Skip to main content
User Image

أ.د. وليد الزامل

Professor

استاذ في قسم التخطيط العمراني

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2164
blog

بين الإشارة الغبية والذكية سنوات ضوئية!

الاشارة

توقفت في أحد الأيام عند إشارة مرور على طريق تجاري في مدينة الرياض.

عادة ما تكون الحركة المرورية في هذا الطريق سلسلة نوعا ما ويستغرق فتح الإشارة الضوئية الخضراء دقائق معدودة لتتحول إلى إشارة حمراء، حيث تم برمجة الإشارة المرورية لتتحول سريعا لكون الطريق منخفض الكثافة المرورية.

توقفت عند الإشارة الضوئية لأجد بعض المركبات في المقدمة تأخرت في السير وأصبح هناك تكدس في التقاطع يتزايد بشكل تراكمي وسريع، حيث تفتح الإشارة خضراء لدقائق معدودة ثم تتحول سريعا إلى اللون الأحمر وفي كل مرة يتضاعف حجم المركبات المتوقفة.

العديد من قائدي المركبات بدؤوا يشعرون بالتذمر فالازدحام والانتظار لفترات طويلة عند الإشارة المرورية يزيد من حالات التوتر لا سيما وأن المسارات الأخرى في التقاطع نفسه نراها شبه خالية والتكدس المروري يتركز في مسار واحد.

استمر الوضع كما هو، حيث يظهر اللون الأخضر ثم يختفي ليتحول سريعا للون الأحمر في مشهد من الاستفزاز الصارخ لقائدي المركبات! في الواقع، الإشارة المرورية لا تعرف حجم المشكلة، ولا يمكنها أن تستجيب لنداء قائدي المركبات الذين صبوا جام غصبهم على منبهات وأبواق السيارات دون توقف لنكون جميعا على موعد للاستماع لسيمفونية الإزعاج من تأليف وإخراج هذه «الإشارة الغبية».

تساءلت حينها عن أسباب عدم استخدام أنظمة نقل ذكية بشكل شمولي ولا سيما في المدن الكبرى؟ أبسط هذه الأنظمة هي استخدام الإشارات الذكية التي تعمل على أساس موائمة الإشارة الضوئية مع حجم التدفق الفعلي للمركبات وبالتالي الحد من الازدحام المروري وتقليص وقت الوقوف لقائدي المركبات.

تتخذ الإشارات المرورية الذكية تقنيات متعددة منها استخدام مستشعرات لتحديد عدد المركبات المتوقفة في التقاطعات، حيث يعطي النظام إشارة المرور الخضراء بشكل تلقائي حتى تمر جميع المركبات وبالتالي تفريغ الحركة المرورية وخاصة في أوقات الذروة، كما تعطي أولوية للمسارات المتكدسة على حساب المسارات قليلة الحركة لكونها قادرة على الاستجابة والتفاعل مع حجم وكثافة حركة السير.

الإشارات الذكية يمكنها أن تتزامن بشكل متتابع مع حركة المرور، حيث تتحول إلى إشارات خضراء وتسمح للمركبات بتخطي جميع الإشارات المتتالية طالما أنك تسير بالسرعة القانونية وبالتالي تقلل من فترات التوقف المتكررة.

وعلاوة على ذلك، تميز الإشارات الذكية عربات الإسعاف والإطفاء لتفسح الطريق أمامها بشكل تلقائي وهو ما يسهم في سرعة وصول المساعدات الطبية في حالات الطوارئ ومنع تصادم سيارات الإسعاف بأي مركبات أخرى لكون الإشارة الذكية تفتح في مسار واحد وتقفل تلقائيا في التقاطعات الأخرى وبذلك تحسن حركة المرور وتعزز مبدأ الأمن والسلامة.

لا يقتصر دور الإشارات الذكية على تنظيم وإدارة الحركة المرورية فحسب؛ بل زيادة أنظمة الأمن والسلامة للمشاة من خلال نظام ضوئي أرضي يتفاعل مع المشاة ويضمن نقاط عبور آمنة لهم في التقاطعات.

إن الاستثمار بأنظمة النقل الذكية بما فيها الإشارات الضوئية أو المواقف الذكية أو معابر المشاة يمكن أن يحسن من جودة الحياة حيث يقلل من الخسائر المادية الناتجة عن الاختناقات المرورية وطول أوقات الرحلات والحوادث المرورية.

وفي الختام، أتمنى أن يكون التحول لأنظمة النقل الذكي وتطوير البنية الحضرية الذكية يوازي سرعة التحول التقني والمعلوماتي الذي نشاهده اليوم وبشكل يعزز من توظيف التقنية في خدمة الإنسان والارتقاء بجودة الحياة.

https://makkahnewspaper.com/article/1592062