تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

إبراهيم محمد إبراهيم الحديثي

Professor

أستاذ القانون الإداري والدستوري

كلية الحقوق والعلوم السياسية
كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون العام، مكتب رقم 2 أ \ 248
صفحة

مستقبل العمل الخيري في ظل المتغيرات العالمية

مستقبل العمل الخيري في ظل المتغيرات العالمية

         لا أستبعد أن يهمل القراء أو السامعون ما سيسمعونه أو سيقرؤونه في هذه المحاضرة، كيف وقد واجهني في أوائل قراءتي عن المستقبل قول أحدهم: "إن الاستراتيجية المستقبلية المهيمنة هي التنكر للأفكار المستقبلية"؛ فالتنكر للمستقبل هو الاستراتيجية الفكرية التي يحملها الناس إلى المستقبل؛ لأن السهولة والاعتياد أسهل من التغير والتبديل والتفكير في سلوك طريق جديد، ولهذا كان عدم التخطيط تخطيط للفشل، بحكم أن متاعب عدم التخطيط في المحصلة الأخيرة أقل تكلفة من الإعداد للمستقبل. ولكن الراحة وعدم إزعاج البال شهوة إنسانية تكتسب القداسة مع التقدم في السن، ومع الركون للتجارب الناجحة السابقة، أو الاحتجاج بالفشل المسبق، فيميل الإنسان لما نقله مالك بن نبي عن الثقافة العامة: "نأكل القوت، وننتظر الموت".

         وهناك مشكلة في التفكير للمستقبل وهي أنها تسبب المصادمة مع عبَّاد المعتاد، أو الذين نجحوا في الماضي في أي وضع ونظام، فيلزمون المستقبل بالماضي، ولهم أدلة دائما حاضرة أقلها الابتداع والتقليد للمخالفين والكفار. والحمد لله أني أتحدث في بيئة إسلامية خيرية متشبعة بالتقليد للكفار فكرة وتنفيذا؛ لذا سوف يكون النقد على الأقل-فنجد المنسحبين من المستقبليين ـ غالبا ـ أكثر من الصابرين على التهم والتعيير بالتحريفية وبالخروج عن التقاليد.

         والحقيقة أن المسلم يجب أن يعطي الزمن أهمية كبرى؛ فقد كان الزمن مركزيا في القرآن والسنة، وفي السيرة، وفي ثقافة نبلاء هذه الأمة، حتى إنك لتجدنهم يغرقون ـ أحيانا ـ في اهتمامهم بالمستقبل التربوي والتعليمي والبدني والعقلي، وتنتشر نصوص هذا الاهتمام في كل زاوية من كتابنا ومن تراثنا الفكري؛ فاللهُ أقسم بالزمن: "والعصر إن الإنسان لفي خسر". ثم فصل القرآن حتى الحقب الصغيرة للإنسان إلى أن يلقى ربه: "هل أتى على الإنسان حين من الدهر...". و ورد أن من الزمن ما يُسأل عنه الإنسان "الشباب" أو عن حقبة منه، وأحد العلماء أراد أحدهم أن يشغله عن عمله فقال: "أمسك الشمس". وماو تسي تونج سئل عن مشروعه لبلاده فقال:" أضاعت الصين زمنا طويلا، ويجب أن تمسك مرة أخرى بناصية الزمان". ولست بحاجة لأن أتحدث عن هذا هنا، فليس موضوع الحديث.

         وبما أن التفكير هو "ترتيب معين للمعلومات يتوصل به لحل المجهولات"، فإن محاولتي في هذه الورقة  تتجه ـ غالبا ـ للتنبيه إلى المعلومات، وقليلا ما ارتاد المجهولات، ثم إن المجهولات نسبية للناس كما المعلومات، ومن كان بعيدا فرؤيته مهمة لتأييد المعلومات أو للتنبيه إلى مجهولات.

المستقبل

       ما أستقبله من حديث في هذا السياق هو مستقبل بالنسبة لكم، ولكنه بالنسبة لي ماض أو هو خليط من الماضي والمستقبل. ومن الفلاسفة من ينكر تقسيم الزمان إلى ماض وحاضر ومستقبل، بل يراه زمنين ماضيا ومستقبلا، واللحظة الحاضرة وهم لا قيمة للحديث عنه، فهو أجزاء من الثانية مرت وأخرى مستقبلة. ولهذا فبعضهم يرى أن العمل الجيد في الآن أو في اللحظة الحاضرة هو عمل مستقبلي جيد، والعمل السيء في هذه اللحظة هو إفساد للمستقبل، أو هو مستقبل فاشل.

         ولعلي لا أتحزب لحزب المؤرخين إن قلت إن أهم جدل وتنفيذ لمعركة المستقبل حصلت في الأفكار والأعمال التي ألح عليها وآمن بها واعتقدها المؤرخون، وهم يلقون بأمراض أفكارهم على العالمين من ماض لا نعرف مداه، إلى ماركس وتوينبي وفوكوياما، إلى اليوم في تحليل قصة العراق ومستقبل الاحتلال، فالحكومات تلجأ كثيرا إلى فتاواهم المضرة، كما تلجأ بعض الجيوش والمصانع لروايات الخيال العلمي.

        ولهذا فإننا نختار من معارك الموضوع قولا واحدا ونتجنب الكلام في سواه، وهو أن عمل الإنسان الجاد للمستقبل، الذي أخذ في اعتباره أغلب العوامل المؤثرة، سوف ينجح ولن يذهب هدرا في تأثيره في العالم خيرا أو شرا، وإن ساءت نية صاحبه: "إنا لا نضيع عمل عامل..."، والوعيد بأن الله لا يصلح عمل المفسدين أو أنه سيكون هباء منثورا، فإن النص يشير إلى أنه تحقق ولو شيء منه.

تعريف العمل الخيري

       نحن نتحدث هنا عن مؤسسات العمل الخيري وليس عن أعمال الأفراد، فيمكننا أن نقول إنها: "المؤسسات غير الحكومية التي تنظم وتنفذ بذل المال والوقت والخبرة لتحقيق مصلحة عامة" . وخرج بهذا التعريف العمل الفردي والعمل الحكومي. ونجد أن من أهم تحديات العمل الخيري هو الانسجام بين هذه العناصر الثلاثة: المال، والوقت، والخبرة. فنجد أن أهم ما تركز عليه المؤسسات ـ أحيانا ـ هو توفير المال لمشاريعها. وتجد التفريط في مسألة الإنفاق من الوقت وغياب مشاركة الخبرة. والحقيقة أن وجود قوة وتكامل سيعطي قوة للعنصر الآخر، وضعف أحدها يعود بالنقص على الجوانب الأخرى، فمثلا غياب الخبرة يعني ضعف الاستراتيجية؛ وبالتالي ضعف ثقة المتبرعين بتطلعات المؤسسة، وعدم ثقتهم بمستقبلها. وعدم وجود المتبرعين بالوقت يجعل المال والخبرة غير ذات قيمة.

       ولأعود لتفصيل التعريف، فمثلا في التحولات التي أتحدث عنها لاحقا أن المتبرع قد يكون متبرعا بالوقت أو الخبرة فقط، ودور المؤسسة الخيرية هو التنسيق لتحقيق هذه الخدمة، والبحث عن المتبرعين، فمثلا في بعض المجتمعات لا توظف الحكومة عددا كبيرا من الناس في "الدفاع المدني" الذي يعمل للوقاية من الحرائق ليجلسوا بالساعات والأيام والسنين بلا عمل ينتظرون خبر حدوث حريق، بل يتولى الدفاع المدني تدريب عدد كبير من المتطوعين وتجهيزهم بملابس في بيوتهم ومقار عملهم، وفي لحظة الحريق يذهب المتطوع لمكان الحريق أو للمركز، ثم يعود يمارس وظيفته دون الحاجة لأن يبقى في فراغ قاتل طوال الأيام.

