تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
User Image

أ. د. راشد بن حسين العبد الكريم

Professor

قسم المناهج وطرق التدريس

التعليم
0000
مدونة

بعض الاستفسارات حول نظريات التعلم والتدريس

بعض الاستفسارات حول نظريات التعلم
 أرسل إلي بعض الزملاء استفسارات حول نظريات التعلم وعلاقتها ببناء المنهج، فأجبته بما أعلم، فأحببت أن أنشرها، لعله يكون في نشرها فائدة.
1- بياجية ونظريته البنائية هل تصنف من ضمن النظرية المعرفية المجالية الإدراكية أم النظرية البنائية الاجتماعية، أم هي وسط بينهما؟
فيما يظهر لي أن نظرية بياجيه امتداد (أو وريث طبيعي) للنظرية المعرفية الإدراكية (الجشطالت) .. وهي في نفس الوقت تتداخل مع البنائية الاجتماعية . وقد يصح القول - إلى حد ما - بأنها وسط بينهما. وبشكل عام حتى البنائية الاجتماعية قد تصنف ضمن النظريات المعرفية الإدراكية .. بمعنى أنها لا تسير في التوجه السلوكي، بل تعد انفصالا عنه.
 2- تركز النظرياتان المعرفية والبنائية الاجتماعية على المعرفة بشكل كبير, وكأنها تهمل المجال المهاري والوجداني, هل هي تفصل بين التعلم والتدريب؟
لا أظن هذا صحيحا، خاصة فيما يتعلق بالبنائية الاجتماعية. ربما البنائية المعرفية ركزت على العمليات العقلية بسبب توجهها الرافض للسلوكية، لكن لا يعني هذا أنها لم تهتم بالمهارات، لكنها ركزت على المهارات العقلية (مهارات التفكير) .. أما البنائية الاجتماعية فهي لم تهمل المهارات لكنها ركزت على المعنى الكامن خلف المهارات وتعلمها - من جهة - ومن جهة أخرى ركزت على الأثر الاجتماعي التفاعلي في بناء المهارات. وبشكل عام – وعلى خلاف الوضع في السلوكية والمعرفية – البنائية الاجتماعية لا تميل إلى تجزئة النظر إلى عملية التعليم، بل تميل إلى النظرة الشمولية لعمليات التعلم.
 3- كيف يمكن تصميم التعليم في ضوء البنائية مع أنها لا ترى تحديد مسبقا للأهداف والمحتوى, بمعنى هل يمكن بناء منهج متكامل في ضوء البنائية فعليا أم مجرد الإفادة من تطبيقات البنائية؟
ليس صحيحا أن البنائية الاجتماعية لا ترى تحديد الأهداف. فهي ترى ضرورة الأهداف لكن تختلف عن السلوكية بشكل واضح وعن المعرفية (إلى حد ما ) من حيث دقة الأهداف والتفصيل فيها والتركيز على مجال واحد منها. فالسلوكية (وإلى حد ما المعرفية) تركز على أن تكون الأهداف دقيقة ومحددة، ويركز السلوكيون على صياغتها على شكل سلوك والمعرفيون على شكل عمليات عقلية. أما البنائية الاجتماعية فتميل إلى جعلها عامة (يفهم .. يدرك .. يقدّر ....) ولو كان قياسها صعبا .. ويبحثون عن حل هذا الإشكال في التقويم كما سيأتي في س 4
فالتصميم ممكن لكن الصعب هو بناء نموذج واحد .. لأنهم لا يرون أن هناك نموذجا صالحا لكل موقف (بخلاف السولكية والمعرفية).
أما المحتوى، فأيضا البنائية ترى ضرورة تحديده على شكل مفاهيم أو اسئلة عامة أساسية، لكنهم لا يميلون إلى تفصيله التفصيل السلوكي أو المعرفي. الذي يتساهلون في تحديده هو استراتيجيات التدريس. فالبنائية الاجتماعية لا تتبنى نموذجا محددا، بل ترى الاستفادة من كل النماذج ضمن المحددات التدريسية التي يطرحونها.  
 
4- كيف يمكن الحكم على حدوث التعلم لدى المتعلم في ضوء النظرية المعرفية والبنائية؟
لأن الأهداف عندهم يجب أن يكون فيها شيء من العمومية لجأ البنائيون إلى ما أسموه (التقويم البديل) .. بحيث أنهم يستخدمون كل ما يمكن أن يعطي تغذية راجعة عن أداء الطلاب - وليس فقط الاختبارات التقليدية .. وليس فقط المعارف - كما في المعرفية _ أو المهارات كما في السلوكية. فلذلك وظفوا الذكاءات المتعددة، حتى يمكن الوصول باي طريقة إلى أي نوع من أنواع التعلم، ووظفوا الملف التراكمي (البورتفليو) وجدول تدرج الأداء (الروبرك)، والتقويم الأصيل/ الحقيقي ليكون الحكم أكثر دقة على التعلم الفعلي الذي "بناه" المتعلم.
فالتقويم (أو الحكم على حدوث التعلم) عند البنائية أكثر صدقا وأوسع مدى .. لكنه قد يكون أصعب !
 
5 - هناك من يرى أن البنائية نظرية في المعرفة وليست في التعلم, وهناك من يراه يعالج الاثنين المعرفة والتعلم , ما الأصح في ذلك؟
المعرفة جزء من التعلّم (أو بينهما تداخل عند النظرة الابستمولوجيه)، فالبنائية الاجتماعية نظرية في المعرفة ونظرية في التعلم. لكن قد يقال إنها ليست نظرية في التعليم (التدريس). وهذا صحيح. فهي نظرية في المعرفة وفي التعلم ، لكنها ليست نظرية في التعليم/ التدريس .. ولذلك يجد بعض التربويين صعوبة في تقبلها، لأنها – بخلاف السلوكية والمعرفية - لا تحدد لهم بالضبط ما الذي يجب عمله.
 6- نظرية أبحاث الدماغ هل يمكن أن تعد رابع نظريات التعلم في الوقت الحاضر؟
مع أني لست مطلعا على الموضوع بشكل واسع، لكن لا أظن أنه يمكن أن تعد نظرية تعلم مستقلة، على الأقل إلى الوقت الحاضر، فنتائجها غالبا تعزز مقولات موجودة في إحدى النظريات الثلاث المطروحة (السلوكية/ المعرفية/ البنائية) ، ولا تطرح مفهوما جديدا في التعلم بحيث يمكن عدها توجها جديدا في النظر للتعلم.