أميانوس ماركيللينوس مؤرخاً وشاهدًا على العرب

عاش المؤرخ الروماني أميانوس ماركيللينوس في القرن الرابع الميلادي (330/395-400م)، وألّف كتاب "سجل الأعمال Res Gestae" باللاتينية، عن تاريخ روما في الفترة (96-378م)، دوّن فيه ملحوظاته عن العرب وبلادهم بشكل عرضي ضمن وصفه للصراع بين روما والدولة البارثية والساسانية، وبالرغم من وضوح تأثره بمنهج الكتّاب الكلاسيكيين قبله، في تقسيمه بلاد العرب حسب الطبيعة الجغرافية، واقتباس بعض أوصافه من مؤلفاتهم، إلا أن ما يميزه عمن سبقه من الكتّاب الكلاسيكيين ويزوّد تأريخه عن العرب بأهمية خاصة ما يلي:
• معاصرته للأحداث التي كتب عنها، ورؤيته لها في بعض الأحيان في رحلاته وحملاته التي اشترك فيها أثناء خدمته العسكرية في جيش الإمبراطور جوليانوس في الشرق.
• تمثّل كتاباته عن العرب نمطاً جديداً في الكتابة الكلاسيكية، حيث اهتم بوصف سمات المجتمع العربي، وفرّق في وصفه بين أعراب البادية والعرب في المدن والحواضر، أكثر من اهتمامه بوصف اقتصاديات بلاد العرب أو جغرافيتها وطبيعتها بالتفصيل الذي تميّزت به كتابات مؤرخي وجغرافي المرحلة المبكرة من العصر الإمبراطوري.
• استخدم نفس المصطلح الذي أطلق على أعراب الصحراء والبادية "عرب السراقنة/ ساراسين"، لكنه ولأول مرة يصف به العرب في المنطقة الممتدة من شمال غرب الحجاز إلى شمال شرق الجزيرة العربية.
• يعد تاريخه أقدم مصدر أشار إلى تحالف العرب مع الإمبراطوريتين الفارسية الساسانية والبيزنطية، والاشتراك في جيوشهما أثناء الحرب الدائرة بينهما في عهد الإمبراطور جوليانوس.
• يعكس تاريخه أهمية دور القوى العربية المحلية وموقفها من الأحداث في عصره، وهو دور قلّما يشار إليه في المصادر العربية الإسلامية التي اعتمدت في بعض رواياتها على مصادر فارسية ركّزت على تمجيد أعمال الملوك الساسانيين دون غيرهم.
وبالرغم مما خالط بعض معلوماته عن العرب من التباس أو مبالغة أو تعميم أحياناً؛ إلا أن طريقته الموضوعية في الكتابة جعلته مثار إعجاب بعض مؤرخي العصر الحديث، فقال عنه إدوارد جيبون "أنه يكتب بلا أحكام مسبقة وبلا انفعال، وهما صفتان عادة ما تؤثران على من يكتب عن مواقف يعاصرها

عبدالله بن عبدالرحمن محمد العبدالجبار

أميانوس ماركيللينوس مؤرخاً وشاهدًا على العرب