تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2010

«خصوصيتنا» ما بين الواقع والابتذال!

د. رشود الخريف

مسكينة هي ''الخصوصية''! فقد استهلكت كلمة ''خصوصية المجتمع'' بدرجة كبيرة, فأصبحت حجة من لا حجة لديه أحيانا، وكلمة حق أريد بها باطل في أحيان أخرى. لكن هذه الممارسة لها لم تأت من فراغ، فقد كان استخدامها في البداية مستندا إلى أساس صحيح، لكنها استخدمت - فيما بعد - في أوجه غير صحيحة.

لقد كانت هناك تجارب فاشلة في تطبيق نماذج ومشاريع اقتصادية وأخرى اجتماعية، وكذلك برامج تعليمية وتصاميم معمارية مستوردة من الغرب إلى الشرق. هذه التجارب أدت إلى الاعتقاد أن خصائص المجتمعات (أي خصوصياتها الاجتماعية والثقافية) ينبغي أن تُراعى عند التفكير في تطبيق أي مشروع أو أي فكرة أو أي تقنية؛ لأن ما ينجح في الغرب قد لا يتوافق مع رغبات الشرق أو عادات وتقاليد مناطق معينة. وهذا صحيح في كثير من الأمور.

لكن هذا المصطلح أو المفهوم يستغله البعض لحسم النقاش أو المزايدة الوطنية أو الدينية. فعلى الرغم من وجود بعض الفروق بين الأمم والشعوب في العادات والتقاليد والثقافة والمأكولات، إلا أن من المؤكد أن الإنسان هو الإنسان في كثير من المسائل, فلو اختلفت الأساليب والإجراءات من مكان إلى آخر، فإن جوهر الحاجة الإنسانية وطبيعة المشاعر البشرية متشابهة.

إن ابتذال استخدام هذا المصطلح أسهم في تباطؤ تطور المجتمع، وأجّل البت في قضايا مهمة بحجة ''خصوصية المجتمع''، بل كرس الانغلاق والتقوقع والانكفاء على الذات، ما أسهم في زيادة الشعور بالاختلاف عن الآخر، ومن ثم عزز الشعور بصعوبة بناء جسور المودة والتعايش بين الثقافات. ولا شك أن التقوقع على الذات والاعتقاد بالخصوصية لكل وحدة سياسية يُعد أحد معوقات التنمية في الدول العربية والتباعد فيما بينها.

نعم، إن المبالغة في استخدام ''خصوصية المجتمع'' والمحاججة بها تؤدي إلى بعض الآثار السلبية، مثل: (1) التقوقع والتباطؤ في تطوير علاقات تفاعلية مع الآخر؛ (2) عدم الاستفادة من تجارب الآخرين بحجة ''خصوصية المجتمع''، ومن ثم اللجوء إلى مبدأ ''إعادة اختراع العجلة'' عند التعامل مع كثير من المسائل أو وضع الأنظمة للأنشطة البشرية؛ (3) تعظيم الفروقات بين المجتمعات البشرية دون أساس علمي مدروس؛ (4) تعطيل التغير الاجتماعي والتقدم التقني والعلمي الإيجابي؛ (5) زيادة التكاليف، فبدلا من الاستفادة من بعض الإجراءات، كإجراءات الجودة مثلا، هناك من يطالب بإعادة صياغتها وفق خصوصيتنا الدينية والثقافية، ما يفتح الباب لكثير من الأخطاء ويؤدي إلى هدر الأموال!

إذاً لا بد من إعادة النظر في مصطلح ''خصوصية المجتمع'' والعمل على عدم إساءة استخدامه أو المبالغة في تطبيقه لإعاقة التغير الاجتماعي الإيجابي أو منع استخدام تقنيات حديثة أو تبني مفاهيم مفيدة في مختلف مجالات الحياة، خاصة أن المملكة - بحمد الله - أصبحت في مقدمة الدعاة لحوار الثقافات والأديان والتعايش السلمي بين سكان الكرة الأرضية.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية