تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

إبراهيم محمد إبراهيم الحديثي

Professor

أستاذ القانون الإداري والدستوري

كلية الحقوق والعلوم السياسية
كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون العام، مكتب رقم 2 أ \ 248
صفحة

حالات استبعاد العروض( مقالات)

حالات استبعاد العروض في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية

 

صدر نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد بالمرسوم الملكي رقم م / 58 وتاريخ 4/9/1427 هـ ليحل محل نظام مشتريات الحكومة وتنفيذ مشروعاتها وأعمالها، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 14 وتاريخ  7/4/1397 هـ لينهي ثلاثين سنة تقريبا من عمر النظام القديم، واصبح سار المفعول اعتبارا من يوم السبت 20/2/1428 هـ، وصدرت لائحته التنفيذية بقرار وزير المالية رقم (362) وتاريخ 20/2/1428 هـ.

وقد اكد النظام في مادته الأولى على الاهداف الاساسية التي يتضمنها ومنها حماية المال العام حماية تضمن تنظيم اجراءات المنافسات والمشتريات التي تقوم بها الجهات الحكومية المختلفة بحيث يتم اتباع اجراءات وطرق موحدة لتوفير مشتريات المصالح العامة المختلفة، وتحد بالتالي من تأثير المصالح الشخصية سواء من منسوبي القطاع الخاص أو القطاع العام على توجيه المنافسة وجهة غير نظامية مما يخل بهذا المبدأ الأساسي ولهذا اكدت المادة 75 على ان كل مخالفة لأي حكم من احكام هذا النظام تٌعرّض الموظف المسؤول عنها للمساءلة التأديبية وامكانية محاكمته ليعوض الجهة عما اصابها من ضرر.

ومن اهداف النظام ايضا تعزيز النزاهة والمنافسة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وذلك بتوفير معاملة عادلة للمتنافسين، وهذا الهدف ينقسم الى جزئين رئيسيين: الأول المساواة بين المتنافسين، والثاني تعزيز النزاهة. و تقتضي المساواة بين المتنافسين ان يعامل جميع المتنافسين معاملة واحدة وذلك باعطاء جميع المتنافسين فرصا متساوية للحصول على المعلومات، وتقديم العروض، ومعاملة جميع العروض بالتساوي كأن توفر لهم معلومات واضحة وموحدة عن العمل المطلوب، وتعلن لهم وقت الحصول على هذه المعلومات، وبالتالي عدم قصر التعامل في المشتريات على عدد محدد من المقاولين يتكررون في أغلب مناقصاتها لذا شددت المادة الثالثة من النظام على اعطاء اكبر عدد من المتنافسين فرصا للتعامل مع الجهات الادارية واناطت بديوان المراقبة العامة ملاحظة ذلك، وبناء عليه تلزم الجهات الحكومية على ان تفسح المجال امام اكبر عدد من المتنافسين للتقدم للمنافسة ولاتقصر تعاملها على شركات او مؤسسات معينه.

ومبدأ المساواة ليس له حد معين و لا يقتصر فقط على التعامل قبل طرح المنافسة بل ان من قواعد العدالة ان يستمر المبدأ الى ان يتم تنفيذ العمل فاذا حددت الجهة الادارية موعدا معينا لاستلام العروض فيجب من باب العدالة عدم قبول اي عرض يصل بعد هذا التاريخ حتى ولو كان في صالح الادارة، وكذلك عند زيادة سعر العقد لمتنافس ما بسبب تغير سعر التعرفة الجمركية كما اشترطت المادة 43 من النظام ان يزاد سعر العقد المثيل حتى ولو كان ينفذ في جهة ادارية اخرى، ايضا من قواعد المساوة ان تكون شروط ومحتويات الاعلان عن المنافسة واحدة لجميع المتنافسين سواء كان الاعلان في داخل المملكة ام خارجها.

 

اشترطت المادة العاشرة من النظام ان تقدم العروض في مظاريف مختومة في الموعد والمكان المحددين لقبولها، واجازت المادة السابعة من النظام للجهات الحكومية ان تعلن عن منافساتها في الوسائل الالكترونية، على اقراص الحاسب الالي المدمجة أو الأقراص المرنة التي يمكن فتحها وقراءتها واستكمال بياناتها، واشترطت المادة 15 من اللائحة التنفيذية الا يمكن تعديل محتوياتها، ويقوم المتنافس باعداد عرضه على النسخة التي استلمها، ويضع اسعاره على جداول الكميات، وتسليمها للجهة الحكومية ضمن وثائق عرضه الاخرى.

 

يعني استبعاد العرض ان يتم قبوله اولا من جهة الادارة وفتحه وتقديم تقرير عنه، اذ ان لجنة فتح المظاريف لا تملك صلاحية استبعاد العروض بناء على المادة27/هـ من اللائحة التنفيذية، ولهذا يجب ان تعامل جميع العروض معاملة واحدة اثناء الاستقبال والتحليل، وصلاحية الفحص واتخاذ القرار بالابقاء او اسبعاد العروض من صلاحيات لجنة فحص العروض. واستبعاد العرض يعني رفضه وعدم ادراجه في المنافسة بعد فتحه وتحليله، وقد نظم النظام ولائحته التنفيذية الحالات التي يمكن استبعاد العروض من خلالها يمكن تقسيمها الى نوعين شكلية وفنية.

 

اولا: الاستبعاد الشكلي للعروض:

يقصد بالاستبعاد الشكلي رفض العرض لعدم اكتماله، او لمخالفته للشكل الذي اقتضاه النظام، وهذا لا علاقة له بكفاءة المتنافس الفنية، ولا يستبعد العرض في هذه الحالة بسبب موضوعي له علاقة بالقدرة الفنية او المالية للمتنافس، ويمكن اجمال الاسباب الشكلية فيما يلي:

  1. 1.               اذا لم يقدم الوثائق والمستندات التي تشترطها اللائحة مع عرضه:

اشترطت المادة 22 /هـ من اللائحة التنفيذية ان يقدم المتنافس مع عرضه الوثائق والتراخيص الحكومية اللازمة التي تثبت تسجيله، وتصنيفه، ومجال تخصصه التجاري، اذ يلزم ان يرفق مع الاوراق نسخة من سجله التجاري، وشهادة الانتساب للغرفة التجارية، وشهادة تصنيف في مجال الاعمال المتقدم لها، وشهادة من مصلحة الزكاة والدخل تثبت تسديده للزكاة او الضرائب، وشهادة من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بتسجيل المنشأة في المؤسسة، فاذا قدم عرضه بدون احدى هذه الشهادات فانه يمنح مهلة قصيرة لاحضارها، فاذا اخفق استبعد عرضه.

  1. 2.               عند اجراء اي تعديل على الشروط والمواصفات وجداول الكميات:

اجازت المادة (20) من اللائحة التنفيذية للجنة فحص العروض استبعاد اي عرض يتضمن اجراء اي تعديل أو ابداء اي تحفظ على الشروط والمواصفات وجداول الكميات المعتمد من قبل الجهة الحكومية، او القيام بشطب أي بند من بنود المنافسة او مواصفاتها، والامر الذي يثير التساؤل هو استبعاد العرض الذي يتضمن تحفظا على الشروط والمواصفات لأن الواقع العملي يفترض الا يقبل المتنافسين جميع الشروط والمواصفات، اما لعدم صحتها، او لان تنفيذها فنيا غير ممكن، وكان هذا الأمر معمولا به في النظام السابق ولكن يبدو ان النظام الجديد يريد الغاء مبدأ التحفظ وبالتالي التفاوض لتدعيل هذا التحفظ فأجاز للجهة الادارية استبعاد العرض الذي تضمن تحفضا على الشروط والمواصفات.

  1. 3.               اغفال وضع أسعار لبعض البنود:

منحت المادة 32 / ا من اللائحة التنفيذية للجنة فحص العروض صلاحية قبول او

استبعاد العرض الذي اغفل صاحبه وضع اسعار لبعض البنود، فللجنة ان تستبعد العرض باعتبار انه ناقص وسيؤثر في الترتيب النهائي للأسعار لأن العروض الاخرى ستشمل اسعارها بنودا اكثر من العروض التي اغفلت بعض البنود، ولهذا فمن العدالة مساواة جميع المتنافسين بالتساوي بحيث يتم جمع اسعار جميع بنود المنافسة بحيث يتساوى الجميع في تعبئة جميع بنود الاسعار وعدم اغفال ايا منها، وللجنة فحص العروض ان تقبل العرض بشرط اعتبار البنود غير المسعرة محملة على القيمة الاجمالية للعرض، غير ان المادة 32 / ب من اللائحة التنفيذية استثنت عقود التوريد من هذه الصلاحية، اذ يعتبر النتنافس لم يقدم عرضا بالنسبة للاصناف غير المسعرة، وبالتالي سوف يستبعد عرضه ما لم تجز شروط المنافسة تجزئة العملية.

ونفس الحكم ينطبق على العرض المتضمن سعرا اجماليا وكانت الشروط والمواصفات تستلزم ان تقدم على الاسعار على اساس فئات، فللجنة استبعاد مثل هذا العرض لمخالفته لشروط المنافسة.

  1. 4.               الاخطاء الحسابية في الاسعار:

اجازت المادة 33 / د من اللائحة التنفيذية للجنة فحص العروض التوصية باستبعاد العرض اذا تجاوزت الاخطاء الحسابية في الاسعار اكثر من 10% من اجمالي قيمة العرض زيادة أو نقصا.

 

  1. 5.               اذا كان العرض مبنيا على تخفيض نسبة مئوية من اقل العروض:

قد يشرط بعض المتنافسين ان يخفض عرضه بنسبة معينة 20% مثلا عن اقل العروض ليحصل على المنافسة وعرضه سوف يكون بهذا الشرط اقل العروض، لذا ومن باب العدالة، والمساواة بين المتنافسين منعت اللائحة التنفيذية صراحة مثل هذا الشرط، اذ اجازت المادة 37 من اللائحة للجنة فحص العروض استبعاد العرض الذي يكون مبنيا على  تخفيض نسبة معينة من العرض المتضمن اقل الاسعار، وكنا نفضل لو كان الامر قاطعا بحيث يستبعد مباشرة من المنافسة بدلا من ان يكون الامر متروكا للجنة باستبعاد او عدم استبعاد مثل هذا العرض.

 

  1. 6.               اذا كان الضمان الابتدائي ناقصا:

على المتنافس ان يقدم مع عرضه ضمانا ابتدائيا يتراوح من 1% الى 2% من قيمته، وللجهة الادارية ان تستبعد العرض من المنافسة اذا لم يقدم صاحب العرض اصل خطاب الضمان الابتدائي، اذ لا يجوز للمتنافس وفقا للمادة 22 من اللائحة التنفيذية ان يقدم صورة او نسخة غير اصلية لخطاب الضمان، ونفس الحكم يجري على قيمة الضمان الابتدائي ومدته، اذ للادارة ان تستبعد الضمان الابتدائي الناقص مهما كانت نسبة النقص، كذلك تستبعد العرض اذا كانت مدة الضمان الابتدائي تقل عن تسعين يوما من التاريخ المحدد لفتح المظاريف مهما كانت مدة النقص طويلة ام قصيرة.

 

ثانيا: الاستبعاد الفني للعروض:

يقصد بالاستبعاد الفني رفض العرض لاحتمال عدم كفائته فنيا، والاستبعاد هنا موضوعي يتعلق بالقدرة الفنية للمتنافس على تنفيذ العقد، ويمكن اجمال الاسباب الفنية فيما يلي:

1. قبول العرض غير العادي :

العرض غير العادي Abnormal low bid هو العرض الذي يقل سعره عن اقل الأسعار المطروحة في المنافسة او عن السعر التقديري الذي تضعه الجهة الادارية للمنافسة، هذا الانخفاض في القيمة جعلت للعرض صفة تميزه عن العروض الاخرى. وقد حددت المادة (22) هذه النسبة ب 35% فاذا كان العرض يقل بنسبة 35% عن السعر السائد في السوق او عن التقدير الذي وضعته جهة الادارة فانه مع ذلك لا يجوز استبعاده من المنافسة بل يعامل من ناحية القبول والفتح مثل العروض الاخرى، بشرط اجراء تحليل مالي وفني للعرض ومناقشة صاحب العرض بشأنه فاذا وصلت لجنة فحص العروض الى قناعة بجدوى العرض فانه لا يجوز استبعاده من المنافسة، ولهذا فانه يعامل ابتداء معاملة تختلف عن العروض العادية الاخرى بحيث ينظر فيه الى الكفاءة الفنية والمالية فاذا كانت مقبولة اعطي الفرصة مثل العروض الاخرى ليدخل المنافسة لتحديد العرض المناسب لتنفيذ العقد، والا تم استبعاده.

