تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

الأستاذ الدكتور سليمان قاسم محمد العيد

Professor

أستاذ بقسم الثقافة الإسلامية

التعليم
كلية التربية - مبنى 15 - الدور الثاني
مدونة

- أهمية العلم الشرعي على المنهج الصحيح من الكتاب والسنة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

العلم الشرعي هو الذي يجمع للإنسان خيري الدنيا والآخرة ، ويدل على هذا ما ورد في الصحيحين عن معاوية (رضي الله عنه) قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "

     كما أن العلم صيانة للأمة من مهاوي الردى، كما أن ضده الجهل هو طريق الهلاك، ولذا فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ما يحدث في آخر الزمان من ذلك بقوله : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا " رواه البخاري . وروى أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول :"إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " .

      كما أن الله سبحانه وتعالى فضل أهل العلم بقوله : {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير} . ومن أهمية العلم أن الله سبحانه أمر رسوله (صلى الله عليه وسلم) بطلب الزيادة منه بقوله : { وقل رب زدني علما}.  

      والعلم الشرعي له مصادره الأصلية المعروفة ، وهي كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وكذلك ما ورد عن سلف هذه الأمة من العلم المستنبط منهما، فالموفق في طلب العلم هو الذي يعتمد في طلبه على تلك المصادر الأصلية. وضده ذلك المعرض الذي يتبع المتشابه ، ويتبع ما يتناسب مع هواه من غير تفكير في مصدره، ولقد ذم الله سبحانه وتعالى الذين يتبعون المتشابه بقوله : {والذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله } .

-      حاجة المسلمين إلى العلم الشرعي واللغة العربية في أنحاء العالم ؟

      هذا ذكرني موقفاً طريفاً في أحد الدول الإسلامية التي غيبت عن الإسلام زمناً طويلاً، ففي يوم من الأيام عندما زرت تلك البلاد كنت مع بعض الطلبة طلب مني أحد الطلبة الصغار الذي لا يتجاوز عمره (10 سنوات) قائلاً : أريد أذهب معك إلى السعودية ، وألح علي بذلك مراراً وتكرراً ، فسألته لماذا ، فقال : أريد أن أتعلم الدين واللغة العربية !!

      فهذا الموقف العجيب من الطفل الصغير يعكس لنا مدى حاجة المجتمعات الإسلامية لذلك . فهم بحاجة ماسة إلى العلم الشرعي الذي يقوم به دينهم وتصلح به دنياهم، وتتأكد الحاجة لما تعاني المجتمعات الإسلامية من تغريب وانحراف عن الدين. إذاً فحاجة المسلمين ماسة إلى العلم الشرعي، وبالأخص تلك الدول التي يقل فيها العلماء العاملون ، ولا تتوفر فيها الدروس والمحاضرات الشرعية التي تبصر المجتمع بدينه، وتحثه على طاعة ربه جل وعلا .

       أما اللغة العربية فتكمن الحاجة إليها أنها هي اللغة الأصلية للعلم الشرعي، فالذي لا يعرف العربية يحرم من قراءة كتاب الله الكريم، فيحرم من الاستمتاع بقراءته ومعرفة معانيه، صحيح أنه قد يقرأ ترجمة معاني القرآن الكريم بلغة أخرى، ولكن ذلك لا يغنيه عن قراءة نص القرآن . إضافة إلى ذلك فإن من كانت هذه حاله يحرم أيضاً من ذلك الكنز العلمي الشرعي المدون باللغة العربية، فحري بالمسلم غير العربي أن يحرص على تعلم اللغة العربية ، وأن يجعل ذلك ديناً فهو السبيل إلى فهم الدين.

-      أهمية وجود معاهد وأكاديميات وجامعات مفتوحة عبر الإنترنت والفضائيات.

العالم اليوم يعيش ثورة معلوماتية ، بسبب تقدم التقنية وظهور هذه الوسائل الحديثة، والتي هي – للأسف – عند الكثير استخدمت في الرذيلة وأمور تضر أكثر مما تنفع، سواء عند المرسل أو المستقبل ، وبالأخص إذا علمنا أن الغرب هو منتج المعلومات بالدرجة الأولى، وهو منتج تقنية المعلومات، فإنه يقدر أن 80% من المعلومات التي تتداولها وسائل الإعلام في العالم الإسلامي هي منتجة من الغرب، لذا نحن نقرأ واقعنا العربي والإسلامي وواقع العالم من حولنا بعين أوروبية غربية في حدود 80%.      

      لذا أقول إنه جدير بالأمة الإسلامية أن تفيق من رقدتها وتنهض من سباتها، وتزاحم على إنتاج المعلومات وإيصال العلم الشرعي وبكثافة للعالم أجمع، سواء بما يسمى أكاديميات أو جامعات مفتوحة أو منتديات أو غير ذلك ، ولا بد أن ندرك أن هناك الكثير من البشر في أرجاء مختلفة من الأرض يبحثون عن هذا العلم ، وليس بالضرورة أن يحصلوا به على شهادة أو منصب، بل يبحثون عن العلم الشرعي من أجل العلم والعمل .

_ لماذا غابت هذه الفكرة عن المراكز والجامعات الإسلامية والمؤسسات الخيرية.

    أقول إن الفكرة لم تغب عن الجميع ، ولكن المشكلة في عدم القدرة على التنفيذ، وذلك يعود إلى عدة أسباب، منها محدودية القدرة المادية والقدرة البشرية عند كثير من المراكز الإسلامية، وأما الجامعات فمن وجهة نظري محدودية الصلاحية إضافة إلى محدودية القدرة المادية. وأما المؤسسات الخيرية فيمكن القول أنها في عمومها حديثة النشأة ، وهي في الغالب توجهت توجهاً إغاثياً . ويضاف إلى ذلك كله تباطؤ المسلمين في الاستفادة من تلك التقنيات في حدود الشرع .

-      ما الآلية التي يمكن أن تكون عليها مثل هذه الجامعات .

          أما الآلية فهي أن يقوم بذلك جهات أهلية بالتعاون مع أهل التخصص التقني والعلمي لإنشاء مثل هذه الجامعات مع تحديد سوم معينة للاستفادة من هذه الجامعات من أجل ضمان استمرارها أو حتى تحقيق ربح معقول لأصحابها. ولا بد أن تشجع الدول الإسلامية مثل هذه المشروعات ، وإن وجد عوائق عند بعض الدول أمام هذه المشروعات ، فلا مانع أن تكون مراكز هذه الجامعات في غير البلاد الإسلامية .    

 

د. سليمان بن قاسم العيد

جامعة الملك سعود