العلاقة مع المستفيدين

         في مجتمعاتنا عدد هائل من المتبرعين ومن المتقاعدين والمتفرغين ومحبي فعل الخير، لو وجدوا طريقا لذهبوا إلى أعمال الإغاثة والتعليم، ولو ضمنت لهم المؤسسات السكن أو السفر فستجد أن مشاريعها الخيرية في البلدان الأخرى قوية ونافذة ومؤثرة. وبمعرفة شخصية أًدْرك أن العرب هم الأقل وجودا في مواطن الكوارث، مع العلم أنهم ينفقون كثيرا. وتحويل تبرعاتهم إلى مؤسسات دولية لها أهداف مضادة لهدف المتبرعين خسارة للمكاسب السياسية والاجتماعية الكبرى التي يجنيها منافسوهم في العالم- فتجد طائرة الإغاثة العربية تصل بالمساعدة، وترجع بطاقم الإغاثة معها أو بعدها بقليل، بينما تجد المؤسسات المسيحية أو غيرها تقيم ويقيم طواقمها لزمن طويل، وتعاود الحضور للمكان، وتتابع، وتقيم العلاقات الوطيدة المستقرة.

           العمل الخيري أسسه الحضور الإنساني، وإن غياب أي بلد أو جمعية عن مشاريعها ـ مهما كلفت ـ فهذا تفريط كبير في رسالة المؤسسة الإنسانية، بل يجب أن تحرص على بقاء أكثر عدد أكبر وقت في المكان المتأثر. ولعل في دار فور أكبر شاهد؛ فقد تبين أن الجمعيات الإنسانية الدولية كانت خليطا من مبشرين وجواسيس ومنظمي ولاء للصهيونية وصانعي معارضات. وتقوم بعض الحكومات الإسلامية بإرسال التبرعات لتقع بأيدي الحاقدين على هذه البلدان المصابة، إلى درجة تزوير وتصوير أفلام اغتصاب وغيرها ـ كما نشرت الصحافة العالمية. ومرة في الصومال كانت هيئات الإغاثة الغربية تشترط على الفقراء الصوماليين أن يأخذوا مع الطعام الإنجيل؛ مما أثار الصوماليين المتوقدين أصلا؛ فأخذوا الطعام وأحرقوا سيارات الإغاثة. وقد تكون الأموال أصلا متبرعاً بها من بلدان إسلامية. فعملية الإغاثة عملية إنسانية سياسية أخلاقية. وبالرغم من أي هدف إنساني إلا أننا لم نجد مؤسسات تخلع هويتها وهوية بلادها وتتجرد من دورها وذاتها لمصلحة هيئات دولية، وهل لدينا نقص في الرجال أو النساء أن يساعدوا ويجدوا عملا نافعا، ويعودوا بأثر سياسي كبير.

الخبرة

        هناك مثل صيني يقول: "إن آخر من يدري أن السمك يسبح في الماء هو السمكة نفسها"؛ فهي غارقة في محيطها، لا ترى ولا تعرف سواه، ومثلها أي إنسان جاد يستغرقه عمله ومحيطه،  وإنه لمعذور مشكور من أهتم بأمره، ولكن الأشخاص الذين يقودون مؤسسات بحاجة أن يعرفوا بحورا غير بحورهم، وأن يعرفوا قضايا أكثر مما تعودوا. وأذكر أن العرب يَسْخَرون من الأمريكان بأن أحدهم لا يعرف الموظفين المجاورين في مكتب بجانب غرفته، بل لا يكاد يعرف شيئا خارج شغله، وهذا ليس مما يعير به؛ فقد يكون مستغرقا فيما يهمه، أما بعضهم فيعرف أشياء كثيرة تحيط به، ولكنه لا يعرف عمله! لا يهمنا هنا إلا أن القيادي يجب أن يلم بمسائل تكون أحيانا بعيدة عن تخصصه وعمله؛ لأنه يقود مؤسسته في المحيط العالمي، وهذا يلزم منه تقصير، ولكنه إن قصر في دقائق الأمور عذر، فهذه صنعة غيره، أما استشراف ميادين عديدة فهو من أولى واجباته.

        وبما أنه يصعب عليه وجود مستشار في كل موضوع؛ فليس أمامه إلا أن يشارك في ندوات ودورات متعددة وقراءات واسعة، ويعرّض عقله لعقول غيره، ثم يفتح للموظفين في مؤسسته أن يدرك بعضهم عمل بعض، ويسافر بعضهم لتغطية مشروع مختلف؛ فإدارة المؤسسات الخيرية ليست زعامة بل مشاركة.

          وجود الشباب المتحمس في العمل الخيري ضروري، وبخاصة أن التقدم العلمي الهائل يفتح أبوابا قد لا يتخيلها من تقدم بهم العمر، فلا بد من الحماسة والجدة إلى جانب الخبرة والرؤية، والاستراتيجية منها التشوف لجديد التقنية وجديد الأفكار وحماسة الشباب؛ فهم عالم يختلف عن عالم سابقيهم.

          المشرف على العمل الخيري قدوة في العمل والعطاء والمشاركة، فإن كان من مصادر سعادته أن يتشبه بالموظفين الحكوميين الكبار فهو يهدم فكرة المؤسسة التي يقوم عليها، فليس دوره أن يحافظ على مهابته أو أهميته من أن يقلعه طموحُ آخر؛ بل قيمته وأهميته من عمل ناجز ومشاركة تقنع بالفكرة والرسالة. ولهذا فمن المهم أن يعلم أن قيم البيروقراطية تتصادم مع قيم العطاء، وأخلاق وسلوك كل منهم يخالف الآخر. والقيادي في العمل الخيري إن نقل عادات وثقافة البيروقراطية لمؤسسته فهو يقتل روحها، ويفسد أخلاق العاملين فيها. ونحن هنا لا نقول إن السلوك السيء المنتشر في البيروقراطيات مناسب، ولا هو صحيح، ولكن بما أنه مرض أخلاقي وسلوكي سيء متجذر في ثقافة الحكومات فلتحرص الجمعيات الخيرية على المفاصلة التامة مع هذه الأخلاق المتردية، وتصنع لها قيما أرقى.

         في بلدان كثيرة في العالم لا ينفصل العمل الخيري عن المسار الحكومي الرسمي؛ بل نخبة المجتمع في العمل الخيري والتجارة والسياسة والفكر يدورون بين أعمالهم الخيرية وبين التخطيط لحكوماتهم، وشخص مثل كوشنير ـ وزير خارجية فرنسا ـ جاء من منظمة عمل خيري إنساني هي: "أطباء بلا حدود"، وقد كان من أبرز روادها.