 

2. اذا كان المقاول ينفذ عدداً من المشاريع في نفس الوقت:

اجازت المادة 23 من النظام للجنة فحص العروض التوصية باستبعاد اي عرض حتى لو كان اقل الاسعار اذا كان لدى صاحب العرض عدداً من المشاريع ورأت اللجنة ان حجم التزاماته التعاقدية اصبح مرتفعا بدرجة تفوق قدراته المالية أو الفنية مما قد يؤثر على تنفيذه لالتزاماته التعاقدية، غير ان هذه الصلاحية مقيدة بان تتأكد اللجنة من حجم التزامات المتنافس، وقدرته على تنفيذ كل العقود في وقت واحد، ومراحل ومستوى التنفيذ، و مقارنة ذلك مع خبرته الفنية، وقدرته المالية، فاذا تأكد لدى اللجنة باسباب قوية عدم قدرته على انجاز كل تلك العقود دفعة واحدة جاز لها ان توصي باستبعاده من المنافسة، وعليه فانه يجب ان تبني لجنة فحص العروض قرارها باقصاء العرض من المنافسة على تقرير فني يدعم قراراها بالاستبعاد، وغني عن البيان ان للمتنافس ان يطعن في قرار اللجنة.

 

3. العرض المتضمن اسعارا متدنية:

يقصد بالاسعار المتدنية الاسعار المقدمة من المتنافس باقل من السعر التقديري للمنافسة، والذي يفترض ان الجهة الادارية تضعه في اعتبارها عند طرح المنافسة، وهناك مؤشرات كثيرة تدل على السعر التقريبي للمنافسة مثل المبلغ المعتمد للمنافسة، وسعر المنافسة المماثلة، وسعر نفس المنافسة في العقد المنتهي او الذي اشرف على الانتهاء، الاسترشاد بالاثمان الاخيرة السابق التعامل بها، كذلك المقارنة مع سعر السوق، وقد قرنت المادة 37 / هـ تدني سعر المنافسة مع ضعف الامكانات الفنية للمتنافس، واشترطت على اللجنة ان تتأكد من اعتدال الاسعار التقديرية وتوافقها مع الاسعار السائدة في السوق وقت تقديم العروض، وان تتأكد من الخبرة الفنية والامكانات المالية لصاحب العرض، وهل سبق ان نفذ اعمالا مماثلة، ومقبلة صاحب العرض ومناقشته لايضاح الاسس والمعايير التي تم بموجبها تحديد اسعار العرض، فاذا اجمع رأي لجنة فحص العروض على ضعف امكانات صاحب العرض، وتدني الاسعار المقدمة منه مما قد يعيقه في تنفيذ العمل فان للجنة ان توصي باستبعاد العرض من المنافسة.

فاذا تم استبعاد عرض اي متنافس لأي سبب من الاسباب فان من حقه، وفقا للمادة 40 من اللائحة التنفيذية، ان يطلب ابلاغة كتابة باسباب استبعاده من المنافسة، وغني عن القول ان له ان يطعن في هذه الاسابا امام المحمكة المختصة.

د. إبراهيم محمد الحديثي

 

جامعة الملك سعود

alhudaithy@yahoo.com

23/5/1428 هـ

سعادة رئيس تحرير جريدة الرياض                             المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد

فهذه دراسة تحليلية لحالات استبعاد العروض في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد الصادر في 4/9/1427هـ حاولت فيها ان اسلط الضوء على الاحكام الجديدة التي تبناها نظام المنافسات بخصوص استبعاد العروض.

 

وتفضلوا بقبول وافر تحياتي وتقديري.

 

د. إبراهيم محمد الحديثي

 

 

جامعة الملك سعود