تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

د. وليد بن سعد الزامل

Associate Professor

استاذ مشارك في قسم التخطيط العمراني

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2164
مدونة

من المسؤول عن برميل الزبالة؟!

اتفق سكان الحي جميعا على التعايش في وئام وسلام مع مشكلات الحي السكني، بما فيها عدم توافر مسارات مشاة آمنة، وضعف الترابط بين مكونات الحي السكني، ونقص الخدمات الترويحية ومواقف السيارات، إلا أن مشكلة واحدة بقيت مستعصية على سكان الحي، ولم يتفقوا على حلها، وهي برميل الزبالة! نعم، أين نضع هذا البرميل، ومن المسؤول عنه؟.

يخرج أحد الأبناء من المنزل بوجه عابس حاملا معه كيسا بلاستيكيا أسود مليئا بالنفايات، مُرغما على إخراجه كل يوم، ويقوم بإلقائه دون اهتمام ليسقط في فوهة البرميل، أو يتهاوى جانبا لتخرج منه بقايا الوجبات الدسمة، وتكون طعاما شهيا لقطط الحي.

وفي الجانب الآخر، يعود الأب من العمل ليوقف سيارته سريعا ويتطاير من عينه الشرر، لأن هذا البرميل أصبح محاذيا تماما لمنزله. يرفس البرميل رفسة واحدة، ورفستين، وثلاث، حتى يتدحرج إلى منزل جاره، وربما يسقط بالضربة القاضية، وتخرج منه كل النفايات في عرض الشارع.

لسان حاله يقول: ليس المهم ذلك، الأهم ألا يبقى هذا البرميل بجانب منزلي!. في المساء، يخرج الجار من المنزل ليرى هذا المشهد المأساوي والنفايات ملقاة على جانب منزله، فيشتاط غضبا ليس لوجود النفايات في عرض الشارع، بل لأن البرميل شبه الخاوي أصبح قريبا من منزله. تجتمع الحشرات والقوارض، فالقطط ثم الكلاب الضالة، ليكتمل عقد السلسلة الغذائية من الكائنات الحية التي تترابط معا في علاقة غذائية مكتملة الأركان.

يأتي عامل النظافة ليتحمل عبئا إضافيا يتمثل في إبعاد القطط وجمع النفايات الملقاة وإعادتها داخل البرميل، ثم نقل البرميل داخل حاوية العربة، وهكذا كل يوم على المنوال نفسه. إن تنظيم وإدارة النفايات البلدية يعد إحدى المسؤوليات التي تضطلع بها الجهات البلدية في المدن، وتتضمن هذه العملية توضيح آلية جمع النفايات المنزلية والطرق الصحيحة لنقلها، ثم التخلص منها بشكل صحي وآمن، أو إعادة تدويرها.

وتزداد كمية النفايات المتولدة من المنازل، ولا سيما في الأحياء السكنية التي تم تطبيق إجراءات تقسيم الأراضي وفرز الوحدات السكنية، حيث معدلات الكثافة السكانية ترتفع في هذه الأحياء، وهو ما يؤثر سلبا على كمية النفايات المتولدة. ويشير تقرير مسح البيئة المنزلي لـ2019، الصادر من الهيئة العامة للإحصاء، أن كمية النفايات المتولدة في المنازل على مستوى المملكة العربية السعودية يبلغ 6.5 ملايين طن، في حين تبلغ كمية النفايات المفرزة منها 12,973، أي ما يعادل 0.3% من إجمالي كمية النفايات المنزلية المتولدة.

وعلاوة على ذلك، يتم التخلص من 68% من النفايات المنزلية بشكل يومي، وتشكل المخلفات العضوية والزجاجية والبلاستيكية الغالبية العظمى من نسبة النفايات المتولدة من المنازل. كل هذه النفايات توضع في هذا البرميل المسكين الذي ليس له صاحب. فمن جهة الكل يحتاجه ويبحث عنه وقت الأزمات، ولكن على النقيض، لا أحد يقبل أن يكون هذا البرميل محاذيا لمنزله أو حتى قريبا منه.

إن وسائل التوعية التقليدية لن تكون كافية للوصول إلى إدارة فاعلة للنفايات البلدية، لذلك لا بد من وجود وسائل تحفيزية لإشراك المجتمع في فرز وتصنيف النفايات المنزلية من المصدر، وإعادة بيعها لشركات إعادة التدوير، وستعمل هذه المبادرة على تحويل النفايات من مواد مهملة إلى مواد ذات قيمة اقتصادية.

كما يمكن أن تقوم إدارات المدن بنشر أجهزة Reverse vending machine في الأماكن العامة، كالمطارات أو الأسواق الكبرى، وهي أجهزة تمنح مقابلا ماليا (كاش) عن النفايات البلاستيكية أو الزجاجية. عندئذ سيتحول برميل الزبالة من برميل مهمل إلى مصدر اقتصادي للحي السكني.

https://makkahnewspaper.com/article/1599873