مسألة اللغة

       من الاستراتيجية المستقبلية التي يجب أن يلتفت لها العمل الخيري مسألة تعليم العربية لغير الناطقين بها في العالم، وبخاصة في العوالم المحاذية للدول العربية في إفريقيا وآسيا وأوروبا؛ فتعليم العربية نافذة أساسية إلى القرآن. يذكر روجيه جارودي في مذكراته أنه زار راهبا فرنسيا في الجزائر بعد استقلالها فوجده يعلم السكان اللغة العربية، لأنهم طلبوا منه ذلك لأنه يجيدها. ثم قال لجارودي: إني أعلمهم العربية ويقولون لي إنهم يتعلمونها ليقرؤوا القرآن! والحقيقة أن خاتمة تعلم العربية تقود إلى القرآن للهداية أو لغيرها . فنشر العربية مكسب استراتيجي وثقافي كبير للأمة، ومدخل لا يصعب نقاشه أو تنفيذه في الحكومات العلمانية، ولن يفسر على أنه إرهاب. وانتشار لغة ما هو استراتيجية ثقافية واقتصادية كبرى للأمة؛ فنشر معاهد اللغة، وتطوير مناهجها لغير الناطقين بها، ونشر وسائل الإعلام بها، أحسن بكثير من التعويل على اللغة الإنجليزية أو غيرها. واليوم هناك إقبال عالمي عليها وتجاهل من أهلها. كما أن إقناع الحكومات والسفارات سيكون سهلا. ولا بأس بأن تبتعد الكتب التعليمية عن النصوص الإسلامية؛ حتى لا تثير الإشكالات.

          ونجد ـ أحيانا ـ أن بعض الجمعيات الخيرية الإسلامية تشترط اللغة الإنجليزية على الموظفين والمساعدين في العمل الخيري، وأنا أُفَضِّل عكس ذلك، فإن وجود الإنسان العربي المسلم الذي يتحدث لغة القرآن، ويساعد الفقير، ويعاني الناس معه تعلم لغته أو الترجمة له (وهنا إعطاء قيمة للمترجم؛ لأنه يعرف العربية أمام قومه، وهذا من وسائل الانتشار والتكريم والتميز)، ثم إنه (المتبرع) هو صاحب اليد العليا، وأولى أن تقدّر وتفهم لغته .

ترسيخ فكرة العمل الخيري

          من الطريف أن دي توكفيل ـ الذي كتب كتابه الشهير: "الديمقراطية في أمريكا"، والذي يعتبر أهم ما كتب في الكشف عنها للعالم (في النصف الأول من القرن التاسع عشر) ـ أشار إلى  أنه اكتشف في أمريكا نوع منظمات يعترف بأنها جديدة غير محدودة، ولا علم له من قبل بوجودها، يعمل فيها عدد كبير من الناس لهدف عام، يجِدًّون بالكفاح لتحقيق هذا الهدف الطوعي. وهو يشير إلى كثير مما أصبح يندرج لاحقا تحت مسمى المجتمع المدني. وهذا المجتمع المدني أسسه دينية، وأخلاقية إنسانية، تعمل لخير المجموع. ومع السنين جَدَّت هوامش أَسَّس بعضها للفساد، ولكن تبقى أصل الفكرة والكثير من ممارساتها مهمة جدا لخير المجتمع.

          المؤسسات الدينية لها الأغلبية في الجمعيات الخيرية، وهذا ليس في العالم الإسلامي فقط بل في أكثر دول العالم، يأتي بعدها الجمعيات المحافظة الأخرى، فنجد مثلا أن أكثر من ثلث الجمعيات الخيرية في أمريكا دينية، وحازت ثلث التبرعات التي قدمت عام 2007 بمقدار مئة مليار دولار، مما مجموعه 306 مليار . الحاجة تستدعي التعريف بالأهمية، والحث على مستوى الخطاب الديني والخلقي والاجتماعي، فلتكن الجمعيات متوازنة في خطابها للمجتمع، ومنسجمة متوازنة مع حاجة المتلقين ورغبات المتبرعين. فلنقدم الغاية ولا نتشاحّ في اللغة والتوصيف، فكل أعلم بنيته، والمؤسسات تنفذ غايته. والعمل الخيري من أكثر الجوانب الاجتماعية والثقافية التي يجب إحياؤها وتنميتها بأسرع ما يمكن؛ فهي قوة معنوية وأخلاقية للمجتمع المسلم، وتعيد للمجتمع تماسكه وقوته.

1- ثقافة العمل الخيري والوقف في المناهج والوعي العام:

         يجب أن تحرص الجمعيات الخيرية أن تضع من أهدافها القريبة وضع موضوع العمل الخيري والمؤسسات الخيرية على قائمة القيم والمعارف والأخلاق التي يتجه لها المجتمع، وتتفق مع بعض الشخصيات النافذة والواعية لتحقيق الفكرة، ولتوضع في المناهج الدراسية إلى جانب الاهتمام بحقوق الإنسان، أو عند الحديث عن الزكاة، أو برامج التعاون الدولي (كما في بعض الدول)، أو التربية الوطنية، أو أي موضوع مناسب، ولكن يقدم لدوائر التربية والتعليم كمطلب أن يدرج في مناهج التعليم فكرة عنه وإحصاء، أو يلحق بالأبحاث التي تتحدث عن الخدمة الاجتماعية أو الأوقاف.

2- الخروج بالموضوع الخيري إلى دوائر إعلامية أوسع من دوائر التدين، ونقاش القضايا الإنسانية، وجعل الوعي بهذه المسائل أمرا عاما في المجتمع، بقطع النظر عن حالة الشخص الدينية؛ فغير المتدين لديه نوازع إنسانية عميقة، وقد تكون مدخلا له إلى ما هو أحسن. وفي الغرب يصفون التبرع والإنفاق علاجا للحالات النفسية للمتدينين وللملحدين.

3- التوسع في دوائر طلب الدعم للعمل الخيري مهمة جدا؛ فهي مورد مالي واسع جدا، وهي مورد لدعم اجتماعي وسياسي وقيمي للعمل الخيري، وتوجهات التبرع الخيري من القطاع الأوسع من المجتمع قد تكون أكثر تحصيلا من قوائم التجار، وهي تبني علاقات وثقة وهوية وثقافة وعائدا للعمل الخيري أحسن من البقاء في دوائر الأغنياء (في الجدول المرفق إشارة لهذا العامل المهم).

4- تنويع برامج العمل الخيري لتحتوي من يريد أن يفعل خيرا للإنسانية في ميدان جديد قد لا يكون ميدان المؤسسة نفسها. ومع أهمية توزيع التخصصات وتركيز كل مؤسسة على مؤسسة أو قضية، فإن الحاجة تدعو ـ أحيانا ـ لأن يكون في كل مؤسسة بذور لعمل مهم لو تخلى عنه المتخصصون أو قصر فيه غيرهم فإذا لهم فيه عرق وطين.

برنامج للتعاون الدولي

          العولمة قربت العالم، وسهلت الانتقال والتواصل مع العالم. وقد تكون الإقامة في بلد آخر أرخص وأسهل من إقامة الإنسان في بلده؛ ولهذا فقد يكون من المهم إقناع المؤسسات، وربما الحكومات، بحملة "التعاون الدولي" كرد لما لحق المجتمع والحكومات العربية والإسلامية بعد أحداث سبتمبر من نقد، وقلب الأثر إلى أثر دولي جيد. يقوم المشروع بالتعاون بين المؤسسات الخيرية حيث تقدم الخبرة والإدارة والعلاقات وبعض التكاليف مع رعاية الشباب أو منظمات الشباب للتعريف بالقيم الإسلامية والعربية، وتأخذ نهجا تعريفيا معتدلا، تطوعيا، وبعيدا عن تدخل الحكومة المباشر. وقد تنفق عليه الحكومات والتجار والمؤسسات غير الرسمية، ويتم من خلال مؤسسات شعبية وخيرية، يخرج فيه الطالب الجامعي لدولة أخرى، ويلتحق بأي مؤسسة تناسب تخصصه، ويلتزم بقضايا قليلة تهدف أن يكون رسولا جيدا لمجتمعه، ولثقافته، ومساعدا للمجتمع الذي يلتحق به بأي عمل مفيد.  وقد كان برنامج بعثات أو فيالق السلام الأمريكية التي سميت: "بيس كوربز" من البرامج المهمة لبعث الشباب الأمريكي حول العالم، والدعاية للحكومة الأمريكية وللغرب في مواجهة المد الروسي وفيالقه للحرية والاستقلال وجماعات الطلاب التقدميين واليساريين والاشتراكيين في العالم.

