تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

رشود بن محمد الخريف

Professor

المشرف على مركز الدراسات السكانية

العلوم اﻹنسانية واﻻجتماعية
46أ
المنشورات
2011

هل تغيرت قيمنا ومواقفنا؟!

د. رشود الخريف

القيم ليست ثابتة، بل تتغير من زمن لآخر. فما يبدو عيباً جنحة أو جريمة في عصر معين قد يكون مباحاً ومقبولاً في زمن آخر، ولا يقتصر الأمر على القيم الاجتماعية، بل إن نظرة علماء الدين تجاه بعض القضايا الاجتماعية تتغير من زمن لآخر. فعلى سبيل المثال، هناك علماء أفتوا بجواز عمل المرأة في المؤسسات بجانب الرجال، وآخرون أفتوا بجواز قيادة المرأة للسيارة، وغيرهم قالوا بجواز سماع الأغاني، ثم جاءت فتوى منع العمل ''كاشيرات'' في الأسواق المركزية ومعارضة عمل المرأة في محال بيع الأغراض النسائية. وكثير ممن غلّظ تحريم وجود أطباق استقبال الفضائيات على سطوح المنازل في الماضي، أصبح يسابق الآخرين في المشاركة في البرامج التي تبثها تلك الفضائيات، بل بعضهم أصبح من كبار ملاك القنوات الفضائية! وكثير ممن حرم إصدار بطاقات الأحوال المدنية سعى لإصدار بطاقة لزوجته، وكثير ممن هاجم قيادة المرأة للسيارة درءاً لبعض المحاذير، لا يتردد في استقدام عاملة منزلية أجنبية تعيش داخل أسرته.

لا شك أن الاتجاهات والقيم والمواقف تؤثر في السلوك الفعلي للإنسان، ولكن بدرجات متفاوتة من شخص لآخر ومن موقف لآخر. وما شجعني للكتابة في هذا الموضوع اطلاعي على كتاب بعنوان ''مسح القيم الدولي.. القيم كما تدركها جماهير العالم الإسلامي والشرق الأوسط'' ثم مقابلتي لمحرر هذا الكتاب، وهو الباحث الأمريكي الدكتور منصور معدل الذي يُعد من أبرز المشاركين في ''مسح القيم الدولي'' World Value Survey. ويُجرى هذا المسح في أكثر من 70 دولة، بما فيها المملكة العربية السعودية. وقد أجري هذا المسح في المملكة مرتين، الأولى في عام 2003م والثانية في عام 2011م. تتكون استبانة المسح من أكثر من 200 سؤال، تشمل مفاهيم الديمقراطية والليبرالية، وقيم الزواج، والأسرة، والتديّن، والسعادة، والآراء حول خطورة الغزو الثقافي الغربي وغيرها. وسيسهم هذا المسح في رصد التغير في كثير من القيم في المجتمع السعودي ما بين 2003 و2011م.

وقدم الباحث الدكتور منصور معدل في محاضرته في جامعة الملك سعود بعض النتائج المثيرة والمهمة. فحول مفهوم السعادة، أشارت نتائج المسح إلى أن 44 في المائة من السعوديين عبروا عن أنفسهم بأنهم ''سعداء جدا''، وهذه النسبة تُعد الأعلى بين الدول في الشرق الأوسط، إذ راوحت النسب بين 33 في المائة في تركيا، و31 في المائة في المغرب، و23 في المائة في إيران، و18 في المائة في مصر، و13 في المائة في العراق، وانخفضت النسبة إلى 12 في المائة في الأردن. ولا يتسع المجال لتفسير هذه النسب ولكن أترك للقراء الأعزاء حرية تفسيرها.

وحول خطورة الغزو الثقافي، جاءت الأردن في مقدمة الدول من حيث الإحساس بأهمية وخطورة الغزو الثقافي، وجاءت بعدها السعودية، ثم العراق ومصر. ويمثل من يرى أن الزواج على أساس ''الحب'' أهم من الزواج من خلال الترتيبات الأسرية نحو 49 في المائة في عينة السعودية. وعندما سُئل المشاركون في مسح القيم الدولي عن تكرارية الصلاة جماعة في المسجد، جاءت أعلى النسب في باكستان، وإندونيسيا، ثم المغرب، فالجزائر، والأردن، ثم مصر، وتركيا، فالسعودية على الترتيب. وحول تفضيل الديمقراطية، جاءت عينة المغرب في المقدمة من حيث تفضيل هذا النمط، ثم بنجلادش ومصر، وبعدهما العراق وتركيا.

وبخصوص طاعة الزوج، سُئل المشاركون في المسح عن ''مدى الموافقة على أن وجوب طاعة الزوجة لزوجها''، فجاءت النسب الأعلى في العراق، وتلتها المغرب، وبعدهما السعودية، ثم مصر، والأردن.

هذه إطلالات تدل على أن المجتمعات العربية عموماً والمجتمع السعودي خصوصاً تمر بتغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية ستؤدي - بإذن الله - إلى نضج أفضل وفهم أعمق لواقع الأمور، والخطاب الديني ليس استثناء من هذا التحول الاجتماعي الكبير.

ختاماً، فإن الحاجة ملحة لدراسة المجتمع بعمق، ورصد التغيرات التي يمر بها بدقة وشفافية، من أجل فهم أبعادها وتحديد نتائجها المتوقعة بموضوعية، فليس من الحكمة أن ننتظر ظهور النتائج السلبية ثم نسعى لمعالجتها، لأن ذلك سيكون - حينئذ - مكلفاً للمجتمع مادياً ومعنوياً. لا بد من طرح مبادرات جادة لدراسة المجتمع السعودي وفهم التحولات التي يمر بها، من خلال مراكز البحوث المتخصصة والجهات المعنية.

مزيد من المنشورات
publications

دراسة تُعنى بالتعرف على التحضر ومعدلات النمو في المدن السعودية وخصائص المنظومة الحضرية في المملكة العربية السعودية وذلك بناء على بيانات ثلاثة تعدادات سكانية

2007
تم النشر فى:
الجمعية الجغرافية الكويتية
publications

تهدف إلى التعرف على مستوى الخصوبة في المملكة، بالإضافة إلى الوقوف على أهم المتغيرات المرتبطة بالسلوك الإنجابي للمرأة السعودية والمؤثرة فيه، وذلك بالاعتماد على بيانات المسح الديموغرافي الشامل…

1423
publications

يُعنى الكتاب بإبراز التباين المكاني في معدلات الجريمة بأنواعها الرئيسة بين المدن السعودية وتحديد العوامل المؤثرة فيها إلى جانب التعرف على خصائص الجناة.

1998
تم النشر فى:
وزارة الداخلية