لتكن ناجحاً- 4 أَحْسِنْ خُلُقَك
لتكن ناجحاً أخي القارئ دعني أقول لك وبكل قوة (أَحْسِن خُلُقَك) وذلك لما في حسن الخلق من التأثير الكبير في نجاح الفرد في أمور الدين والدنيا ، بحسن الخلق تحسن علاقة الفرد بربه وتحسن علاقته بمن حوله من الناس وبالتالي يكون محبوباً بينهم وهذا من مظاهر النجاح في العلاقة الاجتماعية مع الآخرين ، وإن نبينا محمداً (صلى الله عليه وسلم) حقق القدر العالي من النجاح في هذا الجانب فلقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليه فقال {وإنك لعلى خلق عظيم}. والخلق العظيم الذي أثنى الله به عليه هو أدب القرآن الكريم الذي ظهر في منطقه (صلى الله عليه وسلم) ، وفي مسلكه ، وفي معاملاته للقريب والبعيد، وفي رفقه بأمته وإكرامه إياهم ، وفي سعة صدره وحلمه ، وفي سهولة طبعه ، وانبساط وجهه للناس ، وفي إقباله على محدثه بذوق رفيع وأدب عالٍ ، كما ظهر الخلق العظيم في عفوه عند القدرة ، وفي صلته من قطعه ، وفي تواضعه للفقير والمسكين ، والأرملة واليتيم، كما ظهر الخلق العظيم في مشاركته (صلى الله عليه وسلم) أهله في مهنتهم ، ورفقه بخدمه ، ومعاونته بنفسه في أعمالهم ...فقد جمع الله عز وجل لنبيه في نفسه العظيمة كل محاسن الآداب ، ومكارم الأخلاق .
أيها القارئ الكريم إن النجاح الحقيقي على مستوى الفرد والمجتمع مقترن بحسن الخلق ، وإن الفشل إنما يكون إذا ساء الخلق ، لذا فقد بنى الإسلام للأخلاق الكريمة، الصرح العالي ، وجعل الأخلاق الكريمة من أسباب رحمة الله للمؤمن ، وقربهم من حبيبه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) كما في الحديث : ( ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق ، وإن الله تعالى يبغض الفاحش البذي ) وسئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال : (تقوى الله وحسن الخلق) . أي نجاح أكبر من بلوغ مرضاة الله ودخول الجنة .
ومن حسن الخلق الكرم والسخاء والبشر وطلاقة الوجه ، وكف الأذى ، واحتمال ما يكون من الناس ، وكظم الغيظ لله . ولين القول ، وكل عمل من أعمال المروءة .
جاء رجل يسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يعلمه شيئاً ينفعه الله به ، فقال له : ( اتق الله ، ولا تحقرن من المعروف شيئاً ، وأن تلقى أخاك بوجه منبسط طلق ، وأن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وإن امرؤ سبك بما لا يعلم منك فلا تسبه بما تعلم فيه ، فإن الله جاعل لك أجراً ، وعليه وزراً ، ولا تسبن شيئاً مما خولك الله تعالى )) .
قال الرجل فوالذي نفسي بيده ما سببت شاة ولا بعيراً . أخي القارئ أقول لك : إذا أردت النجاح فعليك بحسن الخلق، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا حسن الخلق لندرك النجاح في الدنيا والآخرة.
أ.د. سليمان بن قاسم العيد
رئيس قسم الثقافة الإسلامية
بريد su1418@hotmail.com