هذه الحملة سوف تحقق التالي أو بعضه:

أ- التعريف الشخصي بدلا من الكلام الوهمي عن البلاد ودينها وأخلاق أهلها.

ب- المساعدة الفعلية للناس في قضايا كثيرة، يحسن أن يكون قد تدرب عليها الشباب كـ :(التمريض، وأنواع من الرياضة، والخبرات التعليمية..).

ج- إيجاد كوادر مطلعة على دول العالم الفقير والغني، لا تعيش فيه البعثات جو الطالب الدارس؛ بل جو العامل على التنمية والصداقة.

د- سيكون بعض هؤلاء في مواقع ديبلوماسية أو حكومية تفيد المجتمعين.

هـ- سيكون من هؤلاء رصيد مهم وخبرة للأعمال الخيرية والتعاونية الدولية.

الخلاص من عقد سبتمبر

الموقف من الحكومات

     علاقة العمل الخيري بالحكومات كان دائما مصدر قوة في حال قوة الحكم وسيادة الدولة على قرارها، فتسمح بحريته في المجتمع المفتوح فيقوى، وأيضا كان العمل الخيري مصدر مشكلات وتنافس وضياع للعمل وللحقوق في حال ضعف الحكومة أو استبدادها، فالمؤسسات المدنية في المجتمع الحر مصدر قوة وسيادة وعلو وتأثير؛ ولهذا فإن من أهم دروس أحداث سبتمبر ـ التي أتوقع أنها أصبحت قوية وراسخة في عقول المؤسسات ـ أن مسألة العلاقة الجيدة والشفافة بين العمل الخيري والحكومات ـ أيا كانت الحكومات ـ مسلمة أو غير مسلمة، شرقية أو غربية، فيجب أن تكون ضامنة ومساندة وحامية لعمل قانوني مفتوح و واضح، وأن تحمي الحكومة العمل الخيري في بلادها كما تحمي ذاتها وحدودها؛ فهو يعطيها مقابل ذلك ثقة وشعبية في داخل حدودها، ويعطيها أهمية وقيمة معنوية ورسالية ودعائية ومهابة خارج حدودها، مما لا تملك نظمها البيروقراطية أن تقدمها.

       والمؤسسات الخيرية يد طيبة تمتد بالخير والمعروف، ومساهمة إيجابية في العلاقات الدولية، وهي قريب مما يسميه جوزيف ناي بـ "القوة الناعمة" لأي حكومة، كما أن المؤسسات والأعمال الخيرية والدعوية لا تتخلى عنها الأمم في ذروة الحرب والمآسي، فلما احتلت أمريكا أفغانستان جلبت المبشرين من كل مكان تحت ظلال الصواريخ والطائرات والإبادة، وجلبت المبشرين ـ حتى مبشري الكاثوليك ـ من كوريا.

       لقد تبين للعالم الغربي بعد قرون من الممارسة الاستعمارية والتأثيرية حول العالم أن وضع قواه كلها في أيدي رسمية حكومية بيروقراطية يضر بالحكومات مهما كانت قوية، ويقلل من أخلاقية الدولة، فتظهر للخارج أنه لا وجود للإنسان ولا حريته ولا رسالته خارج سلطتها، وهو عمل يستهلك رجالها ومالها، ولكن الدعم القانوني والمعنوي والمالي للمؤسسات غير الرسمية يضفي احتراما شعبيا على الحكومات، ولا يلزمها بممارسات الأعمال التطوعية، التي تثمر في النهاية قوة للمجتمع وللحكومة. وقد بادر بوش الابن في أول عهده بدفع ثلاثة مليارات دولار مساعدات للكنائس، ولأعمالها الخيرية. ولما احتاجها في حرب المسلمين كانت على خط النار، دعاية وتجييشا وإعادة انتخاب له، وتحديدا لهوية الحرب بأنها دينية؛ فحرّك الأرواح والكنائس لما يراه رسالته ونداء الإله له، وإن كان هذا مثالا سيئا تجاه المسلمين، ولكن المجتمع الحي يحتاج للعناصر الحية ذات الهمة التي لا توجد في القطاع الرسمي ولا يستطيع تنفيذها وقت الحاجة.

      إن الكثير من الأعمال السياسية والوساطات والمكاسب الكبرى للأمم القوية تتم من خلال العمل التطوعي، وبأيدي المؤسسات غير الحكومية، والنشاط الجاد الجانبي للحكومات، "انظر معهد بيكر، ومعهد كارتر، ومعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" ـ مثلا ـ فلا تتدخل في صياغته، ولكنه ينتهي بخير الشعب والحكومة. وحيث لا توجد المؤسسات الخيرية السياسية والاجتماعية فإن السياسة تموت، ودور الحكومات يضمر ويتلاشى؛ إذ لا وقود ولا تأثير ولا ضغط، ولا رجال في المجتمع إلا من منت عليهم البيروقراطية بالوجود والحياة، ولهذا يحل الفشل الذي يحرم عنه.

             وأهم من هذا النموذج ما استطاعت إسرائيل تجنيده من مؤسسات وأشخاص وجامعات، من خلال جمعيات عامة وخيرية، حتى لقد قرأت مرة دعايات جمعيات خيرية تجمع المال لعائلات ولجرحى الجيش الإسرائيلي ، وجمعيات خيرية تستدعي المثقفين الأمريكان والهنود والصينيين ومختلف المثقفين حول العالم لتحسين سمعتها وصورتها حول العالم. وهناك جمعية صهيونية متخصصة في تدريب وإقناع الصحفيين الشباب حول العالم بشرعيتها ومظلوميتها، تقدم التدريب، وبطاقات السفر، وإقامة لمدة شهر، مع جولات توعية . ولا ننسى أن "أيباك" ـ منظمة الضغط الصهيوني الأقوى في واشنطن ـ جمعية خيرية، تدير أكثر من ستة مليارات دولار نقدا تحت حسابها؛ لتخضع وتخرس وتصنع الرؤوس السياسية والإعلامية، قال رئيسها السابق للصحفي جولدبيرج وهما يتحدثان في مطعم: "لو أردت أن آخذ تواقيع ستين رجلا من رجال الكونجرس لأخذتها ولو على هذا المنديل". ومد بمنديل الطاولة في المطعم . وكذا معهد "سابان" الذي أقامه التاجر المصري اليهودي وسماه باسمه، وألحقه بمعهد بروكنجز، وقد افتتح فرعين في الدول العربية .

       إن وجود مؤسسات خيرية لها شخصية ـ ولو مخالفة لهوية وتوجه الحكومة ـ أصبح من علامات صحة الحكومات، وحيويتها، وسلامة ضميرها. ولا يخاف من الخلاف في الرأي مع المؤسسات الخيرية إلا النظم القديمة التي فنيت في العهد الشيوعي، فقد كان القضاء على القطاع الثالث والنشاط الحر والحرص على تبعيته للحكومة إضعافا للمجتمع، وتدميرا للقوة، وإنهاء لسطوة ونفوذ الحكومة الروسية في الخارج، كما أن ضبط العلاقة المؤسسية بالسياسة معرفة وفن وقناعة، بحيث لا يتضرر العمل الخيري، ولا يخرج عن طريقه، ولا تتحكم في رقبته أي حكومة. و واجب الحكومات وضع الأسس المساعدة على الحركة الحرة للمؤسسات الوطنية غير الرسمية، وتشجيعها على ممارسة مبادرات حرة سياسية واجتماعية، فتعهد إليها بعلاج أزمات سياسية دولية، وحل مشكلات داخلية، وستجد الحكومات أن هذه المؤسسات أقدر وأقل تكلفة من بيروقراطيتها المغرقة في الإخفاق.

الموقف الغربي

         يختلف تقييم المواقف الحكومية والشعبية في البلدان الحرة عن التقييم في البلدان المتخلفة؛ فالموقف الغربي من العمل الخيري الإسلامي يحكمه توجهان: الموقف السياسي للحكومات، وموقف المؤسسات. فأما موقف الحكومات القاسي بعد أحداث سبتمبر فقد خف الآن، "وبخاصة في أمريكا" لأسباب عديدة؛ منها: التكاليف الكبيرة التي تسببها عملية تكبيل العمل الخيري الإسلامي، وسوء السمعة الذي لحق، فاحتاجوا لحملة علاقات عامة، ولسبب آخر أن عملية مواجهة العمل الخيري الإسلامي عهد بها للحكومات المتخلفة في العالم الثالث؛ لإضعافه وتقييده، بعد أن تمت عملية غسل الأدمغة في العالم الضعيف، وتم تخويفه وترويعه بخطورة العمل الخيري، مع أنهم لم يثبتوا في المحاكم أي دليل ضد الجمعيات الخيرية الناشطة والدولية وذات الأثر. ولهذا شهدنا ما يمكن وصفه بالاعتراف غير الصريح في خطبة أوباما بالإساءة لمؤسسة الزكاة، أو ما يفهم من موقف تجاه موضوع تبرعات للمسلمين. ولهذا فإن القانون يجبر الحكومات الغربية على التراجع، ولكن موقف الحكومات المتخلفة متأثر بالقرار القديم الغربي، مع أنها لا تحتاج لقانون، ولا سبب يخولها تدمير المؤسسات النافعة، بل تحتاج مجرد إشارة من أي أحد في الخارج، أو موقف شخصي في داخل بلدانها. فبقي موقف الغرب ممتدا - عند الأتباع، أو من سرهم محاربة العمل الخيري- ولو تراجع الغرب عنه.

        الجانب الآخر موقف المؤسسات الغربية، فنعلم أن الجمعيات الخيرية الغربية تنقسم إلى قسمين رئيسين: يسار ويمين. واليمينيون هم الأكثر مالا وتأثيرا، وهم مرتبطون بالكنائس والأحزاب العنصرية؛ ولهذا فتأثيرهم على حكوماتهم مستمر، ولو بطرق أخف من السابق، ولكنهم من ذوي التأثير الكبير في مناطق كالسودان والحبشة وغرب إفريقيا من المَوَاطِن التي تتصادم فيها التوجهات الإسلامية والمسيحية، علما أن بعض المؤسسات التبشيرية ـ مثل معهد كارتر ـ يحصل على تبرعات هائلة من أفراد من المسلمين (الدفعة الواحدة منها بلغت خمسة ملايين دولار). ولكنها ستبقى شوكة في نحور المسلمين ومؤسساتهم الخيرية.

         أما المجموعات اليسارية فهناك نقاط توافق مهمة معهم، مثل: قضية فلسطين، وقضايا حقوق الإنسان، والحريات الإعلامية والسياسية، ولكن معهم ـ أيضا ـ مناطق تصادم مع المسلمين، مثل: قضايا المرأة، والشذوذ، وقضايا الشريعة الإسلامية عموما.

               أما الحكومات الغربية فهي امتداد شعبي للمجتمع؛ أي للقوى المؤثرة، بما فيها الكنيسة والليبرالية، ولكل قوى المجتمع الدينية والعنصرية، ولجماعات الضغط، فليس الموقف الغربي دائما منضبطا، ولا تحت يد سياسي ولا حكومة ولا حزب.

المسألة القانونية

          من خير الطرق المعترف بتأثيرها دوليا الاهتمام بالوضع القانوني لكل مؤسسة فاعلة، والمؤسسات الصغيرة التي لا تحتمل التكاليف القانونية من المهم أن تجد لها غطاء قانونيا من مؤسسة كبيرة بعد التأكد من عملها وأهدافه.

          بعد تحقيق سلامة العمل الخيري من مشكلات سبتمبر يجب البحث عن تقوية وجوده، وتأصيل حقوقه، وتجنيبه أي فساد؛ فالنقاء النظامي حماية وتأصيل للشرعية في المجتمع، مع أن المحامين والسياسيين هم أكلة العمل الخيري، وخطر عليه، ولكنهم شر لا بد منه، وإرضاء عدد كبير منهم صعب؛ فليكن معك قلة أقوياء يحمونك، وإن آذوك خيرا من أن تقع نهبا لكثرة لا تعي حقك ولا تحميك من خصمك، والعلاقة الدائمة المستمرة خير من البحث وقت الضرورة. وأيضا فإن الحسابات المكشوفة الدقيقة مهمة لإقناع الجميع، ولتنظيف الدار من الداخل، و وقايته من السموم من أي راغب في نشر دعاية سيئة.

        هذا عمل قائم لدى أغلب المؤسسات، ولكن متابعة ما يجد من القوانين التي تفتح ـ أحيانا ـ مجالا واسعا للتأثير مهمة جدا، مثلا هناك حكومات مثل كندا كانت تدفع للمؤسسة مبلغا مماثلا من التبرع الذي تجمعه في حالة الانسجام القانوني مع عمل المؤسسة، والمؤسسات الخيرية تقدم أعمالا مهمة في هذا السياق.

بناء بيئة ثقة محلية ودولية

         وجود خدمات ومشاريع مشهورة معروفة وذات دور مهم في المجتمع تقدمها المؤسسات الخيرية للمجتمع الذي تجمع منه المال وتقيم مؤسساتها فيه مسألة ضرورية، ومهم التأكيد على الدور الخدمي لهذه المؤسسات، فمثلا المستشفيات التي أقامها الإسلاميون في الأردن هي من علامات النجاح والخدمة الرائعة للمجتمع، وهي منارات نجاح وخدمة حقيقية تجاوزوا بها دور الحكومة، ولا ينافسهم في هذا العمل أي مؤسسة أو حكومة أو مشروع وطني آخر. وهكذا تجد المؤسسات الخيرية ورجالها منطقة تقدم من خلالها خدمة للمجتمع الواسع "الذي هم جزء منه". ويجدر بالمؤسسات الخيرية  والوقفيات أن تتسابق لهذا الدور الضروري؛ لما يحققه من عون وتطوير وخدمة، وفي الوقت ذاته مشروعية وحماية. ثم توطيد أواصر العلاقة بالمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأمم المتحدة. وقد اتجهت المؤسسات إلى المشاركة، وهو اهتمام يجب الزيادة منه مستقبلا؛ ليتجاوز المسلمون الحصار الثقافي والإنساني المغلق عليهم، وليتصدروا المنابر العالمية بحكم العدد والثروة، والمواقع والحاجة.

