تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

أ.د. وليد بن سعد الزامل

Professor

استاذ في قسم التخطيط العمراني

كلية العمارة والتخطيط
مبنى رقم 32 - الدور الثاني - مكتب رقم 2164
مدونة

الكوارث الطبيعية بين التخطيط والارتجالية!

الكوارث الطبيعية

الكارثة هي خطر طبيعي أو من صنع الإنسان، يسهم في التدمير الكلي أو الجزئي للاقتصاد والبيئة والموارد المادية.

وغالبا ما تتجاوز الكوارث قدرة الدول أو المجتمعات على التعامل معها باستخدام مواردها الذاتية، وهي بذلك تحتاج دعما ومساندة دولية.

لقد شهدت عدد من الدول المجاورة خلال الأسبوع الماضي زلزالا مدمرا قدرت شدته بأكثر من 7 درجات، وخلف كثيرا من الضحايا والتلفيات والخسائر الاقتصادية، وكان الأسوأ منذ عقود زمنية طويلة.

الإشكالية أن مثل هذه الكوارث الطبيعية لا يمكن التنبؤ بها بشكل دقيق، ولكن هذا لا يعني عدم الاستعداد لمواجهة الكوارث أو المخاطر الطبيعية أيا كانت.

أتذكر في مرحلة الدكتوراه درست مقررا بعنوان «التخطيط والكوارث» ويتطرق المقرر إلى المفاهيم الأساسية في إدارة الكوارث والأبعاد الإنسانية والاجتماعية لها، والأساليب التحليلية، بما فيها التقييمات المختلفة قبل وبعد وقوع الكارثة، وسياسات الدول وبرامج المساعدة للتخفيف من حدة الكوارث والتعافي منها. اليوم، تتزايد الكوارث في جميع أنحاء العالم ويتطلب من المخططين العمل على تطوير مجتمعات عمرانية مستدامة وقادرة على مواجهة الكوارث، والتخفيف من آثارها والتعافي منها، لكن القيام بذلك يتطلب منا أن نفهم كيف تؤثر الكوارث على المجتمعات المحلية في المقام الأول؟ وكيف يمكن إدارتها في الماضي، وما إيجابيات وسلبيات التعامل مع الكوارث؟.

التخطيط هو عمل منهجي منظم قائم على أساس تحليل المدخلات كافة، وبناء تصور مستقبلي قابل للتنفيذ باستخدام الموارد المتاحة. وفقا لذلك، فإن تعاملنا مع الكوارث دون تحليل منهجي لقواعد البيانات وتقييم القضايا المادية والاجتماعية والبيئية، يعد إجراءات ارتجالية ولا تنتمي للتخطيط!.

إن رسم تصور استراتيجي حول التدابير المتخذة في التخطيط يعتمد على بناء قاعدة بيانات كمية ومكانية تتضمن معدلات الكوارث، ومناطق الكوارث، ومعدل الخسائر المادية والبشرية، غالبا ما ترتبط هذه البيانات بالخرائط التي تعرض أكثر المواقع الخطرة أو تلك المعرضة للمخاطر المحتملة، ويمكن تخفيف الآثار السلبية على السكان والبيئة خلال المراقبة البيئية، وتحليل المخاطر المحتملة، وبناء خطط للمستقبل، والاستعداد المبكر.

ولعلي ألخص أبرز المبادئ الرئيسة للتخطيط في مواجهة الكوارث الطبيعية على النحو التالي:
أولا: تحديد المصدر المادي للكارثة، ونعني به نوع الكارثة سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان.
ثانيا: تقدير الأثر المادي للكارثة والذي يشمل الشقوق الأرضية وتدمير البنية الحضرية، والغطاء النباتي.
ثالثا: تقييم تكلفة الأثر المادي للكارثة، فعندما نقوم بتقييم الكارثة المادية فإننا نقرر أن آثار الكارثة ملحوظة. وعليه لا يمكننا تحديد إطار واضح لمفهوم الكارثة مهما حدث، طالما أننا لم نقيم حجم الأثر المادي.
رابعا: تحديد حجم الاضطرابات الاجتماعية الناتجة من الدمار المادي، حيث يصاحب الكوارث حالات كالوفيات والإصابات والتهجير والمعاناة النفسية. ومع ذلك، ليس بالضرورة أن يكون التدمير المادي مرتبطا بالتدمير الاجتماعي، فقد يحدث زلزال قوي في منطقة غير مأهولة بالسكان.
خامسا: إدخال البيانات وربطها مكانيا خلال خرائط تأخذ في الحسبان معدل تكرار الكارثة والتوزيع المكاني لها.
سادسا: بناء خطة لمواجهة الكوارث الطبيعية توضح التدابير المتخذة قبل وقوع الكارثة، وأثناء الكارثة، وبعد الكارثة.

ختاما.. تبدو الحاجة ماسة إلى إنشاء مركز وطني لتبادل المعلومات حول الكوارث الطبيعية كمصدر للمعلومات، يساعد على تطوير خطط استراتيجية لمواجهة المخاطر والتخفيف من آثارها.

https://makkahnewspaper.com/article/1583493