تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

عادل عبدالقادر المكينزى

Associate Professor

عضو هيئة تدريس

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
قسم الاعلام كلية العلومة الانسانية والاجتماعية
مدونة

بعد كارثة جدة .. مضى ذاك الزمن

 

الاقتصادية : 03 - 12 -2009 

 

سيظل يوم 13 ذو الحجة من عام 1430ه محفوراً في الذاكرة السعودية، فقد وضع إعلان الملك عبد الله - حفظه الله - تشكيل لجنة للتحقيق في واقعة أمطار جدة وما خلفته من أضرار، المملكة على أعتاب مرحلة جديدة تتكرس من خلالها روحية المحاسبة ونهج الشفافية والصراحة وعلاج الأخطاء والوقوف على أسبابها دون وجل أو مواربة.لقد كان لافتاً لكل ذي بصيرة وضوح وصرامة لغة البيان الملكي الذي أشار بكل درجات الصراحة إلى أن هناك تقصيراً يتعين البحث في أسبابه، وتحديد الجهات والشخوص الذين يقفون خلفه. كما كان لافتاً حديث البيان عن الصلاحيات الواسعة للجنة التحقيق وتمتعها بصلاحيات استجلاب أي شخص للمساءلة.كان البيان الملكي عند مستوى الحدث وتمتع بأعلى درجات الموضوعية عندما تحدث عن تضاعف الألم جراء ما حدث كون الأمطار لم تكن بالمستوى الكارثي في إطار الظواهر الطبيعية، وكما تحدث البيان بشفافية، فإن مثل هذه الأمطار وبتلك المعدلات تكاد تسقط يوميا على بعض دول العالم التي لا تمتلك نفس قدرات وإمكانات المملكة ولكنها لا تخلف نفس ما خلفتها لدينا من خسائر.

القرار الحكيم والموقف الملكي الشجاع يبرهن على أن التوجه نحو المساءلة والمحاسبة هو من القيم الأساسية التي تسعى قيادة المملكة إلى ترسيخها كقيمة حاكمة ومبدأ مهيمن في الفضاء العام وهي أمور ينبغي أن تدفع القائمين على الوسائط الإعلامية إلى القيام بدورهم في هذا السياق في إطار من المهنية والدقة وتحري الحقيقة. يبدو أن البعض لما يدرك بعد حقيقة هامش الحرية الرحب الذي يبسط ظلاله في المملكة وما يفرضه من أدوار على القائمين على المنابر الإعلامية من ضرورة القيام بالواجبات الملقاة على عاتقهم دون خوف أو استرابة.
لتكن هذه الواقعة والقرار الملكي الفريد بداية حقبة جديدة تنفتح فيها وسائل الإعلام في المملكة على القضايا الحيوية والمشكلات ومعالجة الأخطاء والتصدي للتقصير والمفسدين. لم يعد مقبولاً بعد هذا أن يتم التستر على فساد أو تقصير، أو التهاون في البحث عن أسباب ما يقع من خطايا يتحمل أوزارها المواطن وينوء تحت وطأتها بناء المجتمع.
بكلمات مختصرة يمكننا القول إننا على يقين الآن من أن عهداً جديداً من قيم الشفافية والمساءلة وطرح مشكلاتنا وما يقع في ساحتنا من أخطاء قد بدأ مع القرار الملكي التاريخي ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء