيقة والتهويل
يحب الكثير من الصغار والكبار تناول الإندومي ومنتجات الشعيرية/المكرونة سريعة التحضير instant noodle.. فماهي الإندومي؟ ومافائدتها؟ وهل لها أضرار حقاً؟.. هذا ما سنتعرف عليه في السطور التالية.
دعونا في البداية نتعرف عن الشعيرية سريعة التحضير مثل الإندومي حتى نستطيع الحكم بعد ذلك بشكل علم. تُصنف الإندومي وغيرها من منتجات الشعيرية سريعة التحضير ضمن الأغذية المُصَنّعة او المُعالجَة (processed food) وهي عبارة عن شعيرية/مكرونة مصنوعة من القمح، يتم سلقها ثم تجفيفها مرة أخرى ثم تعبئتها في عبوات خاصة، لتكون جاهزة للتحضير خلال دقائق بمجرد إضافة الماء الحار لها للأكل، مع إضافة صلصة خاصة بها حسب الذوق.
وتعتبر ماركة إندومي من أشهر الشركات المنتجة للشعيرية/المكرونة سريعة التحضير في العالم، وتتكون كلمة إندومي من مقطعين؛ إندو وهي اختصار لكلمة إندونسيا، ومي وتعني شعيرية في اللغة الأندونيسية، إذاً يكون المعنى شعيرية إندونيسية.
وتعتبر نسبة استهلاكها عالية جداً في العالم، وقد تكون هي الثانية في الاستهلاك بعد الخبزحسب تقرير الجمعية العالمية للنودلز سريعة التحضير ٢٠١٦.والسؤال لماذا يقبل الناس بكثرة على هذا النوع من الطعام؟، والحقيقة أن السبب يعود لعدة عوامل أهمها أنه سريعة التحضير وبالتالي فهي حل مناسب للناس الذين لايملكون وقتاً كافياً للطبخ أو لايجيدون الطبخ أصلاً، كما أنها رخيصة السعر نوعاً ما، هذا بالإضافة لطعمها المزود بالمنكهات التي تجعل لها نوعاً من الإدمان والتعود لها.
والآن دعونا نستعرض المكونات الغذائية للإندومي ولغيرها من منتجات الشعيرية/المكرونة سريعة التحضير، وهي كالتالي:
- كربوهيدرات/نشويات، ومصدرها دقيق القمح، وتُكًوِّن النسبة الأعلى منها (مايقارب 60-70%).
- الدهون المشبعة مثل زيت النخيل.
- ملح الصوديوم بكميات كبيرة.
- المُنكٍّهات وأشهرها مادة الملح الصيني، واسمه العلمي جلوتاميت أحادي الصوديوم (GMS) ، ويرمز له كذلك بالرمز (E621) وهو مادة معززة للنكهة أو محسنة للطعم وهو المادة الأكثر جدلاَ ضمن مكونات الأغذية المُصنعة والتي تستعمل بكثرة في المطعم الآسيوي وفي وجبات المطاعم السريعة.
- مواد حافظة وهي بشكل عام آمنة إذا أُخذت ضمن المستويات المقبولة دون إفراط
- بعض الفيتامينات لرفع القيمة الغذائية لها.
إن الإكثار من تناول منتجات الشعيرية سريعة التحضير قد يكون لها بعض الأضرار السلبية على الصحة، ولعلنا نلخصها في النقاط التالية:
- المحتوى العالي من النشويات والسعرات الحرارية، حيث تحتوي عبوة 80 جرام منها على 375 سعر حرارية. وقد ربطت كثير من الدراسات بين المحتوى العالي من النشويات وما يعرف بمتلازمة الأيض (السمنة مع زيادة في نسبة السكر والدهون والضغط، مما يزيد من خطورة حدوث مرض السكري وأمراض القلب) خاصة لدى النساء اللتين يتناولن منتجات الشعيرية سريعة التحضير مرتين أو اكثر في الاسبوع. J o nutrition 2014, v144,issue8, 1247-1255
- تحتوي منتجات الشعيرية سريعة التحضير على الدهون المشبعة وتأثيرها معروف على صحة القلب والشرايين.
- المحتوى العالي من الصوديوم حيث قد تصل كميته في العبوة الواحدة إلى مايقارب من 50-80% من كمية الصوديوم التي يحتاجها الشخص البالغ في اليوم (توصي منظمة الصحة العالمية بألا تتجاوز نسبة كمية الصود يوم في اليوم 2-3 جرام)، فكيف يكون الأمر إذا تناول منها الشخص عدة عبوات في اليوم، هذا بالإضافة لما يتناوله في الوجبات الأخرى. وهناك علاقة مثبتة علمياً بين الإكثار من الصوديوم وزيادة ضغط الدم وأمراض الكلى.
