لتكن ناجحاً -6 استثمر عقلك
أخي القارئ إن استثمار العقل من أهم الطرق التي تؤدي إلى النجاح، فالذي لا يستثمر عقله بشكل صحيح لن يصل إلى النجاح وهو من الفاشلين ، حاله حال من وهبه عينين لا يستفيد منها في الإبصار بشكل صحيح ، وكذلك من وهبه أذنين لا يستفيد منها في السمع بشكل صحيح، ومثلهم من وهبه الله يدين ورجلين لا يستفيد منها بشكل صحيح. ولقد حث الله سبحانه وتعالى على استثمار العقل والاستفادة منه في أمور كثيرة، فدعاه إلى التفكر في حقيقة هذه الدنيا وما فيها من نعيم قال تعالى : {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }. فالإنسان إذا تفكر في عقله فإنه يدرك أن هذه الدنيا مهما تزخرفت وتزينت لا تعدوا أن تكون مجرد لهو ولعب ، وإن النعيم الحقيقي والراحة الحقيقية هي ما عند الله سبحانه وتعالى في الدار الآخرة ، فيدعوه ذلك التأمل والتفكير إلى السعي لطلب ما عند الله سبحانه وتعالى . وها هي دعوة أخرى من المولى سبحانه وتعالى للتأمل في ما أمر بالله ونهى عنه فقال : {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }. لا بد من التفكر والتأمل في أن ما أمر بالله الشارع الحكيم هو صلاح للبشرية على مستوى الفرد والجماعة ، وكذلك ما جاء النهي عنه في الشرع المطهر، وإن العقول السليمة تدرك هذا بطبعها. كما أن الله سبحانه وتعالى أمر بالتفكر والتأمل في مصير من سلف من البشر من الأمم وما ظهر من تاريخهم من آيات وعبر ، وقد أخبرنا سبحانه عن مصير بعض منهم حين قال : {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } . ولقد وجه رسولنا الكريم باستثمار العقل في اجتناب المحرمات حين سأله رجل عن البر والإثم ، فقال: (البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس). فالعاقل الناجح هو الذي يستثمر عقله قبل الإقدام على الأمر فيفكر فيه إن كان خيراً أقدم ، وإن شراً أحجم . وتأمل معي أيها القرئ الكريم كم هم الناجحون الذين استثمروا عقولهم في موقف في المواقف كان ذلك سبباً لنجاحهم، فخذ على سبيل المثال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عندما استثمر عقله في التفكير في آيات الله لما سمعها قبل إسلامه أدى به ذلك إلى التحول من الكفر إلى الإسلام، فانتقل من الفشل إلى قمة النجاح . وكذلك الطفيل بن عمرو الدوسي وغيرهم . وكم هم الذين قادهم استثمار عقولهم إلى نجاح في اكتشافات واختراعات انتفعت بها البشرية ، قبل أن أودعك أخي القارئ أقول لك : لتكن ناجحاً (استثمر عقلك) وفقك الله للنجاح في كل شؤونك .
أ. د. سليمان بن قاسم العيد