تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. عبدالله بن فهد بن داود

Assistant Professor

قسم علم النفس- كلية التربية

التعليم
مبنى 15، الطابق الأرضي، مكتب رقم: أأ 161
مدونة

كي لا نعود للمربع الأول

مع انطلاقة حزم الوقاية والتطبيقات الاحترازية لمكافحة تفشي فيروس كورونا في الربع الأول من عام 2020م، تغيرت أساليب التعلم والتعليم في بلادنا الغالية، حيث حل الفضاء الإلكتروني مكان الفصل الدراسي التقليدي، وأصبحت التقنية أداة التعلم. التحول القسري لنمط التعليم عن بعد، وبالرغم من مفاجئته، يحمل بين طياته العديد من الإيجابيات؛ على رأسها إعطاء خبرة مكتملة لأغلبية أعضاء العملية التعليمية من طلبة ومعلمين وإدارة تعليمية عن أساليب وأنماط التعليم عن بعد، والتي -ولله الحمد- كانت بنيتها التحتية جاهزة للتفعيل.

يفترض أن تسهم خبرة التحول القسري إلى نمط التعليم عن بعد في تفعيله على نطاق أوسع في الظروف الاعتيادية. ويشمل تفعيل نمط التعليم عن بعد مراحل التعليم كافة، بشقيها العام والجامعي، مما يتسق مع المساعي التعليمية على المستوى المحلي والعالمي، التي تولي نمط وأساليب التعليم عن بعد بالغ الأهمية؛ نظرا لما يوفره هذا النمط التعليمي العصري وأساليبه من امتيازات قد لا تتوافر مع نمط وأساليب التعليم التقليدي.

إن خطوات تفعيل نمط التعليم عن بعد في الظروف الاعتيادية قد يجدر بها أن تنطلق من مراجعة دقيقة وتفصيلية للخبرة المكتسبة في التعليم عن بعد أثناء فترة الجائحة، وتقييمها، فاحصة بذلك العوامل محتملة التأثير عليها دون إغفال لسياق الخبرة الزمني (ظروف الجائحة والإجراءات الاحترازية المصاحبة لها كحظر التجول). وبناء على ما تخلص به نتائج وتوصيات معالجة وتحليل البيانات المتوفرة عن العملية التعليمية عن بعد أثناء الجائحة، يمكن المضي قدما في تقديم نمط التعليم عن بعد كخيار مواز للتعليم التقليدي؛ آخذين بعين الاعتبار العوامل التي من شأنها الإسهام في تحسين وتجويد مخرجات العملية التعليمية عن بعد، جاعلة إياه منافسا لنمط التعليم التقليدي وموازيا له.

من المناسب أن يكون تفعيل التعليم عن بعد في الظروف الاعتيادية تدريجيا، وعلى مراحل متعددة لضمان القدرة على التأكد من ملائمة هذا النمط للعملية التعليمية، خاصة مع اختلاف ظروف التحول القسري لنمط التعليم عن بعد أثناء الجائحة والتحول الاختياري بعدها، مما يضع إمكانية تعميم الخبرة تجاه العملية التعليمية عن بعد محل اختبار وتساؤل. وفي إطار الحديث عن تفعيل التعليم عن بعد، فيجدر التنويه لأهمية العناية بالمنصات الرقمية التعليمية، لكونها رافدا مهما للعملية التعليمية، خاصة لنمط التعليم عن بعد، وتفعيلها بالشكل الذي يضمن وصولها للشريحة المستهدفة، من أجل تنويع مصادر التعلم بما يتفق مع تفضيلات وخيارات المتعلم.

وعليه، وكي لا نعود للمربع الأول، فإن تفعيل نمط التعليم عن بعد في مرحلة ما بعد الجائحة قد يكون ضرورة، سيما مع اتساقه مع المساعي التعليمية المحلية والعالمية نحو التعليم عن بعد، وحداثة الخبرة به من قبل أعضاء العملية التعليمية في بلادنا الغالية، وتوفر البنية التحتية الخاصة به، وإمكانية التوسع في الأساليب المساندة له كتفعيل المنصات الرقمية التعليمية والعناية بها.

 مقال منشور في صحيفة مكة بتاريخ ٢٤ يوليو ٢٠٢٢م.