مشاركة المرأة

          العمل الاجتماعي والخيري برز فيه النساء في العصر الحاضر وفي القديم؛ فدورهن كبير، ويجب أن يراعى في مورد المال وفي مصرفه، ويجب أن تكون المؤسسات الخيرية منارا للعدل، لا مثالا للجور على النساء. ويبدو أن كثيرا من المؤسسات الخيرية متجاهلة للدور الأهم للمرأة، فالتعليم والخدمات الاجتماعية والصحية من المجالات التي يجب أن تعطى فيها المرأة مجالا ينطلق من مراعاة النجاح العملي، وليس لمجرد أن يقال شاركت المرأة. وفي هذا الجانب لا يصر مجتمع ولا مؤسسة على فرض ثقافتها ولا ثقافة مجتمعها على العالم، بل تراعي أن الشرع نزل مراعيا للواقع وللعرف. ويحسن أن نسأل: هل لهن من مشاركة أو معرفة بمثل هذا اللقاء، أو لديهن بديل؟

        كما أن من يهتم بموضوع الدعوة يجب أن يعرف أنهن صاحبات دور كبير في التغيير في المجتمعات المفتوحة لا يقل عن الرجال، ويتفوقن ـ أحيانا ـ على دور المثقفين، وبخاصة في مجال الدعوة، والمشاركة الاجتماعية الناجحة. ثم إن علاقتهن بالأطفال حاسمة التأثير؛ بسبب بعد الرجال عن النشء، ثم لأنهن أكثر قناعة بالممكن من المال، وأكثر اندماجا وتعلقا بعملهن من الرجال. وقد راعت ذلك الكثير من الكنائس؛ إذ تعتمد النساء مبشرات أكثر من الرجال . فالمساعدة والتمريض والانخراط الحميمي في النقاش تجيده النساء أكثر، والناس لا يحتاجون فلاسفة، بل متعاطفين ومتحدثين صادقين بارعين.

الخلاص من مرض الفردية

           من النصوص الهجائية الكثيرة التي قرأناها بأيدي ناقدة أو حاقدة قول أحدهم: إن المجتمع المسلم مجتمع الفرد، وليس مجتمع الجماعة؛ أي أن المسلمين فيهم فردية قاتلة، فالشخص متى تولى منصبا دمر سواه، يدمر الأشخاص والأفكار المخالفة له، فغيره أو منافسه المسلم ما هو إلا: "مجمع من باطل من الفكر والسلوك، ولا نجاح ولا خير إلا بالقضاء عليه"، فيصبح هم كل مؤسسة تقام للبناء أن تحقق الهدم قبل البناء، وتنتهي بعدم تحقيق هدفها الذي قامت من أجله، فلا ينجح هدم ولا بناء.

        إن إدراك دور الفرد في المؤسسة لا تخضعه قواعد جاهزة؛ بل تربية وثقافة راسخة تصنعها المؤسسة، بحيث تحقق تميز القيادي لمصلحتها ولمصلحة مجتمعها، وتصنع آلية للخلاص من أمراضه التي لا يعرفها. ومن المهم أن يعلم أن من أمراضه فرديته غالبا؛ بسبب ما توحي له السلطة من منصب وثقة، وقد يتواضع بعض القياديين بطريقة تهدم العمل وتضيعه.

التغلب على شهوات المتبرعين

             في رمضان، وعند إشارات السير قبيل الأذان أو بعده، يزدحم أناس يوزعون الإفطار على الركاب، ويسببون ما يسببون من إعاقة وربما حوادث ليتصدقوا على من لا يحتاج ولا يريد. وهذه مشروعات ومبالغ كبيرة. وأمثال هذه الأعمال المصروفة في غير حقها ـ للأسف ـ كثيرة؛ ولهذا فإن من المهم أن تنشأ رقابة على المستغلين للتجار ولأعمال الخير؛ لتذهب إلى مصارفها الصحيحة؛ لأنه في هذه الحالة علاج مريض أو إصلاح الطريق، أو تنظيف الحي يعد أكثر أجرا وأبقى من توزيع هذا الطعام. وإن استطاعت المؤسسات فعليها أن تبعث الوعي في المجتمع وفي المتبرعين بترتيب الأوليات ليدرك أن المبلغ الذي ينفقه في غير طريقه قد قصر في اختيار مصرفه وجانب المستحق والأولى به.

           إن المؤسسة التي تملك استراتيجية ستساهم كثيرا في تجنب أهواء المتبرعين، وتلزم الكثيرين من عقلائهم أن ينسجموا في ثقافة المؤسسة، ولكن كثيرا منهم لهم رغباتهم وعلاقاتهم وأمزجتهم المخالفة للمؤسسة، وهناك طرق كثيرة تقيمها المؤسسات للالتواء على هذه الزوايا التي يجبرون المؤسسة عليها ويضطرونها فتضطر أن تقدم العمل المفضول على الفاضل، وهذا التوجه ليس كله خطأ في البدء، ولكن تأكدوا أنه يدخل المؤسسة لزوايا معتمة لا طاقة لها بها.

العلاقة بالأفكار والأحزاب

         إن الجهد الفكري للمؤسسات القائمة لا يتناسب مع تمويلها ولا مع دورها، ولا مع أمل الناس فيها؛ فهناك ضخامة في الأموال والعائدات، وفقر فكري مروع. ولما تنشره هذه المؤسسات تقول: ليتها لم تفعل! إن الأفكار أساس حشد الناس لأي موقف، خير أو غيره، ولا تملك الجمعيات الخيرية أن تبعد الروح المحركة لعملها عن مؤسساتها التنفيذية، فعدد الذين تطوعوا في حملة أوباما في فلوريدا ـ فقط ـ كان أكثر من مئتي ألف متطوع، أغلبهم من الشباب. والشباب تستهويهم الأفكار أكثر من الشيوخ؛ ورد في حديث ضعيف: "بعثت بالحنيفية السمحة فوافقني الشباب وخالفني الشيوخ".  وبسبب نهضة المسلمين الفكرية، والإحياء الإسلامي، وبسبب الأعداد الهائلة المتصاعدة للمسلمين في داخل الغرب وخارجه، وتهديدهم لثقافة  الاحتلال الغربي وللإمبراطوريات؛ فقد تعاظم العمل الغربي الجاد فيما سمي بالحرب الفكرية، وحرب الأفكار، وحرب العقول والقلوب، ومعركة الأرواح والأبدان ؛ لمواجهة الفكر والعمل الإسلامي. وفي سنوات قليلة أصبح الكثير مما يتعلق بالإسلام سبة في بلاد المسلمين، وإن كان عند الله والناس حسنا.

         والعمل الخيري بحاجة ماسة للمتطوعين، وليس صحيحا القول بأن الموظفين ـ فقط ـ هم الأساس للعمل الخيري؛ بل عمدة العمل على المال الطوعي، والوقت الطوعي، والخبرة الطوعية، وهذا لا يتحقق لو بقيت أفكار الناس في المجتمع بعيدة، أو غير واضحة عن العمل الخيري، أو أصبحت أفكارا غامضة نائية في هامش المجتمع. لابد من الأفكار الكبيرة المقنعة التي أسست للعمل الخيري أن تعلو فوقه، وأن يصبح ثمرة لها، وأن يعيد العمل الخيري للأفكار التي أسسته قيمتها.

         إن هذا الجانب هو من أهم التحديات المرحلية التي أراها مهملة رغم خطرها، ولعلي بعيد عن معرفة وجود مؤسسات خيرية تهتم بالأفكار، وليس مهما أن نقول: قامت مؤسسة أو ألف مؤسسة؛ لأن المؤسسات في الغالب لا تصنع الأفكار، ولكن تحتضنها أو تؤيدها وتدفع بها في المجتمع حتى تصبح من المُسَلَّمات. ملاحظاتي أن هذا جانب فقير، وغيابه سيؤثر سلبا على المؤسسات الخيرية تطرفا أو تفلتا. ومن مراقبتي لبعض الأعمال الخيرية أنها غالبا تعاني من غياب الفكرة، ثم لا تملك الشجاعة للاعتراف. أما إن كانت لا تدري أنها لا تملك فكرة فتلك مسألة أعوص.