- المحتوى العالي من الملح الصيني أو جلوتاميت أحادي الصوديوم، ويبلغ الحد الأعلى المسموح به يومياً هو ٣ جرامات. ويعتبر هذا المُكوِّن هو الأكثر جدلاً ضمن مكونات المنتجات سريعة التحضير حيث ربطته بعض الدراسات بالتأثير الضار على التركيز والذاكرة، وإن لم يثبت ذلك بصورة قاطعة حسب توصيات الهيئات الصحية الغذائية العالمية في أمريكا وأوروبا. وقد بينت هيئة الغذء والدواء السعودية في بيان لها على صفحتها في توتير بأن (مادة جلوتامات الصوديوم الأحادية (MSG)، هي أحد المضافات الغذائية المسموح باستخدامها وفق التشريعات المحلية والدولية باعتبارها مادة معززة للنكهة في الأغذية، ويُرمز لها بالرمز (E621)، ولم يثبت بالأدلة العلمية علاقتها بالسرطان أو بآثار سلبية خطيرة في حال تناولها باعتبارها مضافاً للأغذية. وقد وضّحت هيئة الغذء والدواء السعودية في بيان لها على صفحتها ما يلي (مما سبق يتضح أن المعلومات المتوفرة في الوقت الحاضر سواء من الهيئات الدولية كاللجنة المشتركة المعنية بتقييم المواد المضافة المنبثقة من هيئتي الأغذية والزراعة والصحة العالمية، وكذلك المفوضية الأوروبية، وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية أن ما يُنسب لمادة جلوتامات الصوديوم الأحادية من أمراض عصبية وتأثير على الدماغ .. وغيرها من الأمراض أمر لم يثبت ولم يتواتر بالتجارب العلمية الموثقة، ولكن لوحظ من خلال عمليات الرصد وجود حساسية لهذه المادة من قبل بعض الأشخاص مثلما يحدث بالنسبة لبعض المواد المضافة الأخرى المأمونة الاستخدام أو لبعض الأغذية الطبيعية). أما الكلام بأنها تسبب السرطان فهذا لم يثبت علمياً، وأكثره مبالغات واشاعات تتناقلها صفحات النت ورسائل الواتس دون اثبات علمي.
- هذه المنتجات فقيرة بالألياف، وهو ما قد يتسبب في حصول الإمساك.
وأخيراً نقول إذا كان ولابُد من تناول هذه المنتجات، فينصج بالتالي لتخفيف الضرر الذي قد ينتج بسببها:
- يُنصح بألا تتعدى مرات تناولها إلى مرتين في الشهر ( بحث هارفاد في كوريا)
- يُنصح بإضافة البروتين لها مثل اللحم أو الدجاج أو الربيان لرفع القيمة الغدائية فيها
- يُنصح بإضافة الخضروات الطازجة لجعلها أكثر غناً بالألياف والمعادن والفيتامينات
- يُنصح باختيار النوع قليل الصوديوم منها
- يُنصح باستبدال الصلصة الجاهزة التي تأتي معها والمليئة بالمواد الحافظة والمنكهات بالصلصة المُحضّرة في المنزل من مكونات معروفة وموثوقة.
ونقول اختصاراً؛ أن منتجات الشعيرية سريعة التحضير هي آمنة بشكل عام (وإلا لما سمحت بها هيئات الغذاء والدواء في العالم أجمع)، ولكنها ليست صحية، مثلها مثل الكثير من الوجبات السريعة، التي يمكن تناولها ولكن في حدود ضيقة. كما أن هذه المنتجات لاتصلح كبديل عن الوجبات الرئيسية سواءاً للأطفال أو حتى الكبار لعدم احتوائها على العناصر الغذائية الكاملة التي يحتاجها الطفل أو البالغ خاصة البروتين، أما إذا اضطر الشخص لتناولها فيمكن أن تؤخذ كوجبة خفيفة بين الوجبات (سناك)، ولكنها حتماً (سناك غير صحي)، ولا أنصح بتعويد الأطفال عليها.
تم نشر ملخص لهذا المقال على شكل سلسلة تغريدات في تويتر على الرابط
https://twitter.com/aalsarkhy/status/1259616133650493444