       ثم إذا كانت المؤسسات الخيرية تهتم ببطون وأجساد الناس وتتنكر لعقولهم وأرواحهم؛ فهي تتنكر لمستقبلهم وتهمله. وقد تجد المؤسسات ملجأ للتأثير الفكري والروحي في العلاقة مع الحكومات؛ فإن الحكومات تقيم التعليم ومؤسساته، وحبذا لو ساهمت المؤسسات التطوعية في غرس روح لهذا التعليم.

         علاقة المؤسسة الخيرية بالأفكار والمشايخ والأحزاب مما تحتاج أن تتعامل معه بوضوح، ولن يتم لها هذا حتى تجعل في إدارتها وفي هيئاتها الاستشارية من يدرك تناقضات ومشكلات المجتمع، وعلاقته بالحكومات وبالأفكار والدول والأحزاب، فغاية المؤسسة الخيرية من المفترض أن تتحدى وتتجاوز عقول الحزبيين الضيقة، وتتجاوز خصوماتهم، كما يجب أن تستفيد من منافع المثقفين، وأن تتخلص من نزوات المفكرين والقادة الكارزميين؛ فهم ـ غالبا ـ شخصيات قلقة ومثيرة، فائدتهم عظيمة، وضررهم كبير في الأجواء المستبدة والحادة من مجتمعات العالم الثالث التي تأخذ المجتمع بالفرد، فتحتاج المؤسسات الخيرية لعلاقة منضبطة مع الأفكار بحيث تحييها وتؤيد نشرها، وتجني من خيرها، وتعمل على التخلص من سلبياتها. وهذه حالة من الذكاء العالي لا تحمله ولا تستطيعه إلا قوة أو قلوب شجاعة وعلاقات ماهرة، في المجتمعات الضعيفة، غير أن تجنب الأفكار الريادية يحافظ على سلامة ضعيفة، ولا يصنع قوة مستقبلية لا للحكومات ولا للأفراد، وكم عاشت مؤسسات وحكومات وشعوب على بقايا أفكار شجاعة لرجال تواروا من وراء القرون، فكانت مجرد الذكرى تكون مكسبا ماليا وفكريا وسياسيا!

       إن نخبة حزب البعث ـ التي أسست مركز دراسات الوحدة العربية، منهم: سعدون حمادي وغيره ـ ابتعدوا فعلا أو شكلا عن مركزهم بسبب ضغوط السياسة، ولكنهم بنوا مؤسسة يوم أفلس فكرها أصبحت تصطاد الجميع، وتفتح لهم مسرحا فكريا عاما مقبولا جاء بالإسلاميين وبغيرهم، والعرب يتغذون على كتبه ومجلته، أو يعود لهم بعض فكرهم معدلا؛ لأن وفرة المال، وكثرة العدد، والنية الحسنة، لم تبن مؤسسة فكر إسلامي ذات أثر إلى الآن، أما معهد الفكر فكان تجربة مفيدة، ولكنها كانت وقتية.

        إن المفكر والقيادي في العالم المتخلف المغلق أصبح عليه – إن استطاع- أن يقول الطريق من هنا، ثم يقف مكانه أو يراقب من بعيد، والمؤسسة الخيرية لا تملك إلا أن تقول له: شكرا رعاك الله، سنذهب نحن ولا تصحبنا. هذا هو الأسلم للمؤسسة الخيرية، إن كانت شجاعة. قول وفعل لا يؤيده العقل ولا القلب، ولكنه الواقع؛ بسبب الحرب القائمة بين التخلف والفكر، فتختار المؤسسات الأمن والاستقرار. أما المفكر فيلجأ للسلطة لتستتبعه، أو إلى الوحدة الموحشة!

خطر الاستقرار على المؤسسة

        المؤسسة الناجحة تتوسط بين سرعة التغيير والجمود، فالعمل القوي المنظم لا يطيق سرعة التغيير ولا القيادي المتقلب مهما يكن ذكاؤه، فالمؤسسة تنجح وتعمل في جو هاديء ومستقر، ولكن الاستقرار والتكرار يصبح ـ أحيانا ـ قاتلا، ويزرع البلادة والركود، ولهذا لا بد لها أن تبحث عن عوامل التقدم والتجديد في تغيير قياداتها، وفي تبادل المواقع، وفي تدريب القيادة، أو في سفرهم والتحاقهم بمؤسسات أخرى؛ للاطلاع على تجارب أخرى وأعمال وبيآت مختلفة. مثال ذلك كما تضع الجامعات سنوات تفرغ، فمن الجيد للمؤسسة أن تلحق بعض شخصياتها بفرع أو جامعة أو مركز أو يدرس خطة مستقبلية ينجزها للمؤسسة؛ لأن خروج المسؤول ـ ولو مؤقتا ـ عن دائرة العمل المدمن له ضروري لنجاح المؤسسة وتجدد دمها. وهذا ـ أيضا ـ صحيح فيما يتعلق بأفكار المؤسسة وقضاياها.

لا تغيّب الحدس

       تساعد الخبرة والتعامل والتجارب الطويلة في منح القيّم على عمل ما شفافية أقرب للحدس أو للكرامة في ولوجه إلى قلوب وعقول الأشخاص، والتعامل مع الأفكار والقضايا، ولا تولد هذه من حرص فقط؛ بل تتكون نتاج فطنة وتجربة ونجاحات وإخفاقات مرة، ومعرفة واسعة بالناس، هذه الحاسة تخترق ظلمات التقسيمات والأحزاب والعلاقات والمعلومات المضللة لتصل بالفطن إلى تقييم موضوعي للأشخاص، وهم جزء مهم من عمل أي مؤسسة، فلا تستهن بهذا العامل، ولا تجعل صاحبه بعيدا عن قرارك، وتحمل قوله غير المبرر والذي يفتقد الأدلة أحيانا.

       لكأني بهذا القول أذهب للأوهام هنا، ولكني أرى الحدس جزء روافد القيادة الموهوبة، وتساهم كثيرا في العمل والنجاح، وخطر الحدس كبير؛ إذ إن كثيرا من الأوهام والأمراض تقدم نفسها على أنها إشعاعات إلهية وأنوار ربانية، فهذا صراط حاد، فإن رأيت أن تتركه وتتعامل بالمعرفة وثقافة العمل الجاد فهذا أسلم وآمن.

النمو بالتصحيح الذاتي والمشاركة

       من أهم مدارس الإدارة تلك المدرسة التي قادها بيتر دركر، ومدرسته خرجت من معطف "كارل بوبر"، الذي يستشعر ضعف قوانين الإنسان وعدم التعويل على الاستنتاجات الصارمة التي يكتشفها أو يعلمها، بل هناك التحسين والمراجعة المستمرة. والمدير الناجح هنا هو من يتجنب جمع الأدلة على صحة وجهة نظره أمام موظفيه؛ لأن القلة من الموظفين هي التي تستطيع أن تنتقد المتنفذ، ولهذا فعليه أن يعطي مجالا للمراجعة والنقد لمسار المؤسسة في جو إنساني؛ ليشعر العاملون فيه بقيمتهم وخطورة دورهم، لا كلاما بل ممارسة، عملية تصبح ثقافة أو عقيدة لا مجاملة، مثال ذلك حادثة في مصنع لللآلات الحاسبة في اليابان، حيث كان المصنع يلاحظ كثرة  الآلات التي تخرج معطوبة من هذا المصنع مقارنة بغيره من المصانع الأخرى للشركة، ولم يستطع الباحثون ولا المراقبون اكتشاف سر ذلك الخلل، وفي مرة من المرات كانت إحدى العاملات تهم بدخول المبنى إذ مر قطار فشعرت أنه يهز الأرض، و وقع في ذهنها أن السبب قد يكون أن اللآلات التي تنتج في لحظة مرور القطار وهزته هي التي تتعرض للفساد، ذهبت للمدير وأخبرته عن ملاحظتها، وعرض الأمر فكان الغالب يقول نجرب الحل، وكان بأن يحفر خندق بين المبنى وممر القطار ويملأ بالماء؛ ليمتص الهزات على المبنى، وتم ذلك وانتهت خسارة الشركة من الآلات الفاسدة، فقد ساهمت موظفة صغيرة في حل مشكلة كبيرة لم تعرف لها الشركة حلا، فقد كانت المسافة بين الموظفة والمدير العام قصيرة، وكان في المصنع ثقافة ثقة ومشاركة في مسؤولية وثمار العمل .

         إن من المهم قرب قيادة المؤسسة من فلسفة المؤسسة، ومن العاملين ومن المجتمع، ولعل من أمثلة ذلك أن من أنجح الأعمال الخيرية في مساعدة الفقراء ونشر المسيحية مشروع كارتر، فهو مقتنع بأهمية أن يتواضع، وأن يمارس دور عيسى ـ عليه السلام ـ وكان عيسى نجارا، فعمل كارتر في بناء البيوت، وأقام منجرة في بيته، ويساهم بنفسه في البناء، فأحيانا إن قدم مدينة ليبني للفقراء بيتا جاء البناؤون للمساهمة عقيدة وتقليدا، وهذا الرئيس السابق مقتنع بما يعمل، يلبس لباسا قريبا من لباسهم، ويجتهد طاقته في العمل معهم، حتى أغوى بهذا بعض المسلمين في نيجيريا؛ فكانوا يطلبونه أن يكون إماما لهم!

التغيرات الجديدة

        ما هي المتغيرات التي حدثت حتى نعتبرها في ميدان العمل الخيري؟ إن هناك زيادة مطردة في العمل الخيري ومؤسساته على مستوى العالم، ومن نماذج ذلك أن نعلم أن عدد الجمعيات الخيرية في أمريكا بمعدل جمعية خيرية تقريبا لكل 300 مواطن، فقد بلغ عددها عام 2008م أكثر من تسعمائة ألف جمعية خيرية . أما الوقفيات الكبيرة فقد تجاوز عددها 65000 وقفية، ويتوقع زيادة هذه الوقفيات إلى أكثر من 100000 وقفية عام 2017م إن استمر معدل الزيادة كالسنين الماضية . وهناك تحولات مهمة في ثقافة العمل الخيري وفي ممارسته تعود إلى تحولات بيئة وثقافية عديدة، ويحسن أن تأخذها أي جمعية خيرية في الاعتبار، وأهم هذه المتغيرات التطور الذي حصل في وسائل الاتصال، فأدخل ثقافة أخرى للعمل الخيري، وتحول كثير من العمل الخيري إلى التعامل الإيجابي مع هذا الجانب، ولعل مداخيل الإنترنت والهواتف والرسائل نماذج لتلك التحولات وبداية لتحولات أكثر.

     الجدول المرفق يحتوي إشارات مختصرة لتحولات في جوانب عديدة من العمل الخيري في العالم العربي وعلى مستوى العالم.


الوضع القديم

التحولات الجديدة

المنفقون غالبا من الأغنياء فتقصدهم الجمعيات الخيرية والمطالبون

المتبرعون من مختلف الطبقات

كانت وسائل الاتصال بالمتبرعين محدودة

أوجدت الإنترنت وما بعدها مجالات و وسائل للتبرع العام و الوسائل في تزايد

كان بحث المؤسسات يتجه أكثر للأغنياء

البحث يتجه إلى عموم المتبرعين

كان التبرع في أوقات محددة من السنة كرمضان

التبرع طوال العام

كان المتبرعون غالبا من كبار السن

الشباب ومتوسطو الأعمار أكبر المتبرعين الآن، وموضة التأثير الشبابي القادم حدث في السياسة ويحدث في جوانب أخرى

كان المتبرع يدفع على الثقة

المتبرع اليوم يسأل عن تأثير تبرعه

كان العمل الخيري يعتمد على بذل المال بشكل أساسي

يمكن أن يكون العمل الخيري توفير إدارة للخدمات وللمعلومات فيقدم العمل الخيري الخبرة أو الوقت أو الاستشارات المجانية لا المال للمستفيد النهائي

قيادة العمل الخيري كانت غالبا ذات جهد دعوي إسلامي، وعلاقات في هذه الأجواء

بعد وضوح فكرة المؤسسة فإنها تميل إلى أن تكون واضحة الأفكار والعمل، بحيث يملأ المكان الوظيفي المؤهل إداريا، ولا تتعب المؤسسة في تحميل الإدارة مسؤولية فكرية تحصر خياراتها

المتبرعون كانت تراهم المؤسسات من ذوي التوجهات الدينية الإيمانية

يجب فتح المجالات المناسبة لغير المتدينين ممن يرون أن عليهم واجبا أخلاقيا تحضيريا أو تنظيميا تجاه البشرية، وستكسب المؤسسات أعدادا وأموالا هائلة من هذا القطاع

الاستراتيجية كانت تضعها المؤسسة الخيرية وتطلب التمويل لها مراعية مزاج المتبرع

المتبرع الآن قد يضع الاستراتيجية والتمويل

المتبرع يعطي مالا

المتبرع يفكر في أن يستثمر تبرعه  فيما يمكنه أن يتابع نموه ونتائجه[1]

الضغوط السياسية العالمية أصبح من الصعب إبقاؤها، وتكلف كثيرا من يفرضها

العمل الجاد لاستعادة النشاط والحيوية، وألا تكون الأعمال مأسورة بالأوهام "فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين"؛ فلا يليق البقاء ضحية أوهام التحكم، وقد يفتح الصدام الضروري الأبواب ويكسر الحواجز

النمو السكاني الهائل أغلبه في بلاد المسلمين

ولهذا فهم الأكثر عددا والأولى بتنمية قوتهم الخيرية لمصالحهم ولغيرهم

تحولت الثروة العالمية باتجاه بلاد المسلمين، وكونت ما سمي بأكبر عملية تحول ثروة من الغرب للعالم الإسلامي في التاريخ[2]. وكان اللوم ينصرف دائما إلى الحكومات في تصرفاتها الخاطئة مع الثروة

الثروة الحكومية والشعبية التي وصلت للعالم الإسلامي من خلال النفط تحتاج إلى وضع رؤية من قبل المؤسسات الخيرية لاستفادة المجتمع مما بيده، والمجتمعات المستفيدة، فلوم الحكومات قديما أصبح يوجه أيضا للمجتمع ولمؤسساته وإن كانت ضعيفة

العمل الخيري قطاع صغير

أصبح ينمو نموا هائلا، ولا تتناسب خططه مع إمكاناته

تكتشف الحكومات العربية متأخرة بأنها أقل كفاءة من الأعمال والمبادرات الشعبية

محاولة إقناع الحكومات بأن تساهم في وضع بعض مساعداتها بأيدي الجمعيات الخيرية، فضلا عن واجبها في الحث والتوجيه لذلك "أسوة بالغرب" الذي يكافيء الأفراد والمؤسسات رسميا مقابل كل إنفاق في عمل خيري

اتهام الجمعيات الخيرة الإسلامية والخوف منها

بعد خطاب أوباما في القاهرة أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية توجيها بالتخفيف على الجمعيات الخيرية الإسلامية من القيود التي فرضت عليها بعد سبتمبر

 




[1] ـ بعض هذه المقارنة تعزى لموقع:

www.futureofphilanthropy.org

[2]  ـ عنوان مقالة مشتركة عام 2008 لهنري كيسنجر